شيّعت جماهير غفيرة في لوحة وحدة وطنية كاملة غير مسبوقة عكستها صورة الدم الموحد في الميدان ظهيرة أمس السبت شهداء العملية الإجرامية الصهيونية في مخيم جنين والتي ارتقى بنتيجتها الشهداء الثلاثة أبو الهيجا وجبارين وأبو زينة فيما لوحظ اختفاء السلطة الفلسطينية وأجهزتها من المشهد تماماً،وردّ>ت الجماهير شعارات غاضبة تدعو إلى الثأر من العدو الغادر على هذه الجريمة البشعة فيما أدانت الجماهير ما يسمى بالتنسيق الأمني مع العدو وهو التعاون المخابراتي مع العدو والذي بموجبه تقدم أجهزة أمن السلطة كافة المعلومات عن المجاهدين والمقاومين وتتعاون في ملاحقتهم ومطاردتهم واعتقالهم والضغط على أسرهم وتحديد مواقع المطاردين منهم لتقديمها للعدو حال عجزهم عن تنفيذ المهمات القذرة تلك لتقوم أجهزة مخابرات العدو وجيشه عندها بالمحاصرة والاغتيال.
وأصدرت الأذرع العسكرية الثلاث: القسام والسرايا وكتائب شهداء الأقصى بيانا مشتركا حمّلت فيه العدو والسلطة مسؤولية الجريمة وتوعّدت بالرد على جريمة العدو عاجلا غير آجل وفي أقرب وقت وثمّنت فيه توحد الدم الفلسطيني في وجه التمزيق المفروض على ساحة العمل السياسي الفلسطيني والذي يثمر في بيدر العدو. وجاء في بيان الأذرع العسكرية :إننا في كتائب القسام وسرايا القدس وكتائب الأقصى نزف اليوم إلى شعبنا وأمتنا كوكبة جديدة من أبطال مخيم جنين البررة،وإننا اليوم إذ نزف شهداءنا الميامين إلى جنان الخلد –بإذن الله- لنؤكد على إن المقاومة في الضفة المحتلة هي جمرٌ تحت الرماد، وستخرج للمحتل من حيث لا يحتسب، وهي مقاومة حيّة لن تموت بإذن الله ما دام هناك محتل غاصب.
وأصدر تيار المقاومة والتحرير في حركة «فتح» بيانا ظهيرة أمس دعا فيه إلى وقف عبثيات اللقاءات مع العدو الصهيوني وإلى وقف مهزلة الخيانة المشرعنة تحت اسم «التنسيق الأمني » وتجسييد الوحدة الوطنية في الميدان بين كل قوى العمل الوطني مؤكدا على كوادر التيار للانطلاق إلى الساحات والميادين بوجه العدو وضربه في كل نقاط حركته وتنقلاته داخل الوطن المحتل فيما أهاب بالأذرع العسكرية الفتحاوية في كتائب الشهيد عبدالقادر الحسيني وكتائب شهداء الأقصى للرد على هذه الجريمة «الرسمية » والتي قادتها أعلى المستويات السياسية وليس فقط الأمنية في حكومة العدو باعترافه ، والتي تأتي تحت مظنة ترميم صورة الردع الصهيونية المتآكلة من الخاصرة الرخوة في الضفة والقدس حيث تؤمن “المفاوضات” والتنسيق الأمني المخابراتي كلا من المظلة السياسية والأداة للهجوم على المقاومة فيهما، وقد خلص التيار إلى أن عنوان المرحلة لاحباط هذا المخطط الذي يغذيه ويسرعه مخطط كيري واستحقاقاته الأمنية هو في «تحطيم الردع الصهيوني» نهائيا من الضفة والقدس تحديدا من خلال المواجهة والانتفاضة. وقال التيار في بيانه “ونحن نوجه التحية إلى أبناء شعبنا الصامد في بيرزيت وجنين والخليل ونابلس والقدس في الوطن المحتل ، ونزف الشهداء الذين ارتقوا إلى الفردوس الأعلى بكل الفخر والاعتزاز، وقد صنعوا عنوان الوحدة ، نؤكد أن المخطط الصهيوني لن يمر، وسيتحطم مشروع العدو في ترميم قوة ردعه في الضفة والقدس على حساب فاتورة دم أبناء شعبنا هناك ، كما تحطم على أبواب غزة المجد”.
هذا فيما رفعت أجهزة العدو الأمنية استعداداتها في الوطن المحتل إلى درجة فائق الخطورة تحسبا لردة فعل الجماهير في الضفة فيما استجابت الحراكات الشعبية وأعلنت عن عدة مسيرات وتجمعات لإحياء الغضب ردا على جريمة الفجر، فيما اندلعت مواجهات عنيفة في بلدة اليامون غرب جنين، فجر اليوم الأحد (23-3)، عقب اقتحام قوات الاحتلال للبلدة والانتشار بمختلف أحيائها وخاصة في منطقة المصرارة وسط البلدة.
