الثلاثاء 20 أيار (مايو) 2014

التنسيق الأمني.. العار مضاعفا

الثلاثاء 20 أيار (مايو) 2014 par نافذ أبو حسنة

أعلن الناطق باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية، عدنان الضميري “أن القيادة تدرس بجدية وقف التنسيق الأمني مع الجانب الاسرائيلي، عقب استشهاد شابين”. وقال للوكالة الفرنسية “إن القيادة لا تستطيع الوقوف مكتوفة الأيدي أمام الانتهاكات الإسرائيلية والتي كان آخرها قتل شابين في رام الله”.
هناك ألف سبب يجعلنا نتمنى أن يكون ما أعلنه السيد الضميري صحيحا وجديا. ومع أن مسيرة “الناطق” لا تبعث على أي نوع من التفاؤل، فإن صدور التصريح في هذا الوقت بالذات ينطوي على دلالة خاصة.
الشابان الشهيدان “محمد أبو ظاهر” و “نديم نوارة”، استشهدا برصاص جيش العدو الصهيوني. هكذا يستشهد أبناء الشعب الفلسطيني عادة. وقد شهدت الأشهر القليلة الماضية استشهاد عدد من الشبان في مدن الضفة، ولم تحرك السلطة ساكنا، ولا هي هددت بوقف التنسيق الأمني. بل من المعروف أن الشهيد معتز وشحة، وكذلك الشهيد حمزة أبو الهيجاء، والشهيد يزن جبارين، والشهيد محمد أبو زينة، وغيرهم من الشهداء، سال دمهم الطهور برصاص الغزاة الصهاينة، وبسبب التنسيق الأمني الذي مهد لوصول القتلة إلى مخيم جنين، وإلى بيرزيت وغيرها. ما يعني أن هذه الجرائم الموصوفة هي جرائم مركبة، ودور من قام بالتنسيق للقتل، لا يقل كثيرا عمن قام بفعل القتل.
الشهيدان أبو ظاهر ونوارة، استشهدا في مواجهات أمام سجن عوفر، وفي الذكرى السادسة والستين لنكبة فلسطين. الجريمة الصهيونية هنا، أكثر من مضاعفة. هي تعني أولا أن ما قام عليه المشروع الصهيوني، من قتل وعدوان، يستمر به بعد ستة وستين عاما على النكبة، وإقامة كيان العدوان على أشلاء الشهداء والضحايا. وقد وقعت الجريمة البشعة، وفي ذكرى النكبة بالذات، أمام سجن عوفر، حيث يحتجز الغزاة مئات من الأسرى الفلسطينيين.
سوف يفترض البعض الآن، أن هناك ما يوجب على “الضميري”، الناطق باسم أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، إطلاق تهديد بوقف التنسيق الأمني، فالجريمة استثنائية وصاخبة، توقيتا ومكانا، ولا يمكن السكوت عليها. وربما وقعت دون تنسيق، ما يتطلب الاحتجاج.
ولكن مهلا. كل جريمة يرتكبها الاحتلال، هي جريمة بكل ما في الكلمة من معنى. وكل دم هو دم طهور. وليست هذه الأرواح برسم الاحتلال وجنوده القتلة، كي يختاروا منها ما يشاؤون، وفي الوقت الذي يريدونه.
وعليه، إذا كان الضميري قد أطلق تصريحه بناء على استثنائية الجريمة، فهو يدين نفسه والأجهزة التي ينطق باسمها مرة أخرى. فهل كان القتل برعاية التنسيق الأمني مقبولا، وصار غير مقبول الآن؟ أم أن السيد “الضميري” يريد توظيف الدم في بازار المفاوضات؟
التوصيف والمعنى

لو أن الضميري أعلن باسم القيادة عن وقف فوري للتنسيق الأمني، معلنا عن نهاية هذا العار الكبير، لأمكن القول: لقد بلغ السيل الزبى، ولم يعد الاستمرار في الضلال متاحا بعد كل الفظائع التي اقترفها الاحتلال. ولفهمنا أنه كان هناك من يترصد، ويحصي دم الشباب، ويسجل آلام الأمهات اللواتي فقدن الأبناء الشهداء، وهاهو يثأر ولو متأخرا لكثير من الوجع والألم.
ولكن الحديث عن أن “القيادة تدرس”، يعني بداية، الصمت المستأنف عن كل الجرائم السابقة، وربما مباركتها أيضا. تلك الجرائم، لم تدن. وأيضا لم تطلق تهديدات، ولا حتى تلميحات عن وقف التنسيق الأمني. ويعني أيضا أن القرار لم يتخذ، وأن حجم الارتكابات الصهيونية الفادحة، يوجب الشروع في الدراسة، لا الوصول إلى قرار فوري، ودون إبطاء.
وعندما يتعلق الأمر بـ“الدراسة”، فهذا يعني التسويف والمساومة. وأخطر من ذلك عدم الخجل بإزاء سلوك مدمر وكريه. لقد جرى صك تعبير “التنسيق الأمني” واستخدامه تاليا، دون كثير تدقيق في جوهره. التوصيف الذي جرى اعتماده، هو محاولة تلطيف لما يعنيه هذا السلوك، وهو في الحقيقة لا يختلف في شيء عن الخيانة. بل هو الخيانة ذاتها. وإلا، فما هو التعبير المناسب لتسهيل مرور الجنود الصهاينة لتنفيذ عمليات الاغتيال، وإخلاء الميدان لهم في الأثناء، والصمت بعد ذلك؟
الشهيدان، أبو ظاهر ونوارة، سال دمهما بالقرب من سجن عوفر، وهما يطالبان بالحرية لأسرى الحرية. والسلطة تقول إنها تطالب بالحرية للأسرى أيضا. لكن ما هو غير مفهوم يتعلق بتسهيل الاعتقالات ثم المطالبة بتحرير الأسرى. لا يحق لمن يسهل عمليات الاعتقال الادعاء بأنه يريد تحرير الأسرى.
بالاستناد إلى التجربة، ومعرفة الكيفية التي يعمل بها الضميري وصحبه، يمكن الاستنتاج بأن التنسيق الأمني لن يتوقف. وأن ما قاله الرجل يمثل ذروة الرد على عمليات القتل والاستباحة التي يقوم بها العدو الصهيوني. وهذا بحد ذاته ليس ردا. بل محاولة لتطهير الضمير. وهي محاولة فاشلة من نقطة البدء أيضا.
أدت عمليات التنسيق الأمني إلى استشهاد الكثير من الشباب الفلسطيني. وإلى اعتقال الكثيرين. وأحبطت نشوء بنية مقاومة فاعلة، وطاردت مجموعات من الشبان والناشطين، وهم في أطوار جنينية من الانتظام في مواجهة المحتل. هذه جرائم لا يمكن تبريرها تحت أي عنوان، ولا يمكن قبول استمرار الصمت عنها. ومن السذاجة بمكان تصور أن السيد الضميري يعني ما يقول. إلا إذا كانت هناك إعادة نظر بالمشروع ككل. ليس هناك ما يشير إلى مثل هذا الاحتمال.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 26 / 2178006

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع نافذ أبو حسنة   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2178006 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40