السبت 5 نيسان (أبريل) 2014

بديل التفاوض وقنبلة اللجوء للمؤسسات الدولية!!

السبت 5 نيسان (أبريل) 2014 par ياسر الزعاترة

من حقنا ابتداءً -وقبل الحديث عن البديل العبقري الذي اكتشفه سادة السلطة، والذي كان غائبا عن القيادة السابقة وغفل عنه الشعب الفلسطيني طويلا، ومن ورائه الأمة العربية ممثلا في “اللجوء إلى المؤسسات الدولية”- من حقنا أن نذكّر المحتفلين بتمسك قيادتهم الصلبة والعنيدة بالثوابت بجملة التنازلات التي قدمتها على مذبح المفاوضات، والتي تجعل من حكاية التمسك بالثوابت مقولة بائسة لا يحتفل بها إلا من أعمت عيونهم الحزبية عن رؤية مصالح القضية. وللتذكير أيضا، فالثوابت هنا لا تعني أبدا سوى 22 في المئة من أرض فلسطين التاريخية، وليس شيئا آخر.
ليت أصحابنا يتكرمون بالعودة إلى وثائق التفاوض الشهيرة التي اعترف بها “كبير المفاوضين”، وبحشد هائل من التصريحات والمقابلات التي تؤكد مضمونها، كي يتذكروا -إن كانوا قد نسوا حقا- جملة التنازلات التي قدمت حتى الآن، والتي يمكن تلخيصها بما يأتي: التنازل العملي عن حق العودة الذي تثبته حكاية اللجوء إلى كندا وأستراليا، وما جاء في وثائق التفاوض حين ذكّر صائب عريقات شريكته تسيبي ليفني بموافقة أولمرت على إعادة 10 آلاف لاجئ إلى الأراضي المحتلة العام 48 على 10 سنوات، فما كان منها غير القول، إن ذلك هو رأي أولمرت الشخصي وإن رقم من سيعودون هو “صفر”. التنازل الثاني يتعلق بالكتل الاستيطانية الكبيرة التي ستبقى في مكانها ضمن ما يعرف بتبادل الأراضي رغم التهام تلك الكتل لأهم مناطق الضفة وأكثرها غنىً بالمياه، فضلا عن تحكمها الإستراتيجي بأراضي الدولة العتيدة. التنازل الثالث هو المتعلق بالقدس، وإنْ لم يرض ليفني عرض عريقات “بأكبر أورشليم في التاريخ اليهودي”، وحديث أحمد قريع الأكثر تفصيلا فيما يتعلق بهذا الشأن. التنازل الرابع هو المتعلق بالسيادة وتأجير الغور (حوالي ثلث الضفة) لسنوات لم يتم الاتفاق عليها.
في ذات السياق لا بد من تذكير جماعة الثوابت بأن العودة إلى المفاوضات قد تمت من دون توقف الاستيطان الذي يلتهم الضفة ويهوِّد القدس، وهو ما يجعل حديث الحصول على دولة كاملة السيادة على الأراضي المحتلة العام 67 محض هراء؛ لأن من يملك قابلية التنازل -هنا- لا يمكن أن يصرّ على شرط استمرار استيطان سيفككه بعد قليل من الوقت. وها إننا نسمع محمد دحلان يفتخر بأنه وافق على وثيقة كلينتون التي رفضها عباس، والتي لن يحصل على نصفها الآن حسب قوله (أي دحلان).
اليوم يبدو المشهد أمام خيارين اثنين، فإما تمديد التفاوض لعام جديد مع بعض الحوافز العابرة للسلطة، مقابل حافز لنتنياهو (الإفراج عن الجاسوس الكبير بولارد)، وإما “الخيار النووي” الثاني الذي نسمع عنه منذ أسابيع ممثلا في اللجوء للمؤسسات الدولية.
هنا يحق لنا أن نسأل عما سيجنيه القوم من تلك المؤسسات، وما الذي سيجنيه الشعب الفلسطيني، وهل ستتمكن تلك المؤسسات من فرض شيء ذي قيمة على نتنياهو، فضلا عن أن يكون ذلك دولة بالمواصفات إياها، أو حتى بالمواصفات التي فضحتها وثائق التفاوض؟!
لتكذير القوم، فقد ذهب الفلسطينيون -قبل سنوات- إلى محكمة لاهاي وحصلوا على حكم بعدم شرعية الجدار الأمني، وهو حكم يتفوق على قرار 242 الملتبس، لكنه بقي دون تفعيل، وما لبث أن أضيف إلى أرشيف القرارات الكثيرة المتعلقة بالقضية.
الشيء الوحيد الذي يمكن أن نجنيه من المؤسسات الدولية هو الاعتراف بالوضع القائم وتأبيده، أي وجود سلطة تحت الاحتلال بما يشبه دولة (تتمدد تدريجيا إلى حدود الجدار)، تبقى في حالة نزاع حدودي مع جارتها. هل ثمة أكثر من الاعتراف بالدولة الفلسطينية كدولة كاملة العضوية في مجلس الأمن يمكن أن يحصلوا عليه، مع أن ذلك مشكوك فيه من دون أن يتم التوصل إلى اتفاق إطار يؤبد النزاع عمليا، ويجعله مجرد نزاع حدودي؟!
خلاصة القول هي، إنهم يهربون من الحقيقة التي يعرفها الجميع، والتي تقول، إن الاحتلال لن يتخلى عن مكاسبه دون أن يغدو وجوده في الأراضي التي يحتلها مكلفا، ولا كلفة من دون مقاومة، لكن القوم يرفضون ويهددون بالمؤسسات الدولية، بينما يمعنون إخلاصا في التنسيق الأمني مع العدو، ويعقدون معه اتفاقات بعيدة المدى مثل اتفاق المياه واتفاق الغاز. أما حديث المقاومة الشعبية فلن يكون مقنعا قبل وقف التنسيق الأمني، وإعلانها شاملة وحقيقية تشتبك مع كل أشكال وجود الاحتلال، وليس مجرد مظاهرات استعراضية موسمية.
هل يرجى من هؤلاء خير للقضية تبعا لذلك، أو لا بد من انقلاب شامل عليهم وتصحيحا للمسار برمته بعيدا عن حكاية تكريس دولة تحت الاحتلال؟ الإجابة يعرفها العقلاء، لكن ما بين المعرفة، وترجمة ذلك انقلابا واقعيا، زمن لا نعرف مداه، ويبقى الأمل معقودا على شعب عظيم سينفذه ذات يوم إذا لم تنجح القوى السياسية وشرفاء حركة فتح في التوافق على تنفيذه.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 23 / 2166446

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2166446 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010