الأحد 2 آذار (مارس) 2014

“الأقصى” وتهويد القدس

الأحد 2 آذار (مارس) 2014 par عوني صادق

في صباح يوم 19 فبراير/شباط الماضي، اقتحم نائب رئيس الكنيست، موشي فيغلين، المسجد الأقصى مصحوبا بحراسة مشددة . وفي يوم 25 من الشهر نفسه، تقدم فيغلين باقتراح للكنيست دعا فيه لسحب الوصاية الأردنية عن المسجد الأقصى، وإخضاعه للسيادة “الإسرائيلية” “حتى يتسنى للمصلين اليهود دخوله دون معوقات” ! وانتهى النقاش إلى التأجيل، ودون اتخاذ قرار بشأنه، وقيل إن نتنياهو لم يوافق على الاقتراح بسبب الوضع الذي تمر فيه المفاوضات .
يذكر أنه في سبتمبر/أيلول من العام (2000)، أقدم أرييل شارون على الفعلة نفسها، فجاء الرد من خلال الانتفاضة الثانية التي انطلقت من الحرم القدسي الشريف . في هذه المرة، وبعد اقتحام فيغلين المسجد، واقتراحه الذي تقدم به للكنيست طالباً فرض السيادة “الإسرائيلية” عليه، جاءت الردود “كلامية” لن تقدم أو تؤخر، ولن تغير من مخططات الاستيلاء على المسجد، أو مخططات تهويد المدينة المقدسة . وفي ردود الفعل التي تم رصدها، اتخذ البرلمان الأردني بإجماع الأعضاء الحاضرين قراراً “غير ملزم”، يطالب الحكومة الأردنية بطرد السفير “الإسرائيلي” من عمان، وهو قرار سبق أن اتخذ البرلمان الأردني شبيها له قبل شهر ولم ينفذ، إذ يحتاج لمصادقة لم يحظ بها من الحكومة والملك . ومن المتوقع أن يلقى القرار الجديد ما لقيه القرار السابق . من جانبها، صدر عن الجامعة العربية بيان، بعد اجتماع على مستوى المندوبين، طالب مجلس الأمن “بالتحرك لحماية المسجد الأقصى”، ومذكراً المجلس بضرورة احترام الحكومة “الإسرائيلية” لاتفاقيات جنيف الخاصة بالأراضي الواقعة تحت الاحتلال .
اقتحامات المسجد الأقصى أصبحت منذ سنوات مشهداً يومياً يكاد لا يثير انتباه أحد! فبعد شهرين من استئناف المفاوضات في يوليو/تموز من العام الماضي، وبالتحديد يوم 18-9-،2013 وقع أحد هذه الاقتحامات الكبيرة بمناسبة الاحتفال ب “عيد العرش اليهودي” . جاء ذلك بعد يوم واحد من قرار اتخذه الكنيست سمح للمستوطنين بدخول الحرم القدسي، للاحتفال بأعيادهم الدينية . في ذلك اليوم، قال أمين سر “الهيئة الإسلامية العليا” في القدس،
تيسير التميمي، في تصريح لجريدة (الأخبار- 19-9-2013): “إن قرار الكنيست يهدف إلى إضفاء الصبغة القانونية، بحيث يكون من يتصدى لهذه الجماعات مستقبلاً، أو يحاول أن يمنعها من الدخول، مخالفاً للقانون يقدم للمحاكمة ويودع السجن، وتكون”إسرائيل“هي صاحبة الحق”!
ولقد كثرت في الآونة الأخيرة، ليس فقط اقتحامات المسجد الأقصى، بل الأحاديث والاقتراحات التي تدور حول كيف يتم تأمين دخول “المصلين اليهود إلى جبل الهيكل” . وقبل ذلك وبعده كانت الإجراءات “الإسرائيلية” تتوالى: من مصادرة للأرض المحيطة بالمسجد، واستيلاء على منازل داخل القدس الشرقية وهدم لأخرى، وتهجير للبعض وسحب الهويات من بعض، حتى انتهى الحديث إلى تقسيم المسجد، مرة مكانياً ومرة زمانياً . . الخ، وكل ذلك يتم في إطار مخطط “تهويد القدس” . ولا بد من الانتباه إلى أن كل ما يتعلق بالإجراءات “الإسرائيلية” المتخذه بخصوص المسجد الأقصى، لا ينفصل بحال عن الإجراءات المتخذة بشأن تهويد القدس .
من جهة أخرى، وما يجب أن ننبه إليه في هذا المقام، هو أن القدس قضية سياسية، وليست قضية دينية . واختزالها في القضية الدينية هو ما يسعى الصهاينة إليه . وعليه فإن الدفاع عن المسجد الأقصى، يجب أن يأتي في سياق الدفاع عن القدس، وليس العكس، حتى وإن بدا أن الدفاع عن المسجد هو دفاع عن المدينة، فلا بد من الحرص على أن لا يؤدي ذلك الدفاع عن المسجد إلى طمس الحدود القائمة بين الأصل والفرع . وما يثير الاستغراب ويطرح السؤال، في ضوء ما تقدم عليه سلطات الاحتلال، مع وجود مفاوضات جارية، هو كيف يجري الحديث عن “دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية” في وقت تنشغل فيه الحكومة “الإسرائيلية”، وأعلى سلطة تشريعية في الكيان، بما يؤكد سيطرتها وسيادتها على هذه “العاصمة” الفلسطينية؟ والحقيقة أن السؤال ليس موجهاً إلى حكومة نتنياهو، بل هو موجه أولاً وأخيراً إلى السلطة الفلسطينية، المستمرة في المفاوضات والقابلة ب “الوساطة الأمريكية” راعية هذه المفاوضات، بعد أن أعلنت الأخيرة انحيازها التام إلى الموقف “الإسرائيلي” الذي يكرر دائماً أن القدس هي “العاصمة الموحدة الأبدية ل”إسرائيل“”! ومفيد أن نذكر هنا أن آخر ابداعات الوزير كيري، كما جاء في الأنباء، تمثل في قوله إن “عاصمة الدولة الفلسطينية” يمكن أن تكون في بيت حنينا!!
وهناك مسألة أخرى في السياق لا تقل أهمية، هي عدم الفصل بين السيادة على المقدسات والسيادة على القدس الشرقية . مطلوب من السلطة الفلسطينية أن تتمسك بسيادتها على القدس الشرقية سياسياً ودينياً كحد أدنى، فلا تتنازل عنه لأي طرف، أكان عربياً أو دولياً . فالوصاية العربية (أو الأردنية) أو الدولية، على المقدسات، يعنى التنازل عن القدس كلها للسيادة “الإسرائيلية”، وبكلمات أوضح تعني الاعتراف بالقدس كلها “عاصمة موحدة ل”إسرائيل“” .
إنه منذ إنشاء الكيان الصهيوني، يتبين أن المفاوض “الإسرائيلي” يتبع منهجاً لا يتغير، هو إغراق الخصم في التفاصيل، محققاً في كل مرة هدفاً مرحلياً، ليصل في النهاية إلى ما يريد على نحو تدريجي . وكما حدث مع الحرم الإبراهيمي، فإن التخطيط للاستيلاء على المسجد الأقصى، بدأ ب “حق اليهود” بالصلاة عند حائط البراق، ثم أصبح “حق اليهود بالصلاة داخل الحرم”، إلى أن وصل اليوم الى المطالبة بتقسيم الحرم، بل وإلى إخضاعه للسيادة “الإسرائيلية”



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 27 / 2165543

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165543 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010