الجمعة 18 نيسان (أبريل) 2014

هل تغيّرنا أم تغيّرت أنت ؟

الجمعة 18 نيسان (أبريل) 2014 par أيمن اللبدي

بين تاريخ 18/4/1988 تاريخ القصيدة “البحر يرحل” والتي ظهرت على صفحات الفجر المقدسية في صباح يوم حزين ثقيل كئيب، وبين تاريخ 18/4/2004 ورسالة “ليتني علمت لك عنوانا” والتي ظهرت على صفحات الحقائق الدولية وتاريخ هذه المتابعة المتسائلة المهمومة “هل تغيّرنا أم تغيَّرت أنت ؟” والقاصدة صفحات الوسط اليوم مسافة عشرية أو تزيد ، لكنها اليوم في جديدها خرجت من باب لوعة الأولى وباب لهفة الثانية، اليوم هي المولودة على باب نسبة الشكّ من نسبة اليقين، اليوم يا أخي بعد رحيل أكثر أخوتك المخلصين المقربين، وتوهان بعض أخوتك الشاردين الغاربين، ونكران بعض عشرتك الناكصين، صارت الرسائل ربّما نافلة طقوس أو لازمة ذكرى، ما الذي تغيّر يا أبا جهاد؟
هل بات عنوانك لا يعني الكثير؟

لا وأبداً يا أخي ....بل الرسائل لك صارت أكثر من ضرورة ...وباتت أكثر من إعلان انحياز ....وعنوانك اليوم يعني كلّ شيء ....ولا يبقى بعده شيء....أما نحن فلا تهتم لنا ..وإن تغيّرنا قليلا وما بتنا كما تركتنا ...فنحن بكل العزم والعهد ...لن نحيد ومثلما لم تتغيّر طريقك ولا الطريق إليك .....سيبقى فينا نابض يقودنا إلى هناك لأنه من الجوهر.....مثلما ستبقى طريقك هي الصواب في الأصوب...وكما ستظل هي الخلاص في النجاة....وكما ستبقى هي المنى في المصير....ولا بدَّ أنا على موعد مع يقين وإن طال مدى السؤال واختلج عنفوان الطحن في انتظاره. ..لا بدّ أنا مدركون الحقيقة التي لا يمكن أن تضيع بين سطوة الدخان والركام وحزمة الدوار وتناسل التبرير...وحسنا لا يضير أن ننتظر عشرية أخرى لكننا هذه المرة قررنا أن ننتظرها ونحن على الطريق...على ذات الطريق الذي لا ينقصه قلة السالكين فيه ولا يعيبه كثرة الشوك فيه...ولا يوحشه ندرة الدارجين عليه ....
سلام عليك في الخالدين
سلام علينا في اللاحقين
سلام عليك يا أبا جهاد....

ليتني علمتُ لك عنواناً !

