الجمعة 21 شباط (فبراير) 2014

الروس عائدون .. عبر البوابة المصرية!!

الجمعة 21 شباط (فبراير) 2014 par سامي حامد

زيارة المشير عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع المصري لموسكو وبصحبته وزير الخارجية نبيل فهمي أثارت العديد من ردود الأفعال داخل مصر وخارجها، سواء على المستوى الإقليمي أو المستوى الدولي وفتحت الباب على مصراعيه أمام المحللين السياسيين ليدلوا بدلوهم حول أبعاد هذه الزيارة ونتائجها وانعكاساتها على العالم بشكل عام وعلى الشرق الأوسط بشكل خاص .. فضلا عن تأثير تلك الزيارة على العلاقات المصرية ـ الأميركية التي تشهد توترا منذ ثورة الـ30 من يونيو التي أطاحت بحكم جماعة الإخوان في مصر!!
بداية تجدر الإشارة إلى أن زيارة السيسي لموسكو تعد أول زيارة يقوم بها وزير دفاع مصري لروسيا منذ 40 عاما، فضلا عن أنها أول زيارة خارجية يقوم بها المشير السيسي منذ توليه منصب وزير الدفاع في يوليو العام 2012، وهو ما يضفي المزيد من الدلالات على أهمية هذه الزيارة .. ويبدو أن المشير السيسي بتلك الزيارة أراد أن يرسل العديد من الرسائل سواء داخل مصر أو خارجها قبل أن يعلن ترشحه رسميا للانتخابات الرئاسية .. أولى هذه الرسائل هي أنه يحظى بتأييد حليف قوي للترشح لهذا المنصب على المستوى الخارجي مثلما يحظى بقبول شعبي على المستوى الداخلي، وهو ما أكده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال استقباله السيسي حيث وجه كلامه إليه قائلا: “أعرف إنك قررت خوض انتخابات الرئاسة وهو قرار مسؤول ومهم للغاية, وبالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن الشعب الروسي أتمنى لك الفوز في الانتخابات لأنك تضع على عاتقك تحديد مصير الشعب المصري”!
الرسالة الثانية موجهة إلى واشنطن حيث أثارت زيارة السيسي لموسكو قلقها ولن أقول غضبها، حيث جاء رد الفعل الأميركي الأولي حول هذه الزيارة مرتبكا على لسان ماري هارف نائب المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية خلال المؤتمر الصحفي اليومي الذي تناول في جزء كبير منه الحديث عن الشأن المصري والتقارب الأخير بين القاهرة وموسكو، حيث قالت إن هناك الكثير من الدول لديها مصالح مع مصر وترغب في إقامة علاقات معها، بينما اكتفت بالرد على تأثير زيارة السيسي لموسكو على العلاقات بين واشنطن والقاهرة بقولها “ما زلنا ندرس وما زلنا نحلل” .. وكانت ماري هارف نفسها قد أعلنت في نفس اليوم الذي توجه فيه السيسي وفهمي إلى موسكو أن واشنطن ستواصل الحوار مع جماعة الإخوان المسلمين مشيرة إلى أن الولايات المتحدة لم تصنف جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية، وأن واشنطن كانت واضحة بشأن تعاملها مع جميع الأطراف في مصر للمساعدة في الانتقال إلى عملية شاملة وأنها طالبت الحكومة المصرية مرارا وتكرارا سرا وعلانية بالمضي قدما في عملية تشمل الجميع بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين!!
