السبت 8 آذار (مارس) 2014

أوباما ولعبة الضغط على “إسرائيل”

السبت 8 آذار (مارس) 2014 par عوني صادق

قام رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو، قبل أيام، بزيارة لواشنطن التقى فيها الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وبحثا خلال اللقاء موضوع المفاوضات بين الحكومة “الإسرائيلية” والسلطة الفلسطينية . وفي اليوم التالي، صرح مسؤول أمريكي، فضل عدم الكشف عن اسمه، بأن أوباما “تعهد لنتنياهو خلال اللقاء بالضغط على أبو مازن من أجل التوصل إلى اتفاق سلام” .
وصل نتنياهو إلى واشنطن بعد أن أكد على مطالبه لقبول “اتفاق الإطار” الذي يسعى إليه وزير الخارجية الأمريكية جون كيري، وبعد أن تبنى الأخير تقريباً كل مطالبه، بما في ذلك مطلب اعتراف السلطة الفلسطينية ب “يهودية إسرائيل”، وإسقاط حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، والخطة الأمنية التي وضعها . وجدد نتنياهو في واشنطن زعمه عن عدم وجود “شريك فلسطيني” لصنع السلام، بعد أن “وفت”إسرائيل“بكل ما هو مطلوب منها” . مع ذلك، تحدث أوباما عن ضرورة أن “يتخذ نتنياهو قرارات صعبة” من أجل التوصل إلى الاتفاق . وبالرغم من “الإشادات” التي قالها أوباما بمواقف نتنياهو، إلا أن أنصار الأخير رأوا في تحذيرات أوباما من فشل المفاوضات وتأثيراته في “”إسرائيل“ووضعها الاقتصادي” نوعاً من “الضغط” على نتنياهو تجاوز المعتاد، وبينما حاولت الصحافة “الإسرائيلية” أن توحي بأن زيارة نتنياهو ستكون حاسمة في شأن المفاوضات، إلا أن واحداً منهم، على الأقل، هو شمعون شيفر، كتب يقول قبل أن يبدأ نتنياهو زيارته، إنه بعد أن أيقن كيري بفشله في فرض “اتفاق الإطار”، صار المتوقع أن يجري البحث في واشنطن عن “كلمات لتمديد المفاوضات” .
وتهمة “الضغط” التي ألصقوها بأوباما، هي أكذوبة “إسرائيلية” في الأساس، لكنها “لعبة” أمريكية مارستها كل الإدارات الأمريكية لمصلحة “إسرائيل”، منذ ما بعد حرب 1967 على الأقل . إن كل الإدارات الأمريكية التي جاءت بعد ذلك التاريخ، ومنها بالطبع إدارة أوباما، دأبت على الإعلان أنها لا تستطيع أن تضغط على “حكومة”إسرائيلية“”، إما لأن ذلك لا يتماشى و“تقاليد أمريكا في الديمقراطية” و“عدم التدخل في شؤون الآخرين”، وإما لأن ذلك الضغط سيجعل الحكومة “الإسرائيلية” المعنية أكثر تشدداً أو تعنتاً، أو لأن ذلك قد يسقط الحكومة القائمة ويأتي بحكومة أكثر يمينية . (مع أن الجميع يعترفون بأن حكومة نتنياهو الحالية هي أكثر الحكومات اليمينية في تاريخ “إسرائيل”) .
لقد داومت الإدارات الأمريكية في ما يسمى “الضغط” على الحكومات “الإسرائيلية” على القيام بلعبة باتت معروفة إلى حد الافتضاح، فهي إذ تضغط على الحكومة “الإسرائيلية” (عندما تضغط) من خلال بعض “الأقوال”، تقوم بالضغط الفعلي على خصومها بالأفعال والمواقف، وأحياناً بالوسائل العسكرية، ودائماً لمصلحة “دولة”إسرائيل“” . وهو ما يحدث اليوم مع أوباما وكيري وأكذوبة ضغطهما على نتنياهو .
وعندما أشار كيري، في مؤتمر دافوس الأخير، إلى ما يمكن أن يحدث لازدهار “إسرائيل” الاقتصادي في حال فشل المفاوضات الجارية، قامت الدنيا ولم تقعد، وصنفوه على أنه ليس صديقاً ل “إسرائيل”، حتى اضطر أوباما للدفاع عنه، مع أن المقصود كان منع انتشار الصورة السيئة لنتنياهو وحكومته، بعد أن ازدادت مطالبه من الفلسطينيين حتى وصلت إلى مطلب الاستسلام . في الوقت نفسه، فإن كيري وهو يطالب نتنياهو ببعض “التنازلات”، التي ليست تنازلات (الانسحاب من أرض محتلة ليس تنازلاً)، لم ينس مرة أن يجدد ويؤكد على مسامع نتنياهو أن “أمن”إسرائيل“أولوية أولى لدى إدارته”، وكذلك فعل أوباما خلال لقائه نتنياهو في البيت الأبيض، وفي كل مناسبة، وحتى من دون مناسبة . وعندما يبدو الأمر كأن حكومة “إسرائيلية” استجابت ل “ضغط” إدارة أمريكية، يكون ذلك مقابل ثمن، أموالاً وأسلحة ومواقف سياسية جديدة . ونرى اليوم أوباما يحاول أن يحصل على موافقة نتنياهو على “اتفاق الإطار”، وهو “ورقة غير ملزمة”، مقابل الحصول على اعتراف فلسطيني ب“يهودية”إسرائيل“” . أما أضعف الإيمان، فأصبح “تمديد المفاوضات” مقابل “كلام عام” لا يعني أي شيء بالنسبة إلى نتنياهو! ولا نعرف ماذا ستعطيه إدارة أوباما مقابل ذلك، مع أن تمديد المفاوضات هو مطلب “إسرائيلي” في الأساس .
وبالرغم من التصريحات الكثيرة التي أدلى بها مسؤولون فلسطينيون، إلى جانب تصريحات الرئيس محمود عباس نفسه، خلال الأسابيع الأخيرة بشأن التمسك ب“الثوابت”، ورفض مبدأ الاعتراف ب“يهودية الدولة”، إلا أن تعهد أوباما بالضغط على الرئيس عباس يعني في ما يعنيه أن “الانتقادات” التي وجهها لنتنياهو، حول عمليات الاستيطان وبقاء الاحتلال، ليست أكثر من “كلمات” للاستهلاك الفلسطيني أساساً، والعربي بعد ذلك، خصوصاً بعد أن تبنى الموقف “الإسرائيلي” بدءاً من “أمن”إسرائيل“وحتى يهودية الدولة” . كذلك، فإن تعهده بالضغط على عباس ليس مجرد كلمات كما هو الحال مع نتنياهو، وعندما يسأل أوباما عباس من أين ستدفع رواتب الموظفين عندك، يعني أنه سيوقف المساعدات بالفعل، ليس فقط التي تأتي من أمريكا، بل ومن الاتحاد الأوروبي أيضاً، وربما من بعض الدول العربية كذلك . إن مفاعيل هذا “الكلام” يظهر قبل أن يصل عباس إلى البيت الأبيض . وقد ذكرت مصادر فلسطينية أن عباس “يميل إلى تمديد المفاوضات مقابل وقف جزئي غير معلن للاستيطان” . أما سؤال أوباما لنتنياهو متى ستنهون الاحتلال، فيعني: أعطنا موعداً كاذباً نبني عليه أكاذيبنا .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 23 / 2177605

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

24 من الزوار الآن

2177605 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 29


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40