الثلاثاء 13 تموز (يوليو) 2010

السيناريوهات الأمريكية الأوربية لابتزاز تركيا بالعضوية

المشهد التركي في العواصم الأوروبية بعد51 عاماً من محاولات الانضمام إلى اتحادها
الثلاثاء 13 تموز (يوليو) 2010

سعت الإدارة الأمريكية خلال الايام القليلة الماضية إلى حث الدول الأوروبية لجهة العمل من أجل ضم تركيا إلى عضوية الإتحاد الأوروبي، ومحذرةً الأوروبيين من مغبة التمادي في عرقلة انضمام تركيا، وما يمكن أن يترتب على ذلك من قيام تركيا بالتخلي عن أمريكا وأوروبا وانتهاج توجهات أخرى : مامدى مصداقية الموقف الأمريكي إزاء انضمام تركيا لعضوية الإتحاد الأوروبي، وماهي ردود الأفعال الأوروبية والتركية إزاء ذلك؟

معطيات الموقف الأمريكي الجديد : ماذا تقول المعلومات؟

شهدت الساحة السياسية الأمريكية تطوراً جديداً إزاء معطيات علاقات دبلوماسية خط أنقرة - واشنطن، وفي هذا الخصوص نشير إلى الموقفين الآتيين المتعلقين بعضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي :

- الرئيس الأمريكي باراك أوباما : تحدث باراك أوباما مطالباً الدول الأوروبية بضرورة العمل الجاد من أجل ضم تركيا إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، وحمّل الأوروبيين مسؤولية ضياع تركيا من الغرب، إذا تمادت الدول الأوروبية في عرقلة مشروع انضمام تركيا إلى عضوية الإتحاد الأوروبي.

- وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس : تحدث قائلاً بأن عدم ضم الأوروبيين لتركيا في عضوية الإتحاد الأوروبي سوف يكون سبباً رئيسياً في دفع تركيا باتجاه التحول نحو وجهة أخرى لاتخدم المصالح الأمريكية والأوروبية.

لم ينتظر الأوروبيون طويلاً، فقد التقطوا مضمون الإشارات التي حملتها رسائل تصريحات الرئيس باراك أوباما ووزير دفاعه روبرت غيتس، وعلى الفور وبعد بضع ساعات جاءت ردود الأفعال الأوروبية الآتية :

- فرنسا : طالبت واشنطن بضرورة عدم التدخل في الشأن الأوروبي.

- ألمانيا : طالبت واشنطن بضرورة عدم التدخل بالشأن الأوروبي.

- إسبانيا : طالبت بضرورة إضافة شروط جديدة لمفاوضات ضم تركيا للإتحاد الأوروبي.

- إيطاليا : طالبت بضرورة إضافة شروط جديدة لمفاوضات ضم تركيا للإتحاد الأوروبي.

أما مفوضية الإتحاد الأوروبي، فقد التزمت الصمت، تاركةً المجال للعواصم الأوروبية الرئيسية : باريس - برلين - مدريد - روما، لكي تقول رأيها الواضح والصريح.

أزمة المصداقية على خط أنقرة - بروكسل : أبرز الشكوك المتبادلة

تقول التقارير والتحليلات بأن إدراك الرأي العام التركي إزاء مدى مصداقية مشروع انضمام تركيا لعضوية الإتحاد الأوروبي، أصبح إدراكاً ينطوي على المزيد من مشاعر اليأس والرغبة بالانصراف إلى ما يمثل فعلاً الواقع الجيو- سياسي التركي، وفي هذا الخصوص تشير إستطلاعات الرأي التركي إلى الآتي :

- بلغ التراجع الشعبي التركي إزاء عضوية الإتحاد الأوروبي إلى 20%، وهو حد أدنى غير مسبوق، مقارنة بالمستويات السابقة التي كان أقلها في حدود 60%.

- بلغ الصعود الشعبي التركي إزاء عضوية الإتحاد الأوروبي إلى حوالى 60%، وهو مستوى قليل مقارنة بالمستويات السابقة التي كانت تصل إلى حوالى 90%.