أخي ووالدي ومعلمي القائد الشهيد أمير الشهداء وقدوة المناضلين الأحياء خليل الوزير “أبو جهاد” عليكَ أجلُّ السلام وعلى روحكَ النبيلة ِ و وحيكَ الخالدِ قبلة الخلود وأطهر التحية ومسكِ الكلام .
بالأمس ِ ومهما كانَ بعيدا لا زال قريبا لم نكن نسمع منكَ عبرَ هاتفٍ لا ثابتَ ولا متنقلَ ولم نكن نقرأُ ما تقولُ عبرَ شاشة ٍ ولا عبرَ بيان ، وكانت وسيلة بدائية ربما في حجم حبة فول ولكنها كانت أبلغ من كلِّ الكتب وكلِّ الصحف وكلِّ المراسلين والمحللين ووزراء التخطيط والإعلام وكانت تمر مر السحاب وتصل وصول الحقيقة دونَ حجاب ، وكنا فيها أسعدَ من بلغتهُ رسالة وأشدّ ولاءً ومحبة وتقديرا لمرسلها حتى النخاع لأن العهد هو العهد والقسم هو القسم فكيف عندما يكون أمام من صدق ما عاهد الله عليه دنيا وشهادة ، نضالاً ووفاءً وتضحية وفروسية ونبلا .
اليوم أيها الشهيدُ الحيّ رجعت بنا الذاكرة إلى إحدى رسائلكَ في مطلع الثمانينيات تبلغنا فيها أن عظمة ثورتنا الفلسطينية المعاصرة عبر الفاتح من كانون كانت في البناء على ما قدمته الأجيال من أبناء شعبنا الأبي المرابط الصابر منذ ابتلينا وابتليت فلسطيننا بهجمة غادرة تحميها شياطين ماكرة منذ مطلع القرن الفائت ولا زالت حتى يومنا هذا ، كنت في تلك الرسالة تشيرُ إلينا بما نصنعُ وقد لمحنا في بعض أبنائنا زيغاً عن الطريق القويم وشططاً عن المنهج النضالي الحكيم ، وقلتَ لنا يومها ما لن ننساه ما حيينا ، من قالَ فلسطينُ أمي ونضالُ هذا الشعب أبي فهو أخونا ومنا وعليكم أن تعرفوا كيفَ تصان الأخوة وأمانتها ، فلا عدوَّ لنا إلا هذا الجاثم على صدر أمنا وهذا المتربص بأبينا والمنكِّلُ بأخوتنا وأخواتنا ولا ظهر لنا إلا بندقيتنا وبوصلتنا القدس .
حسنا يا أمير القادة وأمير الشهداء أبا جهاد وصلتنا الرسالة وأدينا الأمانة كما فهمنا وكما أردتنا أن نفهم وكما وجدنا فيها راحة الوجدان والضمير وعظمة الحكمة والبصيرة ، لكن اليوم يا حبيبنا الغالي نسمع ممن وقف على أنه منا وعلى عتبة بابنا يفتينا أن خطأ جسيما قد وقع وأن عدونا هذا ما كان عدواً وأن نضال هذا الشعب ما كان نضالا بل كان نزقا وطيشا وسوء تقدير وربما تهورا وحمقا بكل ما فيه وبكل ما حمله ووضعه كرها وأن هذه الأم ليست أمنا وربما خالتنا وأن هذه الأخوة ليست فيها ولا خالصة لنا وأن ذاكرتنا قد غمت علينا فما عدنا نرى فكيف نصنع ؟!
كيف نصنعُ وقد أمست نكبة هذا الشعب ليست إلا خلافا ولا يفسد ذلك وده لأصدقائه ولا لأقرانه السياسيين من بني صهيون قاتليك وقاتلي آلاف الضحايا منذ أول الشهداء وحتى من سقط صبيحة اليوم صريعا ولكن واقفا كما عهدتنا في قلقيلية الصابرة ؟! كيف نصنع وماذا نقول لكَ وماذا نقول لأبي علي مصطفى وللثلاثةِ المغدورينَ نهاراً جهارا ولدلال الشهيدة اللوزية وقاتلها صديق صديقه الذي أختلف معه وسيحل الخلاف على مائدة عشاء أو مائدة لهو وضحكات ونكات أمام عدسات المصورين ! وماذا كان قتل إيمان حجو ومحمد الدرة وبضعة مئات من رضعنا وأطفال مدارسنا وعددا من صمنا وبكمنا ؟! وكيف نقول لوفاء إدريس ونادين وهبة ضراغمة ولكل كواكبنا وشمعاتنا وأزهارنا الفلسطينية المتفتحة في أفق الجنان أبدا ؟
