الجمعة 14 شباط (فبراير) 2014

مشكلات العالم نتاج السياسات

الجمعة 14 شباط (فبراير) 2014

تعصف بالعالم مشكلات كثيرة أبرزها القضايا الاجتماعية والتغير المناخي . وهي مشكلات لم تتولّد من فراغ، أو تنجم عن أسباب موضوعية لا علاقة لفعل الإنسان فيها . فالتظاهرات والاضطرابات التي أصبحنا نشاهدها حتى في البلدان المتقدمة احتجاجاً على البطالة أو الفقر تعبير عن فشل بنيوي في السياسات التي تفرضها البلدان أو المنظمات الاقتصادية الدولية . فالبطالة تستمر بالرغم من وجود نمو اقتصادي، والفقر يتعمق أو يتواصل بالرغم من تزايد الثروات .
فالكعكة على حالها أو إذا كبرت أصبح يرافقها تركز في الثروات . فالبعض يزداد دخله وتتعاظم ثروته وهو القلة القليلة، بينما تتجمّد دخول الكثرة أو حتى أنها تتناقص . ولا يمكن عزو ذلك إلا إلى حقيقة واحدة، وهي أن السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تفرضها القلة تؤدي إلى هذا الاختلال في توزيع الدخول والثروات . وهذا ينطبق أيضاً على التغيرات المناخية التي لا يؤكدها معظم العلماء فحسب، وإنما أصبح الإنسان العادي يشاهد نتائجها، ليست نتاج ظروف موضوعية متعلقة بالطبيعة نفسها، وإنما هي ناجمة عن ظروف خلقتها أفعال الإنسان نفسه .
فطرز الإنتاج والاستهلاك تفرز عوامل تؤثر في البيئة . وهذا يجري على المستوى الكلي، وعلى المستوى الجزئي على حد سواء . فطرق الإنتاج، وأنماط الاستهلاك الحالية تزيد من الانبعاثات التي تؤدي إلى الاختلال المناخي . كما أنها تؤدي بطرق أصبحت الدراسات تفصح عنها أكثر فأكثر إلى الأمراض الخطرة . فهذه الدراسات المختلفة تؤكد أن طرق وحجم الاستخدام للمواد الكيماوية للإنتاج الزراعي والصناعي تنفث سموماً تؤدي إلى اختلال صحة البشر .
هذه كلها وما ينجم عنها ليست منبتة الصلة عن السياسات الحكومية والدولية، وإنما هي تقع في صلبها . فوجود السياسات يؤدي إلى هذه الاختلالات أحياناً وغياب السياسات الرشيدة حولها يؤدي إليها أحياناً أخرى . وهذا الاختلال المناخي أو الاقتصادي يؤدي إلى اختلالات اجتماعية ليس داخل البلدان فحسب وإنما بين البلدان أيضاً . فلم يعد الموضوع متعلقاً بتحديد المشكلات وجوهرها، فهذا أصبح معروفاً إلى حد كبير، وإنما ينبغي التركيز على الأسباب الحقيقية لأنها هي التي ترسم خريطة الطريق لطرق مواجهتها وحلّها .
فالمساعدات التي تعطى مثلاً للبلدان النامية لا تحل المشكلات وإنما تفاقمها، فكأن البلدان الغنية تقول للبلدان الفقيرة إن مشكلاتها ناجمة عن ذواتها وليس عن السياسات التي تفرض عليها من خارجها، ولا خيار لها إلا اتباعها . وبهذه الطريقة تظهر البلدان الكبرى بمظهر المحسن وليس المسبب لكثير من مشكلات البلدان الفقيرة الاقتصادية والاجتماعية . وهذه طريقة قد تنفع للتحايل على المشكلة ولكنها ستفاقمها .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 8 / 2166078

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2166078 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010