الخميس 13 شباط (فبراير) 2014

كيري وبروتوس اليهودي

الخميس 13 شباط (فبراير) 2014 par خيري منصور

لم يعد صَدْرُ الدبلوماسية الأمريكية يتسع لما يصدر عن الدولة العبرية من إهانات تصل حد التوبيخ للوزير كيري . فقد وِصُفَ أكثر من مرة بأنه مجرد قط يموء وبأنه مُعادٍ للسامية . ولم يكن كيري أول وزير خارجية أمريكي يتعرض لمثل هذه الحملة من الهجاء السياسي، ونادراً ما سلم سابقوه ممن شغلوا المنصب ذاته من مثل هذه الحملات، حتى هنري كيسنجر الذي انحاز بكل عواطفه لتل أبيب وِصُف ذات يوم بأنه مجرد يهودي صغير .
وقد تولت مستشارة الأمن القومي سوزان رايس الرّد على الاتهامات الموجهة إلى دبلوماسية بلادها، ربما لأنها كانت مرشحة لمنصب وزير الخارجية وكان سيحدث لها ما يحدث لكيري الآن .
بالطبع هناك جناح في تل أبيب يسعى إلى الحد من هذه الحملة، وبالتالي تطويقها لقناعة من يمثلونه بأن أمريكا هي الحليف الأقوى والأبقى لأنها طالما أعلنت أن أمن “إسرائيل” جزء حميم وعضوي من أمنها القومي، وقد لا يستطيع هذا الجناح إنجاز مهمته في إسكات الأصوات الشاجبة للوزير كيري لكنه يقدم توازناً ما يخفف من الضيق الأمريكي .
وثمة شبه إجماع في الأوساط اليهودية حول الخصومة التي استفحلت بين نتنياهو والرئيس أوباما، رغم أن المظاهر البروتوكولية للقاءاتهما تحاول أن تحجب ذلك منذ أحس أوباما بأن نتنياهو كان شديد الانحياز لغريمه الانتخابي رومني .
هذا بالرغم من أن السياسة لا تخضع لمثل هذه العوامل ولا تكون الشخصنة فيها بديلاً للاستراتيجيات والمصالح القومية .
لكن ما يحدث في مثل هذه الحالات هو بث مناخ بارد ينعكس على العلاقات الثنائية ما يوفر حاضنة ملائمة لترجيح موقف على آخر حتى لو كان ذلك في حدود ضيقة .
والسؤال المتكرر في كل سياق كهذا هو ما الضرر الذي ألحقته الدبلوماسية الأمريكية بتل أبيب؟ هل هو الموقف من الاستيطان الذي يحول استمراره وتصاعده دون تسهيل الرعاية الأمريكية للمفاوضات مع الفلسطينيين؟ أم أن أمريكا هي ذاتها التي تغيرت ولو بعيار نسبي؟
ما يراه بعض المحللين في الدولة العبرية ومنهم حيمي شيليف هو أن ما توصلت إليه واشنطن من تفاهمات مشروطة مع إيران جاء على حساب “إسرائيل”، وما يثير القلق ليس ما أنجز حتى الآن أو ما هو قيد الإنجاز، المقلق الفعلي لتل أبيب هو أنها لم تعد قادرة على فرض أجندتها على واشنطن، وقد تكون الحرب على العراق هي نموذج لهذا الفرض الذي دفعت أمريكا ثمنه غالياً، بحيث بدأت تنحسر وتعيد النظر في أولوياتها .
إن ما يُنشر في الصحف العبرية ومن خلال وسائل التواصل ضد الوزير كيري وأحياناً ضد الإدارة الأمريكية بلغ حدّ التطاول العلني والتمادي المتجاوز للاتيكيت، ما دفع الكاتب حيمي شيليف إلى القول إنه ما من كلمة في اللغة العبرية مُرادفة لكلمة اتيكيت .
والحقيقة أن الضيق الذي بدأت تشعر به الدبلوماسية الأمريكية له أسباب أخرى غير هجاء الوزير كيري، خصوصاً بعد ظهور أصوات أمريكية ترى أن الدولة العبرية أصبحت عبئاً سياسياً واقتصادياً وأخلاقياً على الولايات المتحدة .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2165437

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165437 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010