على الرغم من عدم اختلاف اثنين على أن القضية الفلسطينية هي أم القضايا ومحور أي صراع في منطقة الشرق الأوسط، وأن أي حل يفضي إلى سلام شامل دائم بين العرب والمحتلين «الإسرائيليين»، هو مفتاح استقرار الأوضاع بالمنطقة، وتوفير الأمن لشعوبها، وتوجيه مواردها نحو إحداث تنمية شاملة مستدامة تحقق الرخاء للجميع، فإن استعصاء الفهم عن إدراك هذه الحقيقة والتسليم بها، أو بالأحرى عدم الرغبة الصادقة في السير نحو بلورة حل عادل شامل لا يزال العقبة الكأداء، وظل ملازمًا طوال عقود الصراع العربي ـ الإسرائيلي، كما أن حالة الاحتكار الأميركي لعملية الوساطة في ملف الصراع شكل ولا يزال يشكل أهم عقبة في وجه حلحلته، حيث أصبح غياب الأطراف الدولية الأخرى ومن بينها تلك المكونة للجنة الرباعية الدولية (الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا) أمرًا ملاحظًا، وربما مطلوبًا إسرائيليًّا ـ أميركيًّا، ما أعطى الإسرائيلي والأميركي فرصة الاستفراد بالجانب الفلسطيني، فاقتصر بالتالي دور الولايات المتحدة على إدارة ملف الصراع العربي ـ الإسرائيلي، بلقاء هنا، وتفاوض هناك، وكلام معسول على هذا المنبر، ووعود كاذبة وخاوية على ذلك المنبر.
ولعل المفاوضات الحالية التي استؤنفت رغم أنف الفلسطينيين وتحت ضغوط وشروط ظالمة وظروف قاهرة، وتبلور الموقف الأميركي بهذه الصورة الفجة الممالئة للموقف الإسرائيلي وتبني كافة الشروط والإملاءات الإسرائيلية، تدلل على حقيقة الدور الأميركي السلبي واقتصاره على إدارة ملف الصراع لا حله، ومحاولة فرض شروط مجحفة وممارسة سلسلة من الوسائل الضاغطة لابتزاز الفلسطينيين لإجبارهم على التنازل عن ثوابتهم الوطنية من حق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وحق عودة اللاجئين إلى التمسك بحدود عام 1967م الموثقة بالقرارات الشرعية الدولية، وفوق ذلك مطلوب منهم أن يعترفوا بما يسمى “يهودية الدولة” وهو اعتراف سيكون بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، إذ ينطوي هذا الاعتراف على إلغاء الحق التاريخي الثابت للعرب والشعب الفلسطيني في فلسطين، وبالتالي إضفاء الشرعية على المزاعم والخزعبلات والترهات التي يسوقها الصهاينة لتبرير احتلالهم لفلسطين وتشريع وجودهم، الأمر الذي سيعطي كيان الاحتلال الإسرائيلي الحق في طرد الفلسطينيين من داخل ما يسمى الخط الأخضر، والأخطر من ذلك هو المساس بالمسجد الأقصى وتهديد بقائه.
ولقد فعل خيرًا الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتوقيعه أمس طلب الانضمام إلى 15 منظمة ومعاهدة دولية في الأمم المتحدة، وذلك خلال اجتماع للقيادة الفلسطينية ترأسه في مقره في رام الله. لأن هذا التوقيع هو النتيجة الطبيعية للتمادي الإسرائيلي في استلاب الحقوق الفلسطينية بغطاء أميركي للأسف، وهو الرد المنطقي والعقلاني على التنمر الإسرائيلي وأساليب الابتزاز، ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية.
الرئيس عباس عقب توقيعه على طلبات الانضمام للمنظمات والمعاهدات، أكد أن الفلسطينيين لا يريدون “استخدام هذا الحق ضد أحد”، ولا يريدون “المواجهة مع أحد أو الصدام مع الولايات المتحدة”، رغم أن هذا حقهم وأجلوا “استخدامه تسعة شهور”. وبدورنا نضم صوتنا إلى صوت الرئيس عباس، وإن كنا نرى أن هذا التوقيع تأخر كثيرًا، إلا أنه يمثل رسالة قوية للولايات المتحدة لمراجعة مواقفها المحتكرة للوساطة “غير النزيهة” والمصرَّة على إدارة ملف الصراع، واستخدام نفوذها إن كانت صادقة لدى حليفها الاستراتيجي كيان الاحتلال الإسرائيلي للقبول بقرارات الشرعية الدولية والالتزام بالاتفاقيات والمعاهدات الموقعة ذات العلاقة، والتوقف عن نهب حقوق الشعب الفلسطيني ونأمل أن تكون الرسالة وصلت وجرى استيعابها.
الخميس 3 نيسان (أبريل) 2014
الوطن: حق مشروع
الخميس 3 نيسان (أبريل) 2014
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
10 /
2180641
ar المرصد صحف وإعلام ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
10 من الزوار الآن
2180641 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 8