ونقلت وكالات عن شهود عيان أن أعدادا كبيرة من قوات الاحتلال الصهيوني داهمت البلدة فجر اليوم حيث تجمع الشبان بمنطقة المصرارة ورشقوا الجنود بالحجارة أعقبها إطلاق كثيف للأعيرة النارية والقنابل الصوتية والغازية.وأشارت المصادر إلى أن المواجهات امتدت إلى أحياء أخرى في البلدة عقب اقتحام قوات الاحتلال لها حيث داهمت عددا من المنازل واستجوبت ساكنيها.وأضافت المصادر أن قوات الاحتلال داهمت منزل المواطن هيثم حوشية وسلمته بلاغا لمراجعة مخابراتها في معسكر سالم شمال جنين.
ومن جهة أخرى اعتبر النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني إبراهيم دحبور أن ضخامة الجماهير المشاركة في تشييع شهداء مخيم جنين الثلاثة، الذين قتلهم الاحتلال فجر اليوم السبت، “استفتاء شعبي على تأييد ودعم نهج المقاومة والمواجهة مع الاحتلال”.
وأضاف دحبور في تصريحات لـ “قدس برس”: “إن تنوع الفصائل التي ينتمي لها الشهداء (”القسام“و”السرايا“و”الأقصى“) ساهم بشكل لافت في حجم المشاركة الواسع”، مشيرًا إلى رمزية الشهيد حمزة أبو الهيجا ومكانته، كونه ابنا للأسير المجاهد القائد جمال أبو الهيجا المحكوم بتسعة مؤبدات ودوره المميز في معركة مخيم جنين وقيادته للعمل المقاوم ضد الاحتلال، إضافة إلى كون الشهيد شقيق لأسيرين (عماد وعبد السلام)، وكذلك إلى أن أمه الأسيرة المحررة والمريضة على سرير الشفاء في مستشفى الرازي، وشقيقته الأسيرة المحررة (بنان)، كل ذلك شكل حالة من التعاطف والالتفاف الجماهيري لعائلة الشهيد".
وأشار النائب الفلسطيني عن كتلة “التغيير والإصلاح” البرلمانية التابعة لـ “حماس” إلى أن ما زاد من ضخامة المشاركة أن حمزة كان مطاردًا لقوات الاحتلال، ولم يستشهد بشكل عفوي، وإنما كان مستهدفًا، بل وقاوم حتى النفس الأخير وجرح عددًا من الجنود، حسب اعتراف العدو، وهدمت أجزاء من البيت الذي كان بتحصن فيه".
وأشار دحبور إلى أن أبناء الشعب الفلسطيني “سئموا من نهج التفاوض ومسيرة التنازلات والصراعات الداخلية، فوجدوا في المشاركة بجنازة الشهداء متنفسا للتعبير عن غضبهم ورفضهم لهذا النهج الذي يستمر رغم دفق الدماء التي تسيل كل يوم وفي كل مكان من فلسطين”.
وفي السياق ذاته؛ استغرب دحبور من غياب المؤسسة الرسمية الفلسطينية عن جنازة الشهداء وبشكل لافت وواضح، سواء أكانت المحافظة أو الشرطة أو الأمن الوطني، “مما ساهم في زيادة شقة التباعد بينها وببن أبناء شعبها”.
وأكد على أن “غياب المؤسسة الرسمية عن هذه المناسبة والعرس الوطني، لم يكن مبررا على الإطلاق، بغض النظر عن الخلافات الداخلية، فمن واجب السلطة أن تحتضن أبناءها وتحميهم من بطش الاحتلال، أما أن تعجز عن حمايتهم، وفي الوقت ذاته تغيب عن مشاركة ذويهم وفصائلهم عرس وداعهم، فهذا غير مقبول، ولا يخدم المصلحة الوطنية، ويساهم في زيادة الاحتقان والغضب”.
واستطرد النائب دحبور قائلا: “شكلت جنازة الشهداء مثالا واقعيا لإمكانية تحقيق الوحدة الوطنية وإنجاز المصالحة وتوحيد الجهود، وأرسلت برسالة مفادها، أن جميع أبناء الشعب الفلسطيني، وكل فصائله، مستهدفون من الاحتلال، فهو لا يفرق بين ابن المدينة أو القرية أو المخيم، ولا يفرق بين فتحاوي أو حمساوي أو جبهاوي أو جهادي، فالكل عنده سواء، ودم الجميع مستباح ما دام فلسطينيا”.