السبت 5 نيسان (أبريل) 2014

أما آن أوان وقف المفاوضات المُذِلة والخروج من فخّ أوسلو

بقلم:حسن حردان
السبت 5 نيسان (أبريل) 2014

متى يقتنع المنظّرون بنهج التفاوض بأن لا جدوى من مواصلة المفاوضات مع عدوّ لا يفهم سوى لغة القوة، وهو مع الأسف يقول ذلك ويذكرنا به كل يوم، «بأن العرب لا ينفع معهم إلا القوة» أي أنه بصريح العبارة، يسعى إلى استخدام القوة لفرض ما يريده على طاولة التفاوض، أو لجعل المفاوضات مجرد غطاء لتمرير مخططاته التي يفرضها على الأرض بقوة وحراب احتلاله، على طول وعرض مساحة فلسطين المحتلة.

بالأمس أنهى رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو المفاوضات، التي جاهد وزير الخارجية الأميركي جون كيري كي ينعشها ويمد في عمرها، ويجعلها تصل إلى خاتمة تحقق لـ»إسرائيل» حلمها في تكريس «شرعية يهودية الدولة» وشطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين، مع تقديم بعض الفتات للسلطة الفلسطينية تحت عنوان: دولة مسلوبة السيادة والإرادة في كل شيء، ومع ذلك لم يرضِِ ذلك شهيّة نتنياهو وبقية القادة الصهاينة، الطامعين في الاستيلاء على كل الأرض الفلسطينية، وإعلان الدولة اليهودية ـ العنصرية، مستفيدين من الواقع العربي الممزق والمنهك في حروب داخلية، جعلت قضية فلسطين بعيدة عن الاهتمام، ومن الانقسام السائد في الساحة الفلسطينية.

وإذا كان من حلّ يقبل به القادة الصهاينة فهو لا يعدو إعطاء الفلسطينيين حكماً ذاتياً في مناطق وجودهم، لكن تحت سيادة «الدولة اليهودية» التي عليهم التسليم والاعتراف بها إذا ما أرادوا القبول بهذا الحل.

أليس هذا ما أعلنه صراحة نتنياهو في كتابه مكان تحت الشمس… أليس هذا ما أصر عليه المفاوض الصهيوني في المفاوضات الأخيرة، وأبلغه إلى الأميركي والفلسطيني كشرط لمواصلة المفاوضات وإطلاق الدفعة الأخيرة من الأسرى الفلسطينيين… وعندما لم يوافق المفاوض الذي لم يبقَ ما يستطيع أن يتنازل عنه أو يقدمه، واضطر إلى استخدام بعض من حقوقه البسيطة والطبيعية، وهو الانضمام إلى 14 منظمة دولية، فأسرع نتنياهو إلى إعلان إنهاء المفاوضات، عبر رفضه إطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى.

ماذا يعني ذلك؟

يعني أن المفاوضات لم يكن لها وظيفة بالنسبة إلى «إسرائيل» سوى استخدامها لإضفاء الشرعية على ما سرقته وتسرقه يومياً من أرض فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني.

ويعني أن الذين ناهضوا الكفاح المسلح ضد الاحتلال، وراهنوا على خيار المفاوضات سبيلاً وحيداً لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرض. قد حصدوا الخيبة والمرارة والفشل. وقبل كل ذلك وفّروا الفرص أمام العدو لمواصلة قضم وتهويد واستيطان أكبر مساحة من الأرض الفلسطينية، حتى بات وحش الاستيطان يلتهم اليوم معظم مناطق الضفة الغربية والقدس الشرقية، بعد أن التهم وحسم، قبل ذلك، سيطرته على القدس الغربية وبقية الأراضي التي احتلت عام 48، لكن الخاسر الأكبر في كل هذه العملية، هو الشعب العربي الفلسطيني وحقوقه التاريخية الثابتة.

بعد كل ذلك، أليس هناك من قعرّ… من نهاية لهذا المسار المدمر والكارثي للقضية الفلسطينية؟! ألم يقتنع المراهنون على خيار المفاوضات، بأن رهانهم كان وهماً وسراباً، وأن المقاومة المسلحة والشعبية التي تخلوا عنها هي السلاح الأمضى والأقوى لاستعادة الأرض والحقوق والحفاظ على عروبة فلسطين، وأن هذه الحقيقة هي التي أكدتها تجارب الشعوب الظافرة التي قاومت المحتلين… وعلى رغم ذلك لا تزال القيادة الرسمية الفلسطينية، مع الأسف، متمسكة بخيار التفاوض ولا تريد التسليم بسقوطه والخروج من فخ أوسلو الذي استدرجت إليه لإنهاء الانتفاضة والمقاومة، وبالتالي جعل المفاوض الفلسطيني عارياً من أية أوراق قوة ليتمكن «الإسرائيلي» بدعم أميركي من فرض إملاءاته وشروطه عليه… وإلا واجه مصير الرئيس ياسر عرفات، الذي اغتيل بالسم الصهيوني، لأنه رفض التخلي عن القدس الشرقية، وعن حلم إقامة دولة فلسطينية، وقرر العودة إلى المزاوجة بين المقاومة والمفاوضات، بعد أن اكتشف متأخراً أن العدو لا يريد تنفيذ ما وعد به في أوسلو من موافقة على مفاوضات تقود إلى إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وهو لا يريد الاكتفاء بما حصل عليه من اعتراف بوجوده على أراضي 48، ويريد أيضاً الاستيلاء على ما تبقّى من فلسطين.

لقد آن الأوان للاعتراف بالحقائق، وأن تخرج قيادة منظمة التحرير الفلسطينية من فخ أوسلو، ومن مسرحية المفاوضات المذِلة، وتالياً أن تضع السلطة الفلسطينية حداً للارتهان للمحتل الذي لم يُردها إلا مظلة لمواصلة استيطانه وتهويده للأرض وتصفية كوادر المقاومة.

يكفي تجريباً لخيار التفاوض مع العدو والمراهنة عليه، ويكفي معاندة في الاستمرار فيه… وبات مطلوباً الاقتناع بصوابية نهج المقاومة، الذي انتصر، في لبنان وغزة، على عدو ثبُت أنه لا يفقه سوى لغة المقاومة المسلحة.

h.hardan hotmail.com



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2165777

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165777 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010