الجمعة 7 آذار (مارس) 2014

رأي اليوم: الحرب الباردة اذا اندلعت ....

الجمعة 7 آذار (مارس) 2014

لعل المعارضة السورية المسلحة والدول العربية الداعمة لها، خاصة المملكة العربية السعودية وقطر الاكثر قلقا من تزايد احتمالات اندلاع الحرب الباردة مجددا بين موسكو وواشنطن على ارضية الخلاف المتصاعد بينهما حول الملف الاوكراني واستيلاء الروس على شبه جزيرة القرم.
الحرب الباردة ستعني انتهاء التعاون والتنسيق بين روسيا وامريكا للتوصل الى حل سياسي للازمة السورية، ومحافحة “الارهاب” سويا، وزيادة الدعم العسكري الروسي لكل من ايران وسورية وحزب الله ايضا.
وربما يجادل البعض بان الولايات المتحدة ستفعل الشيء نفسه، وتتخلى عن ترددها الحالي وتضع كل ثقلها خلف المعارضة سياسيا وعسكريا للتسريع باسقاط النظام في دمشق، وهذا جدل ينطوي على بعض الصحة وليس كلها، لان الادارة الامريكية الحالية لا تريد التورط في حرب جديدة في منطقة الشرق الاوسط، لان هذه الحرب قد “تفجر” الاتفاق النووي مع ايران، وتضطرها اي امريكا الى ارسال قوات واساطيل، والتورط في حروب برية، وربما الصدام المباشر عسكريا مع موسكو وهذا امر تحاول ادارة الرئيس اوباما تجنبه جزئيا او كليا بكل ما اعطيت من قوة ودبلوماسية.
التفاهم الروسي الامريكي هو الذي ادى الى مشاركة وفد من النظام السوري في مؤتمر جنيف والجلوس وجها لوجه مع وفد معارضة طالما وصفه النظام بوفد من العملاء والخونة، واكد انه لن يصافحه او يتفاوض معه، وان تفاوض فمع اسياده، ولكنه تفاوض بضغط من حليفه الروسي في نهاية المطاف.
الاتفاق الامريكي النووي مع ايران جاء ايضا ثمرة لهذا التنسيق، فايران كانت تنظر دائما الى روسيا بعدم الثقة، وتعتبرها صديقا لا يمكن الوثوق به، لانها سحبت موافقتها، اي روسيا، لتزويد ايران بصواريخ “اس 300″ المضادة للطائرات واعادت ثمن الصفقة الذي دفعته ايران مقدما، الامر الذي اضعف موقف ايران، في وقت كانت حاملات الطائرات والغواصات الامريكية النووية منشغلة في مناورات مكثفة قبالة سواحلها في الخليج العربي اذا اشتعلت نيران الحرب الباردة، فمن غير المستبعد ان تغير روسيا من نهجها “المتحفظ” تجاه ايران وسورية وترفع الحظر الذي تفرضه على تزويد البلدين بأسلحة حديثة متطورة، وتوعز لسورية بعدم تسليم كل ما في حوزتها من اسلحة كيماوية، وتنتهك اتفاق بتدميرها اي الاسلحة الكيماوية، بطلب روسي.
في عام 1854 شنت بريطانيا وفرنسا حربا على روسيا في شبه جزيرة القرم وسيفستوبل للاستيلاء عليهما باعتبارهما قاعدة للاسطول الروسي الذي يهدد مصالح البلدين الاستعمارتين، ومنع هذا الاسطول من الوصول الى المياه الدافئة في البحر المتوسط عبر البحر الاسود.
وانتهت الحرب بهزيمة روسيا، وتدمير اسطولها، ومن المفارقة ان البحارة الروس حرقوا انفسهم داخل سفنهم حتى لا تقع هذه السفن في ايدي القوات الفرنسية والبريطانية المعتدية.
التاريخ يعيد نفسه، فمن ابرز طموحات حلف الناتو حاليا هو ان يخرج الاسطول الروسي من قاعدته في سيفستبول والقرم عموما، الامر الذي سيشل فاعليته، ويمنع وصوله الى البحر المتوسط، مثلما فعل عندما حشدت امريكا سفنها الحربية قبالة السواحل السورية في ايلول (سبتمبر) الماضي استعدادا لعدوان على سورية بسبب ما قيل عن استخدامها لاسلحة كيماوية ضد معارضيها، وبعد ايام معدودة كانت السفن الحربية الروسية تزاحم نظيرتها الامريكية في تحد غير مسبوق.
عودة الحرب الباردة، وفي ظل حالة الانهيار التي تعيشها المنطقة، ربما تكون في غير مصلحة امريكا وحلفائها في المنطقة العربية، فثورات ما يسمى بالربيع العربي دمرت حلفاء روسيا التقليديين وبلادهم، اي سورية وليبيا واليمن، واكملت ما بدأه الامريكان بتدمير العراق، بينما ظلت الدول الحليفة لامريكا، وخاصة في منطقة الخليج العربي على حالها تنعم بالاستقرار والوحدة الجغرافية.
روسيا اذا ما انهت شهر عسلها مع واشنطن الذي امتد لاكثر من عشرين عاما، قد تلجأ لزرع الاضطرابات في هذه الدول اي من خلال دعم الاقليات العرقية والمذهبية، تحت مسميات عديدة، سواء في دول الخليج او ليبيا علاوة على دعمها في العراق وسورية مثلما هو حادت حاليا.
واذا تحللت روسيا من التزاماتها تجاه امريكا وتفاهماتها معها، فربما تصحح خطأها الاسترتيجي تجاه ايران وتدعمها بكل ما تريد من اسلحة حديثة ابرزها ما ذكرناه آنفا، اي بيعها بطاريات صواريخ من طراز “اس 300″ ومما يجعلها تتلكأ في المضي قدما في المفاوضات مع الدول الغربية حول برنامجها النووي.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يقبل هزيمة ثانية على يد الغرب في القرم، وسيتمسك بالاحتفاظ بقاعدته البحرية فيها، والوجود الروسي في اوكرانيا اهم بالنسبة اليه من العضوية في منظومة الدول الثمانية “G8″ التي هددت امريكا بطرده منها.
الحرب الباردة بين امريكا وروسيا اذا ما اندلعت ستتحول الى حرب ساخنة في منطقة الشرق الاوسط، وستغير الكثير من المعادلات الجيوسياسية القائمة حاليا وعلى شعوبنا ربط الاحزمة، وليس الاحزمة الناسفة قطعا استعدادا لتطورات قد تكون مخيفة بكل المقاييس.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2178951

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2178951 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 39


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40