السبت 22 شباط (فبراير) 2014

الحرب الإرهابية العالمية مستمرة

السبت 22 شباط (فبراير) 2014 par د. عصام نعمان

عانى الكون الحروب “النظامية” طوال عشرين قرناً . ومنذ هجمات “القاعدة” في 9-11-2001 على برجي التجارة العالمية في نيويورك، دشّنت الولايات المتحدة الحرب الإرهابية العالمية الأولى خلال القرن الحادي والعشرين بهجمتها الثأرية على حكومة طالبان الأفغانية الحاضنة ل “القاعدة” .
هذه الحرب ما زالت مستمرة بجبهات متعددة . فاضت من أفغانستان على العراق وبعدهما على سوريا، ومن ثم على لبنان ومصر . بعض التنظيمات الإرهابية هادن أمريكا . بعضها الآخر أصبح مخلب قط بيدها .
لا حروب نظامية عالمية بعدما وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها العام 1945 . السبب؟ لأن الأسلحة النووية باتت في متناول عدد غير قليل من الدول . ذلك يؤدي إلى تدمير المتحاربين في حال استعمالها، وقد يؤدي إلى تدمير العالم .
الحرب الإرهابية باتت البديل “الواقعي” من الحروب النظامية، لأن خوضها ممكن من دون أسلحة نووية رغم أن مفاعيلها كارثية على البشر والشجر والحجر . ومن يدري، ربما تستحصل التنظيمات الإرهابية يوماً ما على أسلحة نووية أيضاً . عندها لن يستطيع أحد أن يتوقع أيَّ مصير سينتهي إليه عالمنا .
جميع جبهات الحرب الإرهابية العالمية ناشطة بلا هوادة . لعل أكثرها دلالة جبهتها اللبنانية . فقد تلقت حكومة تمام سلام الجديدة “هدية” سريعة مدوّية من “كتائب عبدالله عزام” بعد ثلاثة أيام من إعلانها .
هل كانت الحكومة الجديدة هي المقصودة بالعملية الإرهابية؟ وما الرسالة التي أرادت توصيلها؟
هوية الجهة الفاعلة تسمح بهذا التفسير . فقد تمكّنت استخبارات الجيش اللبناني قبل نحو أسبوع من إلقاء القبض على رأس شبكة خطيرة ل “كتائب عبدالله عزام”، المدعو نعيم عباس، ونتيجةَ اعترافاته تمكنت قوى الأمن من إحباط عمليتين إرهابيتين في اليوم نفسه .
نجاح الكتائب الإرهابية ذاتها في العملية الأخيرة ذات التفجيرين المدويين يوم الأربعاء الماضي يدل على أن ثمة شبكات وخلايا نائمة لها مستقلة عن شبكة نعيم عباس ظلّت بمنأى عن قبضة الجيش، وأن بإمكانها القيام بعمليات أخرى في المستقبل .
رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام اعتبر أن رسالة العملية الإرهابية “وصلت وسنتلاحم ونتضامن في مواجهتها” . وزير الداخلية نهاد المشنوق تعهّد ب “تجفيف معابر الإرهاب على الحدود مع سوريا” . فهل تجفيفها سيكون من الإرهابيين أم من السلاح أم من المال، والأخير هو العنصر الأهم في المواجهة؟
قيل إن الرسالة موجهة، بالدرجة الأولى، إلى زعيم قوى 14 آذار سعد الحريري كونه وافق أخيراً على جلوس وزرائه مع وزراء حزب الله على طاولة واحدة .
الحقيقة أن زمان العملية الإرهابية ومكانها حمّالا أوجه عدّة .
التوقيت لافت لأنه يتزامن مع عدة تطورات، والمكان لافت أيضاً لأنه يؤشر إلى عدة جهات . التوقيت متزامن مع انتهاء محتمل للأزمة السياسية في لبنان بعد اجتماع قوى 14 آذار المعادية مع حزب الله في “حكومة المصلحة الوطنية” التي أعلنت عداءها للإرهاب والإرهابيين ومكان العملية الإرهابية قريب جداً من إحدى ثكن الجيش اللبناني ما يؤشر إلى رسالة واضحة موجهة إلى الحكومة الجديدة .
والتوقيت متزامن مع اقتراب معركة يبرود حيث يقوم الجيش السوري بحشد لافت حولها لأخذها قبل حلول موعد الجولة الثالثة لمؤتمر “جنيف 2” . ومكان العملية الإرهابية قريب جداً من سفارة إيران في بيروت، ما يؤشر إلى رسالة موجهة إلى حكومة دمشق عبر سفارة حليفتها إيران .
كل هذه الاحتمالات والمؤشرات ممكنة، وهي إن تدل على شيء فعلى أن الحرب الإرهابية العالمية مستمرة ومتمادية، وأنها تتناول كل دول المشرق العربي بدرجات متفاوتة من العنف الأعمى، وأن التنظيمات الإرهابية الضالعة فيها باتت متجذرة في مدنها وأريافها بشبكات كثيرة وخلايا نائمة وقادرة على الفعل بقوة وعنف ووحشية هائلة .
لعل ما يؤكد استمرارية الحرب الإرهابية العالمية وديمومتها الخلافُ المتزايد بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن مؤتمر “جنيف- 2” وغيره وما يمكن أن ينتهي إليه من تسوية بشأن سوريا، وما يمكن أن يتفق أو لا يتفق عليه القطبان العالميان خلال فصول الحرب الإرهابية العالمية الدائرة من أفغانستان شرقاً إلى البحر المتوسط غرباً .
أجل، فجوة الخلاف بين القطبين تتسع وتشير، في الواقع، إلى اندلاع حرب باردة بينهما تتفجر فصولها الساخنة في ساحات العراق وسوريا ولبنان ومصر و . . . وفلسطين المحتلة بطبيعة الحال .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 55 / 2165788

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165788 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010