الأحد 18 أيار (مايو) 2014

ومرت الذكرى

الأحد 18 أيار (مايو) 2014 par عوني صادق

في كل عام نستعد لإحياء ذكرى اغتصاب فلسطين، أو ذكرى “النكبة” كما نسميه، مثلما يستعد “الإسرائيليون” للاحتفال ب “عيد الاستقلال” كما يسمونه، بالطريقة نفسها وبالخطابات نفسها، وببعض المسيرات من جانبنا، مثلما يحتفلون هم أيضاً بالطريقة نفسها، ولكن بمزيد من الإجراءات نحو تحقيق الأهداف . نعم، كلانا يسير، لكن الفرق بيننا وبينهم أنهم يسيرون إلى الأمام، ونسير إلى الوراء! هم يسيرون بأساطيرهم وعدوانهم، نحو تنفيذ مخططاتهم وتحقيق أهدافهم، ونحن نسير بحقوقنا إلى تعظيم خساراتنا وتأبيد هزائمنا! هل هو اليأس يتكلم؟ أم هو العجز ينطق؟ قد يكون كلاهما، لكن الأخطر من اليأس والعجز أن تكون الحقيقة الماثلة هي التي تتكلم وتنطق .
عشية 15 مايو/ أيار، التقى الرئيس محمود عباس في لندن، وزير الخارجية الأمريكية جون كيري . مصادر فلسطينية كانت قد قالت قبل اللقاء، إن الغرض منه “تقييم الموقف” بعد انتهاء فترة المفاوضات ومن دون تفاصيل . المصادر نفسها قالت أيضاً، إن الغرض هو البحث في “التمويل الأمريكي” للسلطة الفلسطينية بعد العقوبات التي فرضتها حكومة نتنياهو ضد السلطة في أعقاب توقف المفاوضات . لكن بعد اللقاء، نسب إلى كيري قوله: إن الباب لا يزال مفتوحاً أمام السلام، وأن الأمر “الآن بيد الفلسطينيين والإسرائيليين”!
ماذا نفهم ونستفيد من ذلك؟ نفهم أن السلطة الفلسطينية ما زالت تتمسك بالمفاوضات، وبالرعاية الأمريكية . وهذا ليس اكتشافاً، فقد أكدهما الرئيس عباس فور انقضاء 29 إبريل/ نيسان، وانتهاء فترة المفاوضات . إذاً ما الجديد؟ الجديد هو أنه لا جديد لدى الفلسطينيين الذين فرحوا بالمصالحة و“اتفاق الشاطئ” لا يزالون يحيون الاحتفالات . ولكن أخبار المصالحة لا تتعدى الحديث عن قرب تشكيل حكومة “الوحدة الوطنية”، وأسماء الوزراء، بعد أن بات من شبه المؤكد أن يشكل رامي الحمدالله هذه الحكومة . ويبدو أن حكومة “الوحدة الوطنية” لن تكون ذات صلة بالأمور السياسية أو حتى الأمور الأمنية! إذاً ليقل لي العارفون ماذا ستغير المصالحة والحكومة الجديدة من الأمر الواقع الراهن؟ الكل يتحدث عن أهمية المصالحة وأهمية الوحدة، ولكنهم لا يرونهما ذا صلة مع الاحتلال ومشتقاته .
في الأثناء، وبينما تتناثر أخبار الفلسطينيين بين لندن وغزة ورام الله، يقوم رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو بزيارة لليابان، ويصرح لصحيفة يابانية بأنه لا يريد الوصول إلى “دولة ثنائية القومية”، ولذلك هو يفكر ببدائل للمفاوضات! وبحسب صحيفة (هآرتس- 15-5-2014)، فإن نتنياهو سيدرس بعد عودته من اليابان، مع أعضاء وزارته ومسؤولين عسكريين “اتخاذ خطوات بديلة للمفاوضات مع الفلسطينيين” . أبو مازن يبحث كيف يعود إلى المفاوضات، ونتنياهو يبحث عن خطوات بديلة للمفاوضات .
لم تكن المشكلة يوماً عند الفلسطينيين، المشكلة كانت طول الوقت في “إسرائيل”، كما يقول المحلل السياسي في (هآرتس) عكيفا إلدار . ف “الإسرائيليون” لم يسعوا إلى السلام يوماً، و“الاتفاق” في رأيهم، كما يقول البروفيسور “الإسرائيلي” زئيف شترنهل، في (هآرتس 18-4-2014)، هو “استسلام الفلسطينيين بلا شروط”، من أجل أن يكون الحق الحصري لليهود على البلاد كاملاً ومعترفاً به .
لذلك شهدت أشهر المفاوضات التسعة توسعاً استيطانياً غير مسبوق . وبحسب “حركة السلام الآن” “الإسرائيلية”، فإنه تم فيها بناء ما يقرب من 14000 وحدة استيطانية في الضفة الغربية والقدس الشرقية . وفي مقال للكاتب الأمريكي، إريك مارغوليوس، على موقع (كومون دريمز 12-5-2014)، قال في معرض برهنته على أن “الإسرائيليين” لم يسعوا إلى تحقيق السلام لا في المفاوضات الأخيرة ولا في أي مفاوضات سابقة، إن “إسرائيل تمسك بجميع الأوراق . والسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط يحددها اللوبي الإسرائيلي النافذ”، وتساءل: “لماذا تتنازل إسرائيل؟”، والمشكلة أن الفلسطينيين والعرب هم أكثر من يعرفون صحة ما يقوله المعلق الأمريكي .
في ضوء ذلك، يتساءل المواطن الفلسطيني، ويتمنى لو أن قياداته تصدق معه مرة واحدة وتجيب عن سؤال لم تجد له جواباً حتى الآن، وهو: هل تتمسك السلطة بالمفاوضات والرعاية الأمريكية لأنها تؤمن بهما حقاً، أم لأنها تعرف حقيقة عجزها ولا تجد غيرهما أمامها؟ وفي خطابه في ذكرى النكبة، قال من الرئيس عباس في خطاب متلفز: “لقد أعدنا فلسطين إلى الخارطة الدولية، دون تفريط في الثوابت الوطنية التي أقرت العام ،1974 مروراً بالعام ،1988 والتزمنا بتعهداتنا في اتفاق أوسلو”! قد يكون مع أبو مازن الحق، إن كان يقصد أنه ليس هو شخصياً من أوصل القضية الوطنية إلى ما وصلت إليه، لكن أين الحق في مواصلة طريق أظهرت عقمها وفشلها، بل إنّ في نهايتها نهاية القضية الوطنية برمتها؟ أين الحق في التمسك بالمفاوضات وبالرعاية الأمريكية؟
وهناك سؤال آخر يرميه المواطن الفلسطيني في وجه حركة (حماس) وبقية الفصائل الفلسطينية التي فرحت بالمصالحة، وهو إن كانت هذه المصالحة لن تغير من السياسة المعتمدة منذ أكثر من عشرين عاماً، فلماذا هذه الفرحة البادية على وجوه الجميع؟ قلنا المصالحة مطلوبة، والوحدة ضرورة، من أجل الوقوف في وجه الاحتلال، ومن أجل إنهائه . ولكن إذا كان هذا سيتم فقط من خلال “حكومة الرئيس”، وبالوسائل والأدوات نفسها، فما الذي تغير، وكم سنتيمتراً تحركنا إلى الأمام لإنهاء الاحتلال وتحقيق الأهداف الوطنية؟
هكذا مرت الذكرى ،66 كما مرت الذكرى 65 وما قبلها، ويبدو أن “القديم” ما زال تحت الشمس .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 20 / 2179081

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2179081 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40