الجمعة 7 آذار (مارس) 2014

هل لا تزال حركة فتح قادرة على ضبط الأوضاع في عين الحلوة؟

الجمعة 7 آذار (مارس) 2014

- ماهر الخطيب

عند أي تطور أمني في البلاد، تتوجه الأنظار الى المخيمات الفلسطينية، لا سيما الى مخيم عين الحلوة الذي يقع في مدينة صيدا، نظراً الى وجود عدد كبير من قيادات التنظيمات المتطرفة في داخله، مع العلم أن القسم الأكبر من أبناء المخيم لا يؤيدون الأفكار التي يحملها هؤلاء، لا بل يعارضونها الى حد بعيد، لكن في الأوساط الشعبية والاعلامية يُعرف المخيم من الأحداث الأمنية التي تقع فيه، وهو يُظلم من هذه الناحية كثيراً، لا سيما أن لدى سكانه الكثير من الهموم الاقتصادية والاجتماعية والانسانية التي لا يتنبه اليها أحد الا نادراً.

منذ سنوات طويلة، يوجد في المخيم العديد من الحركات الاسلامية ذات التوجهات السلفية، لا سيما منها عصبة الأنصار والحركة الاسلامية المجاهدة، لكن في السنوات الأخيرة، وبالتحديد منذ الغزو الأميركي للعراق، برزت بشكل لافت تنظيمات جديدة، خصوصاً جند الشام وفتح الاسلام، بعد المواجهات التي خاضتها مع الجيش اللبناني وحركة فتح.

ومع بداية الأزمة السورية، عادت الأنظار لتسلط من جديد على المخيم، وتم الحديث أكثر من مرة عن تحركات التنظيمات المتطرفه فيه، في إشارة الى بقايا فتح الاسلام وجند الشام، وتوقعت العديد من الأوساط الأمنية والسياسية، عند بروز نجم جبهة «النصرة» في سورية، أن يولد فرعاً جديداً لها في لبنان انطلاقاً من مخيم عين الحلوة.

في الفترة الأخيرة، عاد عين الحلوة ليشكل الحدث الأبرز على الساحة اللبنانية، لا سيما بعد التفجيرات الارهابية التي وقعت في أكثر من منطقة، لكن القيادات الفلسطينية في المخيم تصرّ على تأكيد الأجواء الجيدة فيه، فما هي أبرز التنظيمات الأصولية في عين الحلوة، ومن هي الشخصيات التي تتولى قيادتها، وهل لا تزال حركة فتح قادرة على ضبط الأوضاع في داخله؟

التنظيمات الاسلامية في المخيم

في بداية البحث في هذا الموضوع، تشير مصادر فلسطينية متابعة الى أن التنظيمات الاسلامية في عين الحلوة تنقسم الى نوعين: الأول ذو توجه معتدل في المرحلة الراهنة، وتعتبر كل من الحركة الاسلامية المجاهدة بقيادة الشيخ جمال خطاب وعصبة الأنصار بقيادة أبو طارق السعدي، الأبرز على هذا الصعيد.
وتوضح المصادر أن لدى الحركة الاسلامية المجاهدة قوى عسكرية تتراوح بين 70 و100 مقاتل، ومقرها الرئيس في جامع النور في الشارع التحتاني من المخيم، في حين قوة عصبة الأنصار العسكرية تتراوح ما بين 150 و200 مقاتل.

وتشير المصادر الى أن عصبة الأنصار شهدت تطوراً جذرياً في حركتها بعد أن كانت تركز على الشق الأمني في السابق، وعملت على تكوين شبكة واسعة من الاتصالات مع القوى الفلسطينية واللبنانية المختلفة، وتشدد على أنها تساهم حالياً في معالجة الخلافات التي تقع مع التنظيمات الأخرى ذات التوجه الاسلامي المتطرف.

أما النوع الثاني من التنظيمات، فتؤكد المصادر أنه يعتبر الأخطر، وتشير الى أن معظم أعضائه من أتباع نهج تنظيم القاعدة، وتشدد على أن جميعها تلتقي في الأفكار والأهداف على رغم الخلافات القائمة في ما بينها لأسباب عدة.

وتلفت الى أن من أبرز الشخصيات الموجودة في هذا السياق، هيثم الشعبي الذي يتولى قيادة مجموعة قوامها ما يقارب 30 شخصاً، وبلال بدر الذي يتولى قيادة مجموعة قوامها ما يقارب 25 شخصاً، أسامة الشهابي الذي يعتبر الأقوى فكرياً وتنظيمياً وهو بماثبة الأب الروحي لهذه التنظيمات.