ماذا تريدنا أن نقولَ لهذه الجراح التي ما انفكت سيالة مضرجة ولهذه البيوت التي ما زالت ركاما وفوقها علم فلسطين خفاقا بإصرارنا الذي ورثته سلالتنا ؟ ماذا نقول لهذه الآلاف من الأشجار المقطوعة غدراً وحقداً ولؤماً ولهذه الأراضي القليلة الباقية مما لا زلنا نحرثها لتسد جوعنا وقد جرفها أصدقاؤه ليلا وتركوها بلقعا صفصفا ؟ ولهذه الألاف من الدمعات على وجنات أمهاتنا وأخواتنا ونسائنا ممن بكيننا أسرى وجرحى مشرَّدين ومغتربين ومقتولين وشهداء وأحياء وأموات ؟ ماذا نقول لربيعنا المفقود وشبابنا الموصود ولشتاتنا الذي مازال في القيود ؟ ماذا نقولُ لمخيماتنا وقصديرنا المتهاوي من السقوف على رؤوسنا ؟ ماذا نقول لهويتنا وهذا محمود درويش يبلغك السلام ويقول لك أنهم قد يطلبون منا أن ننزل راياتنا بأيدينا ونغير بأيدينا أيضا أسماءنا من جوازات عذابنا في حلنا وترحالنا ؟
وأين تريدنا أن نضع بندقيتنا رهينة أو نسلمها فنسلم فيها ظهرنا وبطننا وكل ما على أجسادنا من بقية ؟ وهل نؤجر ما تبقى من أشلاء بانتظار الصيد ؟ وهل تريدنا أيضا أن نخرج عشرة منا في صفقة على حساب جراحات بقية أخوتنا ؟! حسنا لم نهضم ما بعد المدينة الساحرة في نرويج الشمال ونعترف أننا بقينا بعيدين عنها وعما بعدها وآثرنا أن نرى فلربما في خطو أخوتنا الوصول ولكنهم ما وصلوا بل ضاع بعضهم وبعضهم أضاعنا فماذا تريد منا أن نقول لهم ؟ وكيف نفهمهم خوفنا وحبنا ؟!
وما هي بوصلتنا الجديدة اليوم يا أبا جهاد ؟ وقلنا لا القدسُ قدسٌ ولا الساحات ساحات وها هم يفتحونها اليوم لكل شذاذ الآفاق حتى يهدمونها غدا جزءا من خلاف لا يفسد للود قضية ؟ وأي حزب ٍ تريدنا أن نكون فيه أعضاء في لعبة السياسة التي يفتينا فيها صاحبهم وصديقهم ؟! وماذا تريدنا أن نسمي حزبنا الجديد هذا وماذا نرفع له من شعار وراية وماذا نضع في أدبياته وأولها ماذا نسميك ونسمي أخوتك ورفاقك ممن هم معك الآن ؟ وكيف نصف ما فات من جهادكم وتضحياتكم في هذه الأدبيات وهذه الإرشادات ؟!
أخي ووالدي وقدوتي لا أعرف لك عنوانا وقد تطورت وسائل الإتصال وامتلكنا المنقول والمتنقل وأصبح لدينا شاشة وتلفزيونا وإذاعات ووزارة إعلام وبرغم لا نعرف كيف نستخدمها لنخاطبك ، أتراك تود طريقتنا القديمة فلا بأس إذا وسنجد بطنا يوصلها لك وسنجد ورقا نكتب عليه حرفنا الصغير ولكن دلّنا ! قل لنا أين ننتظرك وسنفعل وبالله عليك لا تطيل ، قل لنا ولا تبخل علينا الآن كما لم تفعل أبدا ولا تركتنا يوما دون إشارة ، ولا هنأت لك بال قبل أن تطمئن علينا وترتاح لسلامة خطونا ، فبالله لا تتأخرنَّ اليوم و قل لنا ...!
آه يا أبا جهاد.....آه ما أقسى جرحنا ...آه ما أفظع حيرتنا وخيبتنا ووحدتنا وبؤسنا .......! ويجب أن لا ننسى أن نقول لك أن رمزنا أبو عمار وصديق دربك في غرفة مغلقة يحسبونَ عليه كم كأس ماء شرب وكم هاتفا جاءه وكم قبلةً قد منح وعندما يبلغونه السلام يشطبون منه كل حرف ٍ لم يرق لأصدقاء جدد بدلولنا بهم واستحبوا غيظنا ، وإن تذكّر في المساء عندما يأتي عشاؤه مراقبا بعدد حبات زيتونه وقطع جبنه وإن سأل قالوا لا تعط بالكَ إنهم خلفنا ، يكذبون عليه مثلما يكذبون علينا يومنا.
ونعلم علم اليقين ونقسم قسم المشاهدين المتيقنين أنك حولنا وترانا وتسمع قولنا بانتظاركَ أيها النقي الطاهر في ماضينا وحاضرنا فنحن لا نثق إلا بك وبقولك واعذرنا فيمن خلفك فكثير منهم لم يعد يهمه أمرنا ، وبنى قصورا وملاعب وفنادق وحسابات وأزلام على حسابنا ، وبعضهم آثر أن يوائم خطوه مع خطو غيرنا ويحسب أنه محسن فيما يظن لنا ، وبعضهم لا زال يمسك منتصف الخيط ولا خيط بقي في حينا ، وبعضهم حائر وآخر خائر ولا زال يهتف حولنا ، وبعضهم اختار أن يصمت طويلا فلا يجيبنا ، لكنا نطمئنك أن معظم المعظم لا زال منك ومنا ، فهل تجيبنا ؟ هل تجيبنا !؟

البحر يرحل ....

إلى الشهيد القائد خليل الوزير “أبو جهاد”
***
البحرُ يرحل ْ..
والموجُ و الشطآنْ
والنورسُ المذبوح ُ عند البابْ
والصوتُ والألوانْ
متعمداً بالفجرِ في ليلِ السرابْ
متواصلاً بالمجدِ والإكليلْ
مترجلاً عند الوصولْ
البحرُ يرحلْ....
***
والليلُ والصوتُ الرهيبْ
والخلقُ والإفناءْ
والموتُ والحزنُ الحرامْ
والعشقُ والحبُّ الغريبْ
والرمشُ ذابْ،
البحرُ يرحلْ.....
***
والشمسُ تحجبُ ظلَّها
والأرض تركضُ في السباقْ
والنارُ في المحراب ْ
والوجدُ في الأشلاءْ
البحرُ يرحلْ.....
***
يترَّجلُ الفرسانُ عن ظهرِ الرمالْ
يترَّجلِ الموتُ الجبانْ
والبحرُ يرحلْ
عند َ التقاطُعِ يختفي
وينتظرْ ،
لتمرَّ قافلةُ الجيادِ المسرعة ْ
لتمرَّ تلك َالأشرعة ْ
ليمرَّ سيفٌ لمْ يكنْ في غمدهِ
ليمرَّ قنديلُ الأمومةِ في الموانئِ والحدودْ
البحرُ يرحلْ.....
***
والقلبُ عادَ ليشتعلْ
والظفرُ يمسك ُ خارطة ْ
والأخضر ُ المنثورُ في كف الزمنْ
يتفجَّرُ البعدُ الكريهْ
وتلتوي الساعاتُ في وقتِ السفرْ
البحر...ُ آه....
أواهُ يا قرطاج ْ ،
أواهُ يا شطَّ العربْ
أواهُ يا بوابةَ المنفىْ
البحرُ يرحلْ......
***
يتدَّفقِ الجسدُ المباحْ
واللّونُ يكتبُ عندهُ
تتحَّولِ الأزمانْ
والدمعُ يصبحُ في المساءِ قصا ئدا
وقلائدا..
وقوافلُ الأسماءْ
تتكلمُ الأشلاءْ
والعدُّ يبدأُ من عيون ِ الأنبياءْ
وتعودُ للوجهِ الحدودْ
وتصيرُ في القاموسِ قنديلَ السفرْ/
جاءَ الصليبْ
لكن جلجلةَ المسيحِ تكونُ قبلَ الارتحالْ
وتكونُ ساعاتُ التَّفرُّدِ
عندها / تتقطعُ الأوتارْ
وتعودُ أبياتُ الحنينْ
والعظمُ يصنعُ غصنَ زيتونٍ وجمرْ
واللحمُ يصبحُ خبزَ عشّاقٍ وخمرْ
والروحُ تنشدُ من جديدْ
وتموتُ أسوارُ الحديدْ
ويقومُ لونُ الانتماءْ
البحرُ يرحلْ؟....
***
فجأةً ،/ تتحولُ الكلماتْ
وتقومُ كوفياتْ
وتحلقُ الأمواجْ
مثلَ السنونو سوفَ نفترشُ الفضاءْ
في لحظةٍ كان الشراعُ يعودْ
ما عادَ يصبرُ أن يحنَّ عليه صبّارُ الحدودْ
ألقى ببوصلةِ الرياحْ
ورمى المجاديفَ العتيقةَ من سماه ْ
سيكونُ عند الثانية ،
ما اعتادَ تأجيلَ المواعيدُ الكبيرة ْ
ستطير أصدافٌ وكثبانٌ وحورْ
ستسابق اللحظاتْ
فاليومَ ما عادتْ هناكَ محرَّماتْ
والاختصارُ يصيرُ فنّاً ممكنا
البحرُ عادْ...........
***
أمواجهُ عادتْ برغمِ الأشقياء
وترابهُ المغدورُ أمسى قافلةْ
بوركتِ ياتلكَ السُّفنْ
ستصيرُ أيامُ التعبُّدِ أحجية ْ
ويكونُ كلُّ العوسج البريُّ زهرا منتفضْ
ستعود ألوان الربى
والخضرةُ الأولى تعودْ
ثمَّ تصبح معجزةْ
ثمَّ تشتدُّ انطلاقا في الوتينْ
***
أواهُ يا قرطاجْ
لو أنَّ كفيكِ المضرجتين تنتفضُ الغداة ْ....
لو أن إكليل الزهورِ يصيرُ أقدارا...
أواهُ يا شطَّ العربْ،
أواهُ يا موتَ العرب.......



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 66 / 2165400

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ثقافة وفن  متابعة نشاط الموقع نشاطات  متابعة نشاط الموقع متابعات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165400 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010