ما يقلق واشنطن ليس مجرد دعم موسكو للسيسي للفوز بمنصب الرئيس وإنما هو عودة النفوذ والتواجد الروسي إلى منطقة الشرق الأوسط عبر بوابة أكبر دولة عربية في المنطقة هي مصر، وهو ما يعيد إلى الأذهان أجواء الحرب الباردة التي كانت بين المعسكرين الغربي والشرقي وما كان عليه الوضع على الأرض من تقارب مصري روسي يصل إلى حد الشراكة، حيث ظلت مصر منذ منتصف الخمسينيات من القرن الماضي لا تعرف تسليحا غير السلاح الروسي وهو السلاح الذي خاضت به حروبها ضد بريطانيا وفرسا وإسرائيل فيما يعرف بالعدوان الثلاثي، كما ساندت مصر بهذا السلاح أيضا الثورتين الجزائرية واليمنية وفي حرب أكتوبر العام 1973 نجح السلاح الروسي في استعادة سمعته بعد هزيمة حرب يونيو 1967 والتي لم يختبر فيها ثم بدأت عملية السلام التي أبعدت الدب الروسي عن المنطقة بعد أن ولت مصر وجهها صوب أميركا التي نجحت في أخذ مكانة موسكو لدى القاهرة!!
ورغم محاولة المسؤولين المصريين التقليل من أهمية تأثير تلك الزيارة على العلاقات مع واشنطن حيث كرر نبيل فهمي وزير الخارجية المصري بأن العلاقات بين مصر وروسيا لن تكون على حساب أطراف أخرى، إلا أن هناك تقارير تؤكد أن مصر مقبلة على توقيع صفقة سلاح ضخمة مع روسيا قيمتها ثلاثة مليارات دولار تتضمن منظومة دفاع جوي لحماية المنشآت وتطوير منظومة الدفاع الجوي لحماية قناة السويس وسيناء من الصواريخ، فضلا عن إجراء مناورات عسكرية مشتركة بين البلدين، ما يعني أن مصر التي ظلت لسنوات عقب توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل في نهاية السبعينيات من القرن الماضي تعتمد على السلاح الأميركي كمصدر وحيد للتسليح باتت من الآن فصاعدا تتجه إلى تنوع مصادر تسليحها والعودة مجددا إلى السلاح الروسي!!
التقارب المصري ـ الروسي يقلق واشنطن أيضا تجاه الأزمة السورية خاصة في ظل تعثر وفشل محادثات “جنيف 2″ حيث الموقف المصري يتطابق تماما مع الموقف الروسي بشأن هذه الأزمة، حيث يرى البلدان ضرورة إنجاح المسار السياسي لخلق مناخ جديد في سوريا يحقق للسوريين مستقبلا أفضل دون أي تدخل خارجي، وهو ما أكده المشير السيسي خلال مباحثاته في موسكو بأن مصر ترفض أي تدخل عسكري في سوريا معتبرا أن التفاوض للوصول إلى نقطة التقاء هو الحل للأزمة السورية، وهو ما اعتبره الخبراء بارقة أمل لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية عكس ما كان عليه الموقف المصري إبان حكم الرئيس السابق محمد مرسي الذي قطع العلاقات مع حكومة دمشق وتعهد بإرسال مجاهدين إلى سوريا لمقاتلة نظام الرئيس بشار الأسد!!
يبقى سؤال: ما تأثير التقارب المصري ـ الروسي على إسرائيل التي أزعجتها هي الأخرى هذه الزيارة .. خاصة فيما يتعلق بإبرام مصر صفقة أسلحة روسية متطورة بعد أن ظلت تل أبيب لأكثر من ثلاثة عقود تعتمد على قيام واشنطن بضبط منظومة التسلح في مصر وإسرائيل حيث كانت تمنح الأولى أسلحة تقليدية، بينما تحصل الثانية على الأسلحة الأكثر تطورا. ومن المعروف أن حجم المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل يصل إلى ثلاثة مليارات دولار سنويا، بينما تحصل مصر على مساعدات عسكرية بقيمة مليار و200 مليون دولار فقط قبل أن تقوم واشنطن مؤخرا بتعليق جزئي لهذه المساعدات، حيث يرى الإسرائيليون أن التعاون العسكري بين القاهرة وموسكو يعد خطوة تجاه تقليل النفوذ الأميركي على القاهرة، وهو ما سوف ينعكس سلبا على إسرائيل!!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 86 / 2178247

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2178247 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40