الخميس 5 حزيران (يونيو) 2014

الحكومة الفلسطينية والتهويل “الإسرائيلي”

الخميس 5 حزيران (يونيو) 2014 par عوني صادق

مع الإعلان عن التوصل إلى “اتفاق الشاطئ”، وتشكيل “حكومة الوحدة الوطنية” لم يعد متصوراً أن تنفجر المصالحة، عند أولى العقبات وأبسطها . فمهما كانت الخلافات حول التشكيلة الوزارية أو بعض الحقائب، فإنها لا تكفي لإقناع حتى طرفي المصالحة بتفجيرها بهذه السرعة . لذلك لاحظنا أن القضايا “الكبيرة” تم القفز عنها، وتأجيل البحث فيها لما بعد تشكيل الحكومة .
وبالرغم من مظاهر “الفرح الفلسطيني” لما اعتبر تحقيقاً للمصالحة و“إنهاء للانقسام”، إلا أنه يمكن القول إن الفلسطينيين الذين فرحوا بالخطوة، التي كانوا طوال الوقت يطالبون الحركتين المتنازعتين بتحقيقها، يتشككون وأحياناً يشككون في أنها ستغير كثيراً من حقائق الأمر الواقع القائم، خصوصاً أن تأكيد الرئيس عباس مراراً وتكراراً من أن الحكومة الجديدة “ستلتزم ببرنامجه السياسي”، و“ستقبل شروط الرباعية”، ظل اللازمة الملازمة لمشاورات التشكيل، وبالتأكيد سيظل بعده .
لكن اللافت في الموضوع، هو الموقف “الإسرائيلي” من هذه الحكومة، وعلى الأخص موقف الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو، الذي منذ بدأ الحديث عن مشاورات تشكيل الحكومة الفلسطينية، حاول أن يستبق التشكيل ويطلب من الرأي العام الدولي عدم الاعتراف بها، أو التعاون معها، فجاءت التحركات إزاءها كمن توشك الدولة أن تدخل الحرب .
وقبل يوم واحد من إعلان الحكومة الفلسطينية الجديدة، عقد “مجلس الوزراء المصغر” برئاسة نتنياهو اجتماعاً طارئاً لبحث “سبل التعاطي” مع الحكومة الفلسطينية . وبحسب الموقع الإلكتروني لصحيفة (هآرتس) أبلغ نتنياهو أعضاء المجلس بأنه تلقى وعداً من وزير الخارجية الأمريكية، جون كيري، أن الولايات المتحدة لن تعترف بالحكومة الفلسطينية فوراً . وذكر وزيران حضرا الاجتماع الطارئ أنه تم تكليف الاستخبارات، والأجهزة الأمنية، تقديم تقارير مفصلة عن هذه الحكومة .
وإلى جانب التهويل الذي تبناه نتنياهو، إزاء الحكومة الفلسطينية، لوحظ أن الموقف الرسمي “الإسرائيلي” ليس موحداً إزاءها، بل منقسم بشأن الكيفية التي يجب التعاطي معها . وقد ظهر أن حزب (الحركة) الذي ترأسه تسيبي ليفني، وزيرة القضاء والمسؤولة عن ملف المفاوضات، يرى أنه “يجب ضبط النفس، وعدم إغلاق الأبواب”، وأنه “علينا فحص برنامج الحكومة الفلسطينية الجديدة، وليس رفض التحاور معها”، كما جاء على لسان الوزير عمير بيرتس عضو الحركة . ويأتي هذا الخلاف وسط تقديرات “إسرائيلية” بأن حملة التحريض الدولية التي يتزعمها نتنياهو ضد الحكومة الفلسطينية، ستبوء بالفشل، وأنه لن يستطيع إقناع لا الولايات المتحدة ولا الاتحاد الأوروبي بها . وترى هذه التقديرات أن “”إسرائيل“تتأهب لانهيار دبلوماسي في الساحة الدولية” !
ولعل السؤال الذي يطرحه التهويل “الإسرائيلي”، والحذر والاشتراطات التي تبديه وتضعها الولايات المتحدة الأمريكية، والذي لا مهرب للمتابع منه، هو ما حقيقة ذلك التهويل والحذر؟ هل ينبع من خوف حقيقي ألا يكون الرئيس عباس جادا في التمسك بسياسته وبرنامجه السياسي، فتغير موقفه من حركة (حماس)؟ هل يكون الرئيس عباس قد يئس من الموقف “الإسرائيلي”، والرعاية الأمريكية للمفاوضات، وبالتالي أصبح يرى أن “تغييراً”، ولو جزئياً، لا بد أن يدخل على سياسته وبرنامجه، خصوصاً أنه سبق واتهمه “إسرائيليون” كبار بأنه “ليس شريكاً”، وأنه “لا يريد السلام مع”إسرائيل“”؟
بالتأكيد ليس ذلك، أو شيء منه، يدور في خلد نتنياهو أو “الإسرائيليين”، ولا في خلد الأمريكيين أو الأوروبيين . إنهم جميعا يعرفون جيداً أن عباس جاد جداً فيما يعلن، وأنه لو غير شيئاً من قناعاته، لفعل أسهل شيء عليه وهو أن يعلن استقالته، وهو في زيارة خارجية، ولكن إذا كان هذا هو رأي الجميع، وأن عباس “صامد” في قناعاته، فلماذا هذا التهويل الذي لا مبرر ولا معنى له؟
الجواب عن السؤال الأخير، نعرفه، أو هذا ما نفترضه، وعرفناه منذ زمن طويل جداً، وهو لا يخص الرئيس عباس وحده، بل هو إحدى قواعد اللعبة الصهيونية - “الإسرائيلية” المتبناة أمريكياً، وهو أنه إزاء كل خطوة فلسطينية، مهما كانت تلك الخطوة صغيرة أو كبيرة، فلا بد من إظهارها “خطراً كبيراً” على “دولة”إسرائيل“ومستوطنيها”، لتبدأ الألاعيب، باسم التوصل إلى “حلول وسط” تختبئ فيها الخطط والمطالب “الإسرائيلية”، وتبرر التنازلات الفلسطينية . ولعل الهدف الحقيقي لكل ما تفعله الحكومة “الإسرائيلية” الآن، هو “إبقاء الأطراف في الملعب” شراء للوقت اللازم لاستكمال مخططات الاