الخميس 20 آذار (مارس) 2014

هجوم عباس على دحلان والرقص بين المحاور

رسمي الجابري
الخميس 20 آذار (مارس) 2014

هجوم الرئيس المفاجئ وغير المسبوق على السيد دحلان ، يفرض العديد من الاسئلة.... لماذا الآن ؟! ولماذا يتم عبر البوابة السياسية ومن خلال الرئيس نفسه ؟! و ليس عبر الأطر القضائية المفترضة ؟! وهذه الاسئله البسيطة ولكن الأساسية ، تستحضر بدورها مفارقة هامة مركبة من ثلاث مستويات ,لعلها تتيح استكشاف الهواجس والدوافع القابعة خلف الخطاب ..
ففي مستواها الاول , يلاحظ المراقب أن الاتهامات التي سيقت ليست بالجديدة ولا هي بالمفاجئة , ولا تضيف جديدا لما هو معروف وشائع , فالسيد دحلان معروفا بكونه الحصان الأمريكي - الإسرائيلي الأسود قبل أن يخسر مواقعه ونفوذه ,ورصيده الشعبي والوطني, ولا يغير من هذه الحقيقة ما يحظى به من رعاية مصرية – خليجية ؟! ولا الأموال والاستثمارات الكبيرة التي يديرها ؟! صحيح أنها تتيح له شراء بعض الذمم وتأجير البعض هنا وهناك , ولكن هذا لا يجعل منه خصما منافسا بذاته ولا يوفر له رصيدا شعبيا أو بعدا وطنيا ذا قيمة ...والحقيقة أن الذاكرة الوطنية الجمعية لم تنسى فرض الثنائي عباس - دحلان على الراحل عرفات قبيل اغتياله ؟؟ لذلك وغيره ,ربما أمكن نبذ السيد دحلان شعبيا وعزله حركيا ووطنيا ....فما الجديد ؟!
والمفارقة في شقها أو وجهها الثاني أن دحلان سبق وخسر رصيده وأهميته في ميزان القوى الداخلي بدءا بغزه على يد حماس , وأيضا على مستوى الحركة بعد أحالته إلى التحقيق ومن ثم فصله من حركة فتح , ولا توجد معطيات داخلية تؤشر إلى متغيرات جديدة في موازين القوى الداخلية ...
باختصار السيد دحلان سبق وفقد عوامل القوة وطنيا وحركيا ومكروه شعبيا ,ولا يمثل تهديدا للسيد عباس انطلاقا من المعادلة الداخلية الفلسطينية ... فلماذا الهجوم المدوي والمتوتر إذن ؟! بل والمشحون بالقلق ؟! واستدعاء المناخات التي سبقت عزل ومن ثم اغتيال الراحل عرفات ؟؟؟
ربما المستوى أو الوجه الثالث لهذه المفارقة يساعد في فهم القضية ويكشف المستور, فالرئيس عباس حظي ولا يزال بدعم الجامعة العربية ,فهي المؤسسة التي مددت له ومنحته الشرعية !! بعد انتهاء فترته الرئاسية ...وهو يحوز كذلك على اعتراف دولي كرئيس لدولة فلسطين الافتراضية بعد عضوية فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة...فلماذا هذا القلق وهذه الخشية إذن , فيما هو مزنر بشرعية فتح والمنظمة والرئاسة ومدجج بالشرعية العربية والدولية؟؟؟!!
ولكن أولم يكن الراحل عرفات يحظى بكل هذه الشرعيات ومضافا لها الشرعية الشعبية والتاريخية ؟ فهل حمته هذه الشرعيات من العزل والاغتيال ؟ عندما قرر الصمود والعوده للعبة التكتيك التي يجيدها...ترى هل يخشى الرئيس عباس المعين بقرار الجامعة العربية ان يبيعه ملوك النفط كما باعوا الراحل عرفات, وان يفتك به الضبع الصهيو – أمريكي إذا ما قرر إيقاف مسلسل التنازلات كما فتك بالراحل عرفات آنذاك ؟؟ ... أم تراه يمهد لقرار الرضوخ للضغوط الصهيو- أمريكية - الخليجية ؟؟ ... ترى هل الرئيس عباس والإطار القيادي لحركة فتح يستبطن قلقا جديا ومخاوف حقيقية من مخاطر سيناريو انقلاب سياسي ؟؟
أم يمهدون إلى انهيار سياسي عبر فزاعة دحلان ؟؟
ليس سرا ولا خافيا أن السيد عباس يقترب من مفصل خطير ومن استحقاق له ما بعده , فالموعد المضروب كنهاية لجولات التفاوض بات وشيكا , وإطار كيري المفترض يواجه استعصاءا , ولا يبدوا انه يحظى بقبول فريقي التفاوض وفق ما هو معلن , وبات الرئيس عباس أمام احد خيارين فأما وقف التفاوض وسحب الملف من الراعي الأمريكي والذهاب إلى الأمم المتحدة تنفيذا لما سبق والتزم به ... أو الخضوع للابتزاز الأمريكي _الصهيوني والقبول بإطار كيري لتصفية القضية وشطب حق العودة والاعتراف بالدولة اليهودية
يبدوا أن الرئيس عباس بهجومه على دحلان أراد الجهر بمخاوفه وخشيته من مخاطر انقلاب أمريكي – إسرائيلي - خليجي , إن هو قرر التمرد والصمود أمام الابتزاز الصهيو – أمريكي ...وسحب الملف من الراعي الأمريكي ونقله إلى الأمم المتحدة ,وان يشير إلى مكمن الخطر الذي يتهدده , ومعلوم أن دحلان مسنود بالمحور السعودي – الإماراتي – البحريني – الأردني – المصري ...
ترى هل يريد الرئيس مجرد تحذير المحور الداعم لدحلان ؟؟؟ أم انه قرر المبادرة إلى الهجوم ؟؟؟.وان يسعى للإفادة من هامش التنافس والصراع المحتدم بين المحور (السعودي ) و(المحور القطري – التركي – الأخواني الحمساوي ) ...أم تراه يخشى الوقوع بين مقصي المحورين وبين فكي كماشة حماس ومحورها من جهة ودحلان ومحوره من جهة أخرى ؟؟
صحيح أن المحور القطري - الاخواني الحمساوي يعاني العزلة وارتدادات الفشل ..ولكنه لا زال يملك الحضور الفاعل في غزة , ويسعى ولا شك إلى استثمارها في صراعه التنافسي مع المحور السعودي ,والثبات في حلبة السباق والرهانات الصهيو- أمريكية , وغزه كما هو معلوم هي بوابة دحلان الفلسطينية , كما أنها حاجة مصرية – سعودية ,لإقصاء الإخوان وقطر وإرغامهم على الخضوع للمركز السعودي, ولعل هذا ما يفسر مسعى عباس للتقرب ومغازلة حماس الرابضة في الحضن القطري من بوابة اغتيال صلاح شحاده , وتذكيرها بخطورة دحلان على أمنها , فالتنافس والصراع بين المحورين كما يبدوا يغري الرئيس وحركة فتح للافاده من أزمة حماس من موقع المصلحة المشتركة في إغلاق بوابة غزة أمام دحلان ,ويؤشر إلى إمكانيات المصالحة والتفاهم وحاجة الطرفين المستجدة, كما يعكس في الوقت ذاته خشية عباس وحركة فتح , من مخاطر وإمكانية التفاهم بين حماس ودحلان كثمرة ونتاج لتفاهم محتمل بين المحورين
فالمحوران يتنافسان على أرضية التبعية والولاء للسياسة الصهيو- أمريكية , ويسعى كلا منهما لإثبات نفسه وقدراته في تصفية القضية الفلسطينية وإنهاء الصراع العربي الصهيوني والبرهنة على جدارته للفوز بقيادة المنطقة بالشراكة مع الصهيوني ...والحقيقة أن واقع حال الرئيس عباس وفقا لهذا المنظور لا يختلف بتاتا فسجله حافل بالخدمات الجليلة للسيد الصهيو- أمريكي , وقد سبق وان استخدم كبديل صهيو- أمريكي للراحل عرفات جنبا إلى جنب مع دحلان ,عدوه الحالي وبديله المحتمل ...وهنا بالذات تكمن أزمة السيد عباس وطاقمه , فالرجل يواجه خطر التحول إلى ورقة مستهلكه لصالح احد البديلين , دحلان المسنود بالمحور السعودي – الإماراتي – المصري - الأردني - أو حماس المسنودة بالمحور القطري - التركي - الاخواني..أو شطبه لصالح تفاهم المحورين ...
ويبدو أن حال الرئيس وهو يحاول الرقص بين المحورين , كحال الهارب من الدلف للوقوف تحت المزراب ..رب قائل وهل يخشى القابع في مستنقع التبعية من البلل ؟؟ نعم هذا صحيح لن يخشى البلل ولكن عليه بالتأكيد أن يخشى الغرق والشطب وليس البلل..والسيد عباس ومعه حركة فتح عليهم أن يعلموا وربما هم يعلمون , أن الاستسلام لمشيئة كيري – نتنياهو لن تنجيهم , وان مصيرهم بعد ذلك لن يختلف عن مصير ذكر النحل ... لعلهم يدركون ذلك, ولعلهم يفهمون جيدا أن الزمن لم يعد ذاك الزمن ..وان السيد الأمريكي فقد انفراده وهيمنته المطلقة وفقد طاقة وعوامل الصعود والهجوم الشامل , وان زمن المحافظين الجدد ومشروعهم الإمبراطوري لتكريس الانفراد الأمريكي عالميا والصهيوني اقليميا قد ولى وانتهى .. وان أفق التحرر قد أنفتح من جديد وان الواقع يتبدل ...
والاهم إدراك انه لم يعد ممكنا شطب فلسطين ولا الصراع العربي الصهيوني وان زمن شطب الراحل عرفات واستبداله بالثنائي عباس – دحلان ,واختزال القضية الفلسطينية إلى مجرد ملف برسم وتصرف المجرم شارون قد انتهى ...وان يستخلصوا الدروس والعبر ..ويعيدوا مراجعة وتقدير الموقف والمتغيرات ....لعلهم يعون أن الأمريكي قد فشل وانه يتقهقر ويخرج من المنطقة مدحورا وان المعادلة الدولية تبدلت , وان حلف التبعية الإقليمي يتصدع ويفقد زعامته وهيمنته على المنطقة , وان المعادلة الإقليمية الحاضنة لمشاريع التسوية والاستسلام , تنهار , وان حقبة إسرائيل –النفط كامب ديفيد توشك على الاندثار , وان حلف المقاومة يكسب المعركة الكبرى وفي طريقه لمليء الفراغ والإمساك بالمنطقة , وان إسرائيل – النفط تخسر استراتيجيا وفي طريقها للتحول إلى عبئ , وان المكاسب التكتيكية لا قيمة لها أمام الخسارة الإستراتيجية , وان حجم الأذى والدمار الذي لحق بسورية لا يمكن أن يحجب انتصارها الاستراتيجي ... وان الدمار والخسائر شيء والانتصار ونتائجه شيء آخر, وان المنتصر هو الحي وهو الوارث
لاشك إن عباس وحركة فتح يدركون , أن الثناثي أوباما – كيري قد تبنيا رؤية النتنياهو من موقع العجز والرضوخ أمام تصلب نتنياهو, وإصراره على تغليب الاولويه اليهودية على حساب الرؤية الامريكيه والغربية , لحل أزمة الكيان وتأمين مستقبله , نعم حل ازمة الكيان وليس أزمة الشعب الفلسطيني ..وليس خافيا على احد ان الكيان وحلفائه يختلفون فيما بينهم على الوسائل والسياسات الأنجع لخدمة الكيان العدواني ..وليس خافيا كذلك ان نهج التفريط والاذعان لعب دوما دورالاسفنجة الجاهزة لامتصاص الضغط حيثما برزت أزمة بين الكيان وحلفائه ..عبر استسهال الضغط وحل الازمه على حساب الضعيف المدمن على التفريط .....ففي أساس وجوهرالعلاقة بين الخادم والمخدوم , ثمة حاجة المخدوم الى من يقدم الخدمة وان يكون في وسع وقدرة الخادم تأدية هذه الخدمة , وبمعزل عن مراتب الخدم وتفاوت اهميتهم , فأن الكيان الصهيوني كما عباس وسلطته يتماثلون في الوظيفة ويختلفون في الاهمية ,فالكيان الصهيوني قاعدة خدمة وعدوان للمركز الامبريالي وهوخادم بمرتبة رئيس خدم ويستمد أهميته من قدرته على أداء هذه الخدمة وتحويل الفلسطينين والعرب الى عبيد وخدم , في خدمة السياسات والمصالح الامبريالية الغربية , وحيثما تلكأ فثمة أزمة مع هذه المراكز ,ومن غير الممكن ان يتمرد فيغدو سيدا بذته وندا لأسياده او أن يعجزعن ادارة العبيد والخدم دون ان يفقد قيمته واهميته ودوره , والامر ذاته ينطبق ايضا على سلطة اوسلوا وكل المنظومات التابعة ..
ومن البدهي ان عباس وحركة فتح يعلمون ذلك, ويدركون ان خيار الصمود و المقاومة وحده القادرعلى تعطيل الوظيفة العدوانية الاخضاعية لدولة الكيان وهو الخيار الوحيد لتظهير أزمة الكيان البنيوية و مفاقمتها وصولا لتفجيرها .. فهذا في اساس وجوهر نظرية الثورة التي ساهموا في تفجيرها قبل عقود واستمدوا قيمتهم واهميتهم منها ..ويعلمون ربما اكثر من غيرهم ومن واقع الخبرة والتجربة , ان خيار التفاوض والرضوخ والإذعان كان دوما الرئة التي يتنفس منها الكيان ويمده بالقدرة على إدارة أزمته و تدويرها ... والحقيقة انهم استثمروا بقناعة وعن سابق تكويع وانكسارفي خيار التفريط والتخديم
ولكن هل يدركون اليوم ان خيار التفريط والاذعان لم يعد قادرا على تعويمهم وبقائهم في المعادلات السياسية , بسبب شيخوختهم السياسية واستنفاذ عوامل القوة والرصيد وعجزهم عن احتواء المعادلة الفلسطينية, وبالنظر للمتغيرات في المعادلة الاقليمية والدولية والتعقيد المتزايد في ميدان الصراع وطبيعة القوى المنخرطة وحاجة العدو الى مركب خدمات جديد وادوار فلسطينية وغير فلسطينية تتجاوزهم حكما , وان انشوطة اوسلوا باتت تلتف وتضيق على اعناقهم
فهل يدركون إن خيار الصمود والمقاومة والاستثمار في الصمود والانتصار السوري, هو قارب نجاتهم الوحيد, وان استسلامهم يخرجهم من دائرة الصراع...هل يذهبون إلى الانتحار والتضحية بأنفسهم وبشعبهم لحل أزمة العدو , وتمتين علاقته بسيده الامبريالي ؟؟!! هل يشنقون أنفسهم بأنشوطة أوسلو ...
أم يتمردون على سياسة الرضوخ وخيار الإذعان ؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 4 / 2178743

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2178743 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40