وفي السياق نفسه، يأتي كل من توفيق طه ويوسف شباطية وزياد أبو انعاج، وهم يعتبرون من الشخصيات الخطرة والغامضة في المخيم، نظراً الى أن حركتهم ضئيلة جداً، وتوضح المصادر أنهم يتخذون اجراءات أمنية شديدة.

وتتوزع هذه التنظيمات بشكل أساسي على 3 مناطق رئيسة، هي حي الصفصاف الذي يقوده اسامة الشهابي، حي الطيري ويقوده بلال بدر وحي الطوارئ ويقوده هيثم الشعبي.

تطور التنظيمات المتطرفة

على صعيد متصل، توضح المصادر المتابعة أن جميع هذه التنظيمات خرجت من رحم عصبة الأنصار بعد التحولات التي مرت بها، وكان الخروج الأول مع ولادة عصبة النور برئاسة عبد الله الشريدي، نجل مؤسس عصبة الأنصار هشام الشريدي، وتشير الى أن هذه العصبة انتهت بموت عبدالله الشريدي.

بعد ذلك، ولدت حركة جند الشام من رحم عصبة الأنصار أيضاً، بعد اتهامها بالمهادنة والتخلي عن النهج السلفي المتشدد، وأسسها أميرها الشيخ أبو يوسف شرقية ومعه مجلس قيادة مؤلف من عماد ياسين وأسامة الشهابي وغاندي السحمراني.
واعتبرت هذه الحركة عند ولادتها الأكثر تطرفاً في المخيم، وخاضت معارك قوية ضد حركة فتح، خصوصاً مع القائد الميداني للحركة محمد عبد الحميد عيسى المعروف باسم «اللينو»، وانتهت بسيطرة الأخير على منزل نائب أمير الحركة عماد ياسين في حي صفوري، وباستقالة أميرها أبو يوسف الشرقية وانفراط عقدها كتنظيم ولجوء بعض قيادتها مع مجموعة من العناصر الى حي الطوارئ، ومن ثم الى منطقة السكة ـ التعمير، حيث تسلم الامارة ياسين الذي أعاد تأسيس التنظيم وعمل على ما يشبه المربع الأمني في هذه المنطقة.

وبعد تعدد معارك هذه الحركة مع فتح والجيش، أعلن في المخيم عن حلها واعتبارها غير موجودة ولجأ عدد من كوادرها الى مخيم الطوارئ، وأعلنت عصبة الأنصار أنهم باتوا في عهدتها، وفي جميع المراحل كان الشهابي يعتبر القيادي الأبرز فيها.

بعد ذلك، أعلن عن ولادة حركة فتح الاسلام في المخيم مع انتهاء المعارك التي شهدها مخيم نهر البارد، خصوصاً مع سيطرة الجيش وحسمه للمعركة وخروج فتح الاسلام منه، حيث وصلت مجموعات من هذا التنظيم على شكل أفراد الى عين الحلوة وأقامت فيه تباعاًَ في مناطق تواجد جند الشام، أي في منطقة تعمير عين الحلوة التحتاني، التي بقيت خارج سيطرة الجيش اللبناني والبعض من أفراد هذا التنظيم أقام في مخيم الطوارئ على شكل أفراد وليس كمجموعات.

في الفترة الأخيرة، برز العديد من المجموعات الصغيرة التي تدور في فلك جند الشام وفتح الاسلام، وأبرزها تلك التي يتولى قيادتها المدعو بلال بدر، وتوضح المصادر المتابعة أن ليس هناك من إطار يمكن وضع هذه المجموعات فيه، لا سيما أنه بحسب ما هو معلن تم حل كل من جند الشام وفتح الاسلام.
وتشير الى أن التنسيق في ما بينها ليس على مستوى عال، إلا في حالة الخطر، وتقع جميعها تحت سيطرة الشهابي، المدرج حديثاً على لائحة الارهاب الأميركية، وهو لديه المونة عليها جميعها الى حد بعيد، وهي ترفع من مستوى التنسيق في ما بينها عند الضرورة.

وتشدد المصادر على أن غالبية قيادات هذه المجموعات وعناصرها مطلوبين من قبل الدولة اللبنانية، ولا توجد لديهم علاقات معها بأي شكل من الأشكال.

وتلفت المصادر الى أنه مع تطور الأحداث السورية عادت الى عملها بنشاط أكبر، لا سيما أن لديها وجهة نظر خاصة من جميع الأنظمة الوضعية التي لا تطبق الشريعة الاسلامية كما تقول، وبدأت بالتحريض على النظام السوري والدعوة الى محاربته.