أكدت التحليلات والتقارير، بأن الموقف الشعبي التركي إزاء جدوى مصداقية الانضمام للإتحاد الأوروبي أصبح يواجه تراجعاً مستمراً، أما الموقف الرسمي إزاء جدوى هذه المصداقية، فهو لم يتغير أو يشهد أي تراجعات، فحكومة حزب العدالة والتنمية، ماتزال أكثر تعاوناً مع المفوضية الأوروبية، لجهة إكمال جولات التفاوض بما يؤدي إلى ضم تركيا لعضوية الإتحاد الأوروبي، وفي هذا الخصوص تشير التحليلات إلى أن الموقف الرسمي التركي سوف لن يشهد تراجعاً من عضوية الإتحاد الأوروبي، على الأقل ضمن المدى القريب المنظور.

أسباب تراجع الرأي العام التركي إزاء دعم مشروع عضوية الإتحاد الأوروبي يعود بشكل أساسي إلى الإدراك الشعبي التركي المتزايد لحقيقة النوايا الأوروبية المتزايدة السلبية إزاء مشروع ضم تركيا، ومن أبرز المؤشرات التي أصبحت تمارس حضورها على القوى وعلى توجهات الرأي العام التركي، نجد الآتي :

- لقد تقدمت تركيا بطلب الانضمام إلى التكتل الإقليمي الأوروبي في عام 1959، عندما كان أعضاءه آنذاك ستة دول أوروبية فقط، والآن وبعد مرور أكثر من 50 عاماً على ذلك فإن الأوروبيين مازالوا أكثر اهتماماً بفرض المزيد من القيود المعرقلة لمشروع انضمام تركيا.

- بدأ التكتل من عام 1959 بعضوية ستة دول، والآن أصبح عدد الأعضاء (27) دولة، أي تّم ضم (21) دولة للعضوية، وحتى الآن لاتبدو بارقة أمل في ضم تركيا لعضوية الإتحاد الأوروبي.

- تقدمت تركيا في عام 1959 بطلب الانضمام لعضوية التكتل الأوروبي أي قبل أن تتقدم إيطاليا وإسبانيا بطلب الانضمام.

- الدول التي تّم ضمها مؤخراً لعضوية الاتحاد الأوروبي تعتبر أكثر تخلفاً من كافة الجوانب عند مقارنتها مع تركيا، فقد تّم ضم سلوفاكيا، وتشيكيا، وهنغاريا وماشابه ذلك من دول شرق أوروبا السابقة، والتي لا يرقى مستوى تطورها الإقتصادي والتكنولوجي والسياسي والاجتماعي إلى مستوى تركيا..

على خلفية هذه النقاط، تحول الرأي العام التركي، إلى طرح التساؤل المثير للاهتمام، والقائل : من يحتاج من؟

- إن التطور الإقتصادي في تركيا قد حقق معدلات نمو كبيرة تجاوزت الـ9%.. مقابل التراجع الكبير في معدلات نمو الإتحاد الأوروبي وبالتالي، فإن تركيا قد لا تكون في حاجة اقتصادية ماسة لنيل عضوية الإتحاد الأوروبي.

- إن التطور الإقتصادي الأوروبي الذي هبطت معدلات نموه، إضافة إلى تفاقم ضغوط الأزمات الإقتصادية، والتي بدأت بالأزمة الإقتصادية اليونانية، ومايمكن أن يلحق بها من أزمات في بلدان أوروبية أخرى، هي جميعها مؤشرات تفيد لجهة أن اقتصاد الإتحاد الأوروبي هو الذي يحتاج إلى دعم الإقتصاد التركي.

- إن انضمام تركيا في هذا الوقت للإتحاد الأوروبي سوف يساعد بقدر كبير في انتقال عدوى الأزمات الإقتصادية الأوروبية إلى الإقتصاد التركي.

هذا، وتقول التحليلات والتقارير، بأن الأشهر القليلة القادمة سوف تشهد تزايداً أكبر في مشاعر عدم رغبة الأتراك إزاء الانضمام لعضوية الإتحاد الأوروبي، وميلهم أكثر فأكثر باتجاه أن تنضم تركيا إلى التكوينات الإقليمية الشرق أوسطية، أو أن تبقى ضمن إطار الحياد الإيجابي وتلعب دورها التاريخي كنقطة اتصال بين الغرب والشرق.

سيناريوهات إبتزاز تركيا : إلى أين؟

تشير معطيات الأحداث والوقائع الجارية على خط أنقرة - واشنطن، وخط أنقرة - بروكسل، وخط أنقرة - لندن، إلى أن تركيا تتعرض حالياً لواحد من أكبر عمليات الإبتزاز السياسي الدبلوماسي، وبتفصيل أوضح نشير إلى الآتي :

- دبلوماسية خط أنقرة - لندن : سعت بريطانيا إلى الإعلان عن مشروع بناء شراكة إستراتيجية مع تركيا، إضافة إلى رغبة بريطانيا القيام بدعم عضوية تركيا للإتحاد الأوروبي. وما يفقد التصريحات البريطانية مصداقيتها أنها جاءت على خلفية زيارة وزير الخارجية البريطاني ديفيد هاغيو الأخيرة إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، حيث ناقش هناك بعض الملفات الدبلوماسية الحساسة مع الأمريكيين، الأمر الذي يؤكد بأن الموقف البريطاني إزاء تركيا ماهو إلا محاولة لتنقية الأجواء وتقريب أنقرة إلى لندن.

- دبلوماسية واشنطن - أنقرة : جاءت التصريحات الأمريكية الداعمة لإنضمام تركيا للإتحاد الأوروبي على خلفية فشل إجتماع الوزير «الإسرائيلي» بنيامين بن أليعازر مع وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو الأسبوع الماضي في أحد البلدان الأوروبية، فقد طلب الوزير التركي من «الإسرائيلين» الاعتذار وتقديم التعويضات.. وبالمقابل أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو صراحةً بأن «إسرائيل» سوف لن تعتذر ولن تقدم أي تعويضات لتركيا..

- دبلوماسية بروكسل - أنقرة : سعت المفوضية الأورويبة إلى التمسك بالمزيد من المواقف المتشددة إزاء مشروع انضمام تركيا، ومنها على سبيل المثال لا الحصر : مطالبة الحكومة التركية بإجراء التعديلات التي رفض البرلمان التركي إجازتها والمتعلقة بإخضاع المؤسسة العسكرية للإدارة المدنية، وإلزام العسكريين بالمثول أمام المحاكم المدنية، إضافة إلى ضرورة قيام أنقرة بسحب قواتها من جمهورية قبرص الشمالية (التركية)، والقيام بفتح الأسواق والموانئ التركية أمام تدفقات السلع والخدمات القادمة من جمهورية قبرص اليونانية.

تشير المعطيات والوقائع الجارية، بأن سيناريو الموقف الأمريكي الداعم لعضوية تركيا، والموقف الأوروبي، هما موقفان يمكن قراءتهما على أساس اعتبارات أن المطلوب أمريكياً وبريطانياً، يتمثل في الآتي :

- أن تتفاهم لندن مع أنقرة، لجهة دفع تركيا إلى الإنخراط في المواقف التي تتطابق وتنسجم مع الموقف الأمريكي - «الإسرائيلي» إزاء قضايا الشرق الأوسط.

- أن تتفاهم واشنطن وأيضاً لندن مع أنقرة لجهة دفع تركيا إلى الإنخراط في مشروع إنفاذ العقوبات الدولية والأوروبية والأمريكية ضد إيران.. وإضافة لذلك، فقد سعت «إسرائيل» من جانبها إلى خيار التعامل بــ (العالي) مع تركيا، فقد أعلن الكيان رسمياً عن جهود «تل أبيب» الرامية إلى استبدال الشراكة «الإسرائيلية» - التركية بالشراكة «الإسرائيلية» - اليونانية، بما يتيح لـ «إسرائيل» العمل من أجل دعم المواقف اليونانية، وعلى وجه الخصوص دعم الموقف اليوناني إزاء الأزمة القبرصية، وأزمة الممرات البحرية في جزر بحر إيجه مع تركيا، إضافة إلى أزمة مصير السيادة على جزر بحر إيجه المتنازع عليها بين تركيا واليونان، وهذا من أبرز الدلائل التي كشفت عن مدى خداع وتضليل الموقف البريطاني والأمريكي، أن التصريحات الأمريكية الإيجابية الداعمة لعضوية تركيا في الإتحاد الأوروبي بواسطة الرئيس الأمريكي أوباما و وزير دفاعه روبرت غيتس، كانت تصريحات متزامنة مع التصريحات التي أطلقتها وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون وهي واقفة في إرمينيا إلى جانب النصب التذكاري لضحايا المذبحة الأرمنية والتي رأى الخبراء بأنها تصريحات مهينة لتركيا.. فهل تقبل أنقرة بالجزرة التي لوح بها أوباما وغيتس، أم سترفض ويكون نصيبها العصا الأمريكية التي لوحت بها من إرمينيا الوزير الأمريكية هيلاري كلينتون؟!!.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 14 / 2180744

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع ريبورتاج   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2180744 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 7


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40