معطيات تقرير مكتب تابع للأمم المتحدة تقول إن عمليات هدم الاحتلال لمنازل الفلسطينيين في منطقة الغور المحاذية للأردن قد زادت إلى الضّعف عام 2013 . على نحو محدد، هدم المحتلون 663 منزلاً فلسطينياً في المنطقة خلال سنة، أي ما يعني هدم منزلين يومياً . 1103 فلسطينيين فقدوا مآويهم نتيجة هدم منازلهم وأصبحوا في العراء، في حين أن الصليب الأحمر توقّف عن تأمين خيم الطوارئ لهم .
الهدم “الإسرائيلي” الممنهج لمنازل الفلسطينيين أو مصادرتها أسوة بمصادرة الأرض يندرج في إطار سياسة تعبر عن جوهر المشروع الصهيوني في فلسطين والوطن العربي، القائم أساساً على الاستيطان كواحدة من أدوات الاحتلال لإنهاء الوجود الفلسطيني تدريجياً وفق قاعدة “مصادرة - طرد - استيطان”، وهي السياسة ذاتها التي قامت عليها الحركة الصهيونية، وما زالت سارية المفعول على نحو متصاعد ومنظم ومتنقل من منطقة إلى أخرى، وأحياناً بالتزامن .
إذا كانت منطقة الغور تحظى بتركيز أكثر في الفترة الأخيرة، فإن لذلك علاقة مباشرة بأن هذه المنطقة تشكل بقعة ضوء وتركيز في التحرّك الأمريكي، وما يجري تداوله حول مقترحات ضمّنها جون كيري مبادرته للتسوية . هذه المقترحات تتضمن عرضاً بوجود عسكري أمريكي على طول منطقة الغور، لامتصاص المخاوف الأمنية “الإسرائيلية” المزعومة، في حين أن قادة الكيان يجاهرون برفض تسليم مهمّة الأمن لأية جهة باستثناء جيشهم، رافضين بالتالي الاقتراح الأمريكي، وهذا يعني ضمناً وصراحة رفض مقترح السلطة الفلسطينية القابل بتواجد أطلسي في المنطقة .
في مطلق الأحوال، فإن سياسة وضع الدوائر حول منطقة هنا أو هناك في فلسطين، تهدف إلى شطب القضية الفلسطينية قضيةً وطنيةً، والتعامل معها بمنطق عقاري مجزأ، وهي سياسة جربت في اتفاق اوسلو، حيث تم تقسيم أرض الضفة الفلسطينية أبجدياً على أساس السيطرة المدنية أو الأمنية أو كلتيهما . وحتى المناطق التي صنفت على أساس أنها تابعة أمنياً للسلطة الفلسطينية، فرضت “إسرائيل” واقعاً يعطي السلطة وظيفة خدمية بعيداً عن الاستقلال والسيادة، إذ إن الأرض غيّبت من التسوية، وجرى التعامل مع القضية برمتها على أساس كيفية حكم الفلسطينيين، والمواءمة بين الحكم المباشر وغير المباشر، وكانت الآلية التي اتبعت على المعابر صورة مصغّرة عن هذه المواءمة، حيث يتعامل الفلسطيني المغادر أو القادم على المعابر مع موظفين فلسطينيين، في حين يوجد ضباط الاحتلال خلف زجاج أسود من جهة واحدة، يمكّنهم من رؤية كل شيء، ومن خلال جارور يستقبلون جوازات السفر ويختمونها .
إذا أراد الفلسطينيون عدم مواصلة التجديف في بحر التجريبية إلى ما لا نهاية، فإن عليهم أن يتعلّموا من تجربة “أوسلو” نفسها، فهي ورقة عباد الشمس التي تكشف الحوامض، وهي التي أظهرت عبر عشرين سنة الشكل النهائي الذي تريد “إسرائيل” أن تكون التسوية عليه، والسقف الاعلى الذي تتيحه عقليتها العنصرية الاستعلائية ومشروعها الاستيطاني في جوهره . إنه مشروع مرفوض من الغالبية المطلقة للشعب الفلسطيني، ولا يحظى بالتفاعل سوى من فئة طفيلية فلسطينية تبحث عن مكاسب شخصية وطبقية على حساب قضية شعبها .
ليس أمام الفلسطينيين حيال ما يحدق بقضيتهم من أخطار على الأرض وجبهة المشاريع التصفوية، سوى العودة إلى أنفسهم واستعادة الوحدة الوطنية وإنها الانقسام المدمّر، حتى لا يحاسبهم التاريخ .
السبت 8 شباط (فبراير) 2014
جوهر المشروع الصهيوني
السبت 8 شباط (فبراير) 2014
par
أمجد عرار
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
14 /
2165551
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
15 من الزوار الآن
2165551 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 29