وتؤكد المصادر أنها تماهت الى حد بعيد مع الأفكار التي طرحت من قبل التنظيمات السورية المتطرفة، وتشير الى أن المعلومات التي لديها تؤكد أن هناك تنسيقاً كبيراً معها، لا سيما أنها أرسلت مقاتلين الى الأراضي السورية.

بالاضافة الى ذلك، تدعو المصادر الى عدم إهمال تطور الأوضاع مع بروز حركة الارهابي الفار من وجه العدالة الشيخ أحمد الأسير في مدينة صيدا، حيث تلفت الى أن هذه المجموعات استفادت من الدعم المالي الذي كان يحصل عليه الأسير من أجل تطوير عملها، وتشير الى أن عدداً من أنصاره باتوا يعملون في صفوفها.

الشيخ حمود

من جانبه، يتطرق إمام مسجد القدس الشيخ ماهر حمود، في حديث إلى «البناء»، الى واقع هذه التنظيمات، حيث يؤكد أن عصبة الأنصار تشكل في هذه المرحلة صمام أمان لأمن المخيم، ويشير الى أن هذا الأمر يعود الى تجربتها الواسعة التي بدأت منذ عام 1986، حين ظهرت بعض المواقف المتشددة التي أدت الى وصفها بالارهابية، لكنه يشدد على أنها تطورت كثيراً في خطابها وعملها الى أن وصلت الى المرحلة الراهنة، حيث يعتمد عليها كثيراً في حفظ أمن المخيم، خصوصاً بعد تخليها عن أي فكرة تتعلق بالعداء الى الآخر.
ويلفت الشيخ حمود الى أن هذا يعود الى فتح العصبة حواراً مع حركة فتح، والى تواصلها مع الفاعليات السياسية والدينية في مدينة صيدا، بالاضافة الى الدور الذي قامت به الأجهزة الأمنية اللبنانية، لا سيما مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم، على صعيد فتح حوار مع العصبة، ويؤكد أنها منذ أكثر من 15 سنة أصبحت من القوى المعتدلة.

ويشير الشيخ حمود الى أنه عند تسليم المدعو بديع حمادة خرجت عناصر متطرفة من العصبة، وظهرت بعض التشكيلات المتطرفة التي رفضت هذا الأمر، لكن قيادات العصبة ساهمت في أكثر من مرة في منع تفجر الوضع.

على صعيد متصل، يؤكد الشيخ حمود أن بقايا المجموعات المتطرفة في المخيم ليسوا بأعداد كبيرة، ويشير الى أنهم معروفون من قبل الجميع، ولا يرى أن هناك خطراً كبيراً منهم على صعيد أي عمل أمني مباشر في عين الحلوة، لكنه يعتبر أنه عندما يكون هناك شخص متهور يستطيع أن يورط المخيم في أي أمر، ويأمل في القدرة على الاستمرار بضبط الوضع في المستقبل
.
وينفي الشيخ حمود وجود أي مخاوف من تكرار تجربة نهر البارد في عين الحلوة، ويؤكد أن هذا الأمر مستبعد بنسبة كبيرة، لا سيما أن قيادات حركة فتح قادرة على ضبط الوضع، خصوصاً أن القيادات الأساسية فيها من أبناء عين الحلوة.

من جهة ثانية، ينفي الشيخ حمود المعلومات التي تحدثت في الفترة الأخيرة عن فرار أحمد الأسير إلى المخيم، ويشدّد على أن هذا الأمر غير صحيح على الاطلاق، ويشير إلى أن فضل شاكر أقام في المخيم لفترة قصيرة قبل أن يغادره، ويؤكد أن عدد أنصار الأسير الذين التحقوا بالمجموعات المتطرفة ليس كبيراً، وامكانيات هؤلاء محدودة لا تخولهم القيام بأي عمل عسكري كبير، لكنه لا ينفي إمكانية قيامها بأعمال أمنية.

فتح قادرة على السيطرة

على صعيد متصل، تؤكد مصادر فلسطينية مطلعة أن حركة فتح لا تزال هي الفريق الأقوى داخل المخيم، وتشير الى أنها لا تزال الحركة قادرة على ضبط الأوضاع فيه بحال حصول أي تطور، لا سيما أن هناك اتفاقاً مع القوى المعتدلة في عين الحلوة على تحييد المخيم عن تداعيات الأحداث القائمة على الساحتين اللبنانية والسورية، وتوضح أن موقف القيادة الفلسطينية في هذا الموضوع واضح وحاسم.
وترى المصادر الفلسطينية أن وضع المخيم أفضل من وضع الكثير من المناطق اللبنانية، وتشير الى أن الدليل على ذلك النجاح في الامتحان الكبير الذي حصل عند وقوع أحداث عبرا لدى الاشتباك مع الجيش في منطقة التعمير.

