الخليج الاماراتية:الوضوح والغموض

أحد المسؤولين الفلسطينيين يقول إن الخطة الأمريكية للتسوية يشوبها الغموض، وإنه لا يريد أن يخوض جدالاً حول تفسير الأشياء . ما يطلبه المسؤول الفلسطيني هو الوضوح . إذا كان إبداء هذا الرأي هو محاولة للقول إن الخطة ليست منصفة للفلسطينيين، فهي ليست محاولة ناجحة . إذ ليس هناك أوضح من الموقف الأمريكي عموماً والخطة الأمريكية خصوصاً . فالموقف الأمريكي لا يساند الكيان الصهيوني فحسب مادياً وعسكرياً، بل يدعمها أيضاً في كل ما يخالف قواعد حقوق الإنسان، وما ينتهك مبادئ الشرعية الدولية . فهل هناك وضوح أفضل من ذلك .
الأوروبيون أنفسهم، وبالذات الألمان، الذين يبررون دعمهم للكيان من منطلق التعويض عما ألحقوه من اضطهاد لليهود لم يصلوا إلى هذا المستوى، بل لديهم الجرأة أحياناً لانتقاد السياسات “الإسرائيلية” من أعلى منبر الكنيست . فرئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز الألماني الجنسية تجرأ قبل أيام بالقول للكنيست إن هناك ظلماً يلحق بالفلسطينيين، حيث إنهم لا يستطيعون أن يستعملوا جزءاً مما يستعمله “الإسرائيليون” من المياه الفلسطينية .
صحيح يبقى هذا كلاماً ما لم تصحبه الإجراءات العقابية كما يفعلون في العادة حينما تحدث هذه الأمور في مناطق أخرى في العالم . ولكنه في غمرة التأييد الأمريكي للاضطهاد “الإسرائيلي” للفلسطينيين يشع أخلاقاً . الغموض ليس موجوداً في أي شيء تفعله الإدارة الأمريكية . فالخطة الأمريكية تتحدث عن نفسها حتى من دون النظر في تفاصيلها، ومن خلال سياقها الداخلي والخارجي .
فهي تعلن نفسها إطاراً للتسوية، أي أنها تستبدل شرعتها بالشرعية الدولية . وهي أكثر وضوحاً في أن خلق الوقائع على الأرض الفلسطينية أصبح أمراً لا فكاك منه إلا بتعديلات طفيفة هنا وهنا . أما قضية اللاجئين الفلسطينيين فهي غير موجودة أصلاً . والسيادة التي تقلق المسؤولين الفلسطينيين لا وجود لها سوى بالتحايل على طريقة انتهاكها، ما بين وجود “إسرائيلي” مباشر، وهيمنة “إسرائيلية” غير مباشرة .
الوضوح موجود لدى الطرف الأمريكي، لكنه غير موجود لدى الطرف الفلسطيني . فما نسمعه من تصريحات أو تلميحات من بعض المسؤولين الفلسطينيين عن قضية اللاجئين الفلسطينيين، أو يهودية الدولة هي التي يكتنفها الغموض . فما بات أحد يعرف هل قضية اللاجئين ما زالت قضية، وهل القدس كعاصمة هي نفسها التي نعرفها أم أن هناك قدساً أخرى؟ الغموض في هذه التصريحات هي التي تحتاج إلى توضيح .
فما يعتبره البعض غموضاً في الخطة الأمريكية لا يعتبره معظم الفلسطينيين والعرب كذلك . فليست الخطة في تركيبتها تتحدث عنها بل إن سياقها الخارجي أي الموقف الأمريكي برمته يفصح عنها .