الاثنين 24 آذار (مارس) 2014

معركة الدم الواحد

الاثنين 24 آذار (مارس) 2014 par أمجد عرار

هكذا وبلا أخذ اعتبار لسلطة فلسطينية أو اتفاقات أو مفاوضات أو لقاءات فضائية في واشنطن، تدخل قوات الاحتلال “الإسرائيلي” مخيّم جنين وتقتل ثلاثة مقاومين بدم بارد . حمزة أبو الهيجا كان داخل منزل في المخيّم، ولم يكن في طريقه لتنفيذ عملية فدائية، ولم يتلق رصاص حقد الصهاينة في محيط معسكر لجيشهم، وإلا لقلنا إن أمراً طبيعياً حدث، وإنها معركة اختار مكانها وتوقيتها مقاوم فلسطيني . محمود هاشم أبو زينة ويزن محمد جبارين هبّا لنجدة رفيقهما الذي كان فرداً في مواجهة جيش . معركة غير متكافئة في الميدان، لكن التفوّق المعنوي فيها من ثوابت المقاوم الفلسطيني على الدوام، حيث لم يغادره اليقين بأن المقاومة هي الطريق الوحيد والأقصر لاستعادة حقوق الشعب الفلسطيني كاملة غير منقوصة، ويدرك أن أمانة فلسطين منقوشة على جدران قلوب الفلسطينيين ومعلّقة في أعناقهم حتى آخر قطرة دم .
ورغم أن مشهد الاشتباك الذي تجسّدت فيه الوحدة في الميدان بين ثلاثة مقاومين من ثلاثة فصائل، ليس الأول في مسيرة النضال الفلسطيني، إلا أنها معركة جاءت بعد فترة سوداء ما زالت مستمرة يتّشح بها وجه القضية الفلسطينية بفعل الانقسام السياسي الذي يلطّخ التاريخ الفلسطيني بالخجل . هذه الوحدة الميدانية جاءت لتقول للقيادات النائمة على فراش التسليم بواقع الانقسام، والجالسة على كراسي دافئة ولو في كيانين يظنانهما “جمهوريتين عظميين”، إن الوحدة الوطنية هي ضمانة التوهج الدائم للنضال الفلسطيني وانتصاره النهائي، وليس البقاء الدائم لهذا القائد أو ذاك الحزب .
وحدة المقاومين الثلاثة تلقائياً ووجدانياً أنتجت بياناً مشتركاً لم يصدر مثيله طيلة سنوات، قال فيه مقاومو ثلاثة فصائل قياداتها إما أنها تقود الانقسام أو تفترق سياسياً منذ اتفاق “أوسلو” الميّت بلا شهادة وفاة، إن التنسيق مع الاحتلال لا يأتي إلا بالوبال على الفلسطينيين، ولا يخدم إلا العدو الغاصب المحتل القاتل المجرم، فلماذا يستمر هذا التنسيق؟
لماذا لا ترى هذه القيادات في خروج آلاف الفلسطينيين في مسيرة تشييع الشهداء استفتاء على المقاومة ورفض التنسيق الأمني ومطالبة تلقائية بوقف المفاوضات العبثية التي لم تعد تصلح إلا لغطاء يتلطى به الاحتلال في جرائمه وانتهاكاته ومواصلة مشروعه التهويدي لكامل فلسطين، وللانطلاق إلى بقية أطراف دولة “من النيل إلى الفرات” تشهد أرضها عمليات التمهيد والتعبيد والتسوية والتعمية والتجريف والتجويف لأجل هذه الدولة، ويجري كل ذلك بأيد عربية، فالفتنة معاول، ولحم العرب مجبول بدمهم خرسانة للأساسات .
حبذا لو سمعت قيادات ربيع العرب ومفتو الفتن وفضائيات الدم، صرخة الأسير جمال أبو الهيجا والد الشهيد حمزة، المحكوم بالسجن المؤبد 9 مرات وعشرين سنة، وهو يتوسّط رفاقه وإخوته في سجنه الصهيوني، مخاطباً آلاف المشيّعين عبر هاتف مهرّب “ابني وفى بوعده . . قاتل ولم يستسلم” . حبذا لو سمعوه وهو يطالب بتوزيع الحلوى في عرس الشهادة وإطلاق الزغاريد وينادي بوحدة الشعب ووحدة أمة “لا حياة لمن تنادي” .
مخيّم جنين إذاً يعيد أمجاد معاركه المجيدة ويتحدى قادة الانقسام وجيش الفتن، يتحداهم أن يستطيعوا التفريق بين دماء ثلاثة مقاومين قضوا، ونزفت في معركة واحدة مع عدو واحد .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 14 / 2165505

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165505 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 22


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010