ولا تنفي المصادر المعلومات التي تتحدث عن أن حركة فتح فقدت جزءاً من نفوذها داخل المخيم، بسبب ترهل أطرها التنظيمية التي تعتمد عليها بشكل أساسي، لكنها تشير الى أن هناك إعادة ترتيب لكل الأوضاع الداخلية، وتلفت الى أن هذا الأمر سوف تظهر نتائجه في المرحلة المقبلة.
وتعتبر أن المطلوب زيادة التنسيق بشكل أساسي وإعادة التواصل مع الجماهير الشعبية، وتؤكد أن الأوضاع لا تزال تحت السيطرة وستبقى كذلك، خصوصاً أن مخيم عين الحلوة لا يحتمل أي تهوّر من أي جهة.

أما بالنسبة الى واقع حركة حماس، تشدد المصادر على أن الحركة هي من القوى التي تساعد على ضبط الوضع في المخيم، على رغم موقفها المعلن من الأحداث السورية، وتشير الى أنها لا يمكن أن تكون إلا عاملاً مساعداً على حفظ الأمن والاستقرار.

منير المقدح

من جانبه، يؤكد قائد كتائب شهداء الأقصى اللواء منير المقدح، في حديث إلى «البناء»، الى أن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، المشرف العام على الساحة اللبنانية، عزام الأحمد كان من المفترض أن يزور لبنان في هذه الفترة من أجل العمل على إعادة ترتيب الأوضاع وتعزيز القوة العسكرية داخل المخيم لأن الحالية لا تصلح لأن تكون أكثر من عناصر شرطة لتنظيم السير.

وفي هذا السياق، يكشف الأحمد عن أن هناك ورقة عمل تتضمن مجموعة من الأفكار المقدمة من قبل مختلف القوى يتم مناقشتها، ويرى أنه في حال اقرارها سيتغير الوضع بشكل لافت، ويشير الى أنها تتضمن مجموعة من الأفكار الجيدة التي ستقدم على أساس أنها ورقة فلسطينية جامعة، وهي تشمل مختلف النواحي الأمنية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية.

ويشير المقدح الى أن الأمن داخل المخيمات هو عمل مشترك بين كل الفصائل والقوى كافة، معتبراً أن سبب التراجع الحاصل داخل بعض المخيمات يعود الى الحصار الاقتصادي على منظمة التحرير الفلسطينية، وحركة فتح، مشيراً إلى أننا «منذ خمس سنوات لم نستوعب أياً من الجيل الجديد».
ويشدد المقدح على أن هناك مجموعة من الأفكار المقدمة الى القيادة الفلسطينية في رام الله، ويرى أن الأهم من ذلك هو أن تكون جميع الأمور منسقة مع الجيش والقوى الأمنية اللبنانية، ويلفت الى أنه مع الاجراءات الجديدية سيكون لدى الحركة القدرة على ضبط الأوضاع داخل المخيم بشكل أفضل، ويؤكد التنسيق مع مختلف القوى السياسية اللبنانية من أجل التأكيد على الموقف الفلسطيني الواضح بأنه لن يكون إلا عاملاً إيجابياً في لبنان.

وعلى رغم تأكيده أن المخيمات تتأثر بما يحصل على الساحتين اللبنانية والسورية، يشير إلى أن القوى الفلسطينية استطاعت على مدى السنوات الأخيرة أن تحيد المخيمات عن الصراع القائم، ويشدد على أن أي شخص يتورط في أي عمل لا يمثل الا نفسه، ويضيف: «أي حالة ستسعى الى توريط المخيم في أي عمل سيتخذ اجراءات لمنعها حتى لو تطلب هذا الأمر استخدام القوة، لا سيما أن تجربة البارد لا تزال حاضرة أمامنا، بالاضافة الى حالة اليرموك اليوم».

وفي ما يتعلق ببعض المجموعات المتطرفة داخل المخيم، يجدد التأكيد على السعي الى تشكيل قوة أمنية رادعة، ويشدد على أن المخيم لا يحتضن هذه المجموعات، وهو يدين كل التفجيرات التي تحصل، ويؤكد التعاون مع الأجهزة الأمنية من أجل تسليم أي مطلوب من قبلها.

- تقريرلـــ «البناء» اللبنانية



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 14 / 2177815

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع مواجهة   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2177815 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40