السبت 17 أيار (مايو) 2014

النكبة والتطهير العرقي

السبت 17 أيار (مايو) 2014 par يونس السيد

على مدار سنوات النكبة ال ،66 ظل الفلسطيني يصرّ على تجاوز حالة الانكسار وانسداد الأفق، ويحاول لملمة أحلامه المبعثرة، على طريق العودة إلى أرض الآباء والأجداد، وإقامة وطن الحرية والاستقلال . وبالمقابل لم يتوقف الكيان الصهيوني لحظة واحدة عن جرائم الإبادة، وسياسات التطهير العرقي ونشر المستوطنين والمستوطنات فوق كل الأرض الفلسطينية، ضارباً عرض الحائط بكل الأعراف والشرائع والقوانين الدولية .
لقد بدأت حرب المجازر والتشريد والتهجير على يد العصابات الصهيونية قبل عام ،1948 فكانت مجازر قبية وكفر قاسم وديرياسين والدوايمة . . وغيرها، شواهد حية على جرائم تلك العصابات، فضلاً عن تدمير نحو 800 قرية وبلدة فلسطينية بينها 528 قرية تم تدميرها بالكامل، واقتلاع مئات آلاف الفلسطينيين من ديارهم قبل أن يتضاعف عددهم أكثر من ثماني مرات وزعوا على 58 مخيماً في الضفة الغربية وقطاع غزة ودول الجوار في الأردن وسوريا ولبنان بشكل أساسي . وبعد عام ،1948 تواصلت سياسة التطهير العرقي فقامت سلطات الاحتلال بتغير معالم الجغرافيا الفلسطينية واقتلاع سكان مناطق بكاملها وتهويدها وإعطائها أسماء عبرية جديدة، لطمس كل أثر فلسطيني أو أي معلم من معالم الحضارة العربية والاسلامية . أما ما تبقى من الفلسطينيين، فقد تكفلت رئاسة وزراء الكيان المائتة غولدا مائير بالإجابة عن مصيرهم بالقول “الكبار سيموتون أما الصغار فسينسون”، ولم يدر في خلدها آنذاك أن الصغار سيكبرون وأنهم سيقفون عند قبرها ليقولوا لها “ها نحن قد عدنا يا غولدا مائير” .
أهم ما أنجزته الثورة الفلسطينية التي انطلقت منتصف ستينات القرن الماضي، أنها نقلت حلم الفلسطينيين في الحرية والاستقلال من الإمكانية التاريخية إلى الإمكانية الواقعية . لكن ثمة فرق شاسع بين الحلم وإمكانية تحقيقه على الأرض، ومع ذلك عندما ضاقت مساحة الحلم، واشتد الخناق على الثورة، وحتى قبل أن تتحول الى مشروع للسلطة، كانت الأجيال الفلسطينية تفجر انتفاضتيها الأولى والثانية، وربما هي تقترب من انتفاضتها الثالثة لإعادة الأمور إلى نصابها وتقريب الحلم من جديد .
يبحث الفلسطينيون الآن، وهم يستحضرون ذكرى نكبتهم ال 66 عن تثبيت أنفسهم فوق خريطة الصراع، باعتبار ذلك منطلقاً لتغيير المعادلة القائمة، في ظل سقوط الرهان على عملية التسوية، وفي ظل تداعيات انهيار المحيط الإقليمي، واختلال موازين القوى على الساحة الدولية .
ربما تكمن البداية، في لملمة شتات الشعب المقسم والأرض المجزأة واستعادة الوحدة الوطنية على قاعدة مواجهة المشروع الصهيوني العنصري، لا التعايش معه أو القبول بإملاءاته، حتى لا نفقد البوصلة من جديد، وتصبح حالة النكبة أبدية . . أو ربما نكبات، بعدما شهدنا بوادرها في إفرازات المحيط الإقليمي على غرار ما حدث في مخيمات اللجوء في سوريا، أو ما قد نشهده من نكبة أخرى يلوح شبحها في الأفق، وهذه المرة، في فلسطين المحتلة عام 1948 بالذات .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 95 / 2180754

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

7 من الزوار الآن

2180754 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40