الأحد 23 شباط (فبراير) 2014

القدس والأمة النائمة

الأحد 23 شباط (فبراير) 2014 par أمجد عرار

لم يعد يكفي أن نقول إن الاحتلال ينتهك حرمة المسجد الأقصى . هو أصلاً ينتهك كل شيء في فلسطين في العلن، ويمد يده في أماكن كثيرة خارج فلسطين في السر والعلن . لا جديد نوعياً على هذه السياسة، فلم يبق شيء يقوم به ليصبح جديداً، لأنه فعل كل شيء، وما يجري تصعيد للممارسات ذاتها من نفس النوع، انتهاك، تهويد، استيطان، هدم منازل، مصادرة أراض، وزرع مستوطنين . خلال شهر ونصف الشهر هدم الاحتلال 12 مبنى في مدينة القدس، آخرها بيت في بلدة سلوان المطلة على المسجد الأقصى، التي يحاول الصهاينة تزوير تاريخها وتغيير اسمها إلى مدينة داوود .
ببساطة وبلا أدنى حساب لعرب نائمين ومسلمين مفتتنين، جاءت شرطة الاحتلال وداهمت البيت في سلوان، فيما كان الأطفال نائمين وطالبت العائلة بالخروج من المنزل . لم يمهلوا الأسرة حتى تجمع أغراضها وحاجاتها الشخصية، لا بل اعتدى أفراد الشرطة على الزوج بالضرب عندما شرع بإيقاظ أطفاله وتغيير ملابسهم . تمت جريمة الهدم أمام العيون الباكية المستيقظة للتو، وبقي الأثاث تحت الركام، وظل العرب والمسلمون يغطّون في نومهم العميق، فلا يستيقظون إلا لتناول الطعام والنظر في الساعة لموعد الجولة المقبلة من النوم .
هذا يحدث دائماً ولا جديد فيه، إنما يضطر المرء لإلقاء الضوء على بعض الأمثلة على سبيل “فذكّر إن نفعت الذكرى” . لكن لا جديد أيضاً في رد فعل العرب والمسلمين والعالم الذي يسمي نفسه زوراً وبهتاناً بالعالم الحر . لا جديد سوى التراجع الجماعي أمام هذا الزحف الإجرامي والتلذذ بعذابات الضحايا . حتى بيانات الشجب والاستنكار العربية والدولية، توقّف البعض عن إصدارها، وخفّف البعض الآخر من لهجتها كي لا تزعج سكينة “إسرائيل” والسيد الأمريكي .
هناك من يمسك بالبوصلة بكلتا يديه ويحرفها بعيداً عن فلسطين والقدس، وهناك من يتولى التغطية الإعلامية المحلّقة بعيداً عن قضايا الأمة، وفي قلبها فلسطين، فيما يجدّف العرب عكس تيار التاريخ، ويتوهّمون أنهم يستقلون قارب نجاة، فيما تتسع الثقوب تحت أقدامهم كل ساعة . المستعدون ل “التضحية” بالروح يجري تلبيسهم نظّارة خاصة تحجب عنهم فلسطين، ويُصنع لهم أعداء جدد ليست “إسرائيل” بينهم، ف“يضحّون” بأرواحهم رخيصة لأجلها في محرقة الفتن والحروب الداخلية، وبمنتهى البساطة والرخص، يفجّرون أجسادهم حيث المكان الخطأ والهدف الخطأ، فيكون ضحاياهم من أبناء جلدتهم في بلاد العرب والمسلمين .
يحدث هذا لأن ثمة خطاباً تحريضياً مغلّفاً بالدين مقنّعاً بالفضيلة، يلوّث عقول الأغبياء ويوهمهم بامتلاك مفاتيح الجنّة والنار . يصعد عالم بلغ من العمر أرذله ليخطب في الناس عن كل اتجاهات الجهاد إلا فلسطين، يرعد ويزبد ويشتم هذه الدولة الشقيقة ويحرّض على تلك الدولة الصديقة، يحرّض على القتل والحرق واغتيال المخالفين في الرأي . يدعو أمريكا أن تقف “وقفة لله”، بأن ترسل طائراتها وصواريخها لتدك الشعوب باسم “دعم الثورات” . معياره فقط ما يخالف أجندات مشغّليه التي تقف من شرع الله والعباد موقف العداء المستحكم، فلا يكترث لا بأيامه المعدودة الباقية ولا بآخرته، وإذ يحرّض الأعداء على وطنه الذي تخلى عنه مقابل حفنة من المال والامتيازات، يبيع بقايا الضمير والحس الإنساني .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2165746

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165746 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010