الأحد 2 آذار (مارس) 2014

رسالة الى الرئيس سليمان

الأحد 2 آذار (مارس) 2014 par معن بشور

لم تكن اشارة الرئيس ميشال سليمان في خطابه في جامعة الكسليك ليل امس الجمعة حول “المعادلات الخشبية” اشارة موفقة لا في المضمون، ولا في التوقيت، ولا في السياق السياسي العام الذي تعيشه البلاد.
فالمضمون جاء مخالفاً للبيئة الوطنية اللبنانية، والعربية القومية، التي خرج منها الرئيس سليمان منذ ان كان طالباً في عمشيت، ثم ملازماً اول في الجيش اللبناني، وبعدها قائداً لمنطقة الجنوب العسكرية التي طالما افتخر سليمان بأنه استهدف اكثر من مرة في غارة جوية صهيونية بسبب موقفه المقاوم للعدو والمساند للمقاومة، وصولا الى موقعه في قيادة الجيش حيث اعتز اكثر من مرة بانتصار معادلة الشعب والجيش والمقاومة على العدوان الصهيوني عام 2006 وهو العدوان الذي قدم فيه الجيش عددا من خيرة ضباطه شهداء على مذبح الوطن.
والحديث عن “خشبية معادلة” “الشعب والجيش والمقاومة” هو حديث لا يستقيم موضوعياً مع الواقع حيث اثبتت هذه المعادلة على مدى ربع قرن لا سيّما بعد اتفاق الطائف، انها الاقدر على تحرير الارض، وحماية الشعب وتجسيد القيم، وقهر العدوان الصهيوني الدائم على لبنان، خصوصاً انه الأعلم كيف وفرت هذه المعادلة الأمن الوطني للبنان، والامان الانساني للبنانيين عموماً، ولابناء الجنوب خصوصاً، بل كيف شكلت ردعاً حقيقياً لمطامع العدو في الأرض والمياه، والنفط والغاز مستقبلاً، وجعلت العدو يحسب الف حساب قبل الاقدام على مغامرة ضد لبنان الذي كان موشيه دايان يعتبر ان احتلاله لا يحتاج إلا الى فرقة كوماندوس من الفتيات على دراجات هوائية، كما قال ذات مرة عام 1967، والذي استطاع الصهاينة في 28 كانون اول 1968 ان يصلوا الى مطاره ويحرقو اسطوله التجاري دون ان تطلق في وجههم رصاصة واحدة.
لا بل ان الرئيس يدرك تماماً ان هذه المعادلة الاستراتيجية الكبرى باتت موضع دراسة وبحث كل الاكاديميات العسكرية في انحاء متفرقة من العالم، وخصوصاً لدى العدو الصهيوني الذي بات يعلن، سراً وعلانية، عن مخاطر هذه المعادلة على كيانه ووجوده، فهل يجوز لنا ان نتخلى عنها فيما العدو يرتجف ذعراً منها، ويحاول بكل السبل اجهاضها خصوصاً عبر استخدام سلاح الفتنة السياسية والطائفية والمذهبية من اجل محاصرتها.
كما يعلم الرئيس اللبناني تماماً ان هذه المعادلة، وفي قلبها المقاومة، هي التي تعطي لبنان مكانة وقوة في محيطه العربي والعالم، فيعجب ابناء الامة واحرار العالم بشموخ لبنان وتجربته، فيما يحسب “اصدقاء” الكيان الصهيوني الف حساب للبنان، ويهتمون بالمسؤولين فيه وبقواه السياسية علّهم يجذبونهم الى الخيار المعادي لمصلحة لبنان، والممزق لوحدته.
اما التوقيت، فلم يكن موفقاً على الاطلاق، فقد تزامن مع عدوان صهيوني على ارض لبنانية في البقاع، ومع حشود صهيونية على الحدود، ومع اضطراب امني يسعى العدو الى تأجيجه واستثماره ضد لبنان، شعباً وجيشاًَ ومقاومة، فبدل من ان نرد على العدوان بتلاحم أشد، ولحمة اكثر منعة، نبدو وكأننا نكافأه على عدوانه ونحقق اغراضه…
والتوقيت جاء سياسيا في ظل ما يبدو انه ازمة صياغة للبيان الوزاري بعد ان تنفس اللبنانيون الصعداء وقد رأوا حكومتهم تبصر النور بعد مخاض عسير، واستبشروا بهذه الولادة كمقدمة لاتمام الاستحقاق الرئاسي في موعده فيرون تسلماً وتسليما لكرسي الرئاسة الاولى في موعدها، بعد ان حرموا لعقود من هذا التقليد الديمقراطي الجميل.
ألم يكن الافضل لرئيس البلاد، وهو على مشارف انتهاء ولايته، ان يبقى حكماً بين اللبنانيين لا فريقاً، وان يحافظ على دورهه كرئيس توافقي وهو يغادر قصر بعبدا، فيدخل في ذاكرة اللبنانيين كرئيس حافظ على الميثاق والدستور وروح التوافق الوطني.
قد يكون في اداء بعض القوى السياسية، تجاه الرئيس سلميان، وتجاه مصالح الناس، ما أغضب الرئيس وأثار حنقه اكثر من مرة، وكنا دائماً من المتفهمين له ولغضبه، ولكننا كنا دائماً نقول ان اللبنانيين يتطلعون الى قلب كبير لرئيسهم، وعقل واسع يتسع لكل التناقضات والحزازات حتى ولو نالت منه شخصياً، لكن الرئيس بموقفه الأخير لم يحرج نفسه وموقعه فحسب، بل احرج حتى الذين راهنوا ان يبقى فوق الاعتبارات العابرة، وراهنوا انه يمكن ان يكون بين اللبنانيين، خصوصاً في المراتب العليا، من يحافظ على دور الجسر الواصل بينهم، والسد الحائل دون تفجر الاحقاد والصراعات، فيؤسس بذلك لتجربة يتوق اللبنانيون الى تكرارها.
لقد “فاجأني” كما العديد من اخواني دون شك خطاب الرئيس سليمان وربما عرضّني وامثالي لانتقاد بسبب تفهمنا لمواقف سابقة لا ذنب لنا في هذا التفهم سوى رغبة في تجنيب البلاد المزيد من الصراعات والتناحرات، وسوى ايمان بأنه يمكن ان يكون بيننا قادة وساسة توافقيون.. بل قادة وساسة يدركون مصادر القوة الحقيقة في بلدهم وعلى رأسها معادلة الشعب والجيش والمقاومة، ويدركون كيف يعالجون تناقضاتهم وخلافاتهم ، بدلاً من صب الزيت فوق نارها.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 47 / 2165820

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع معن بشور   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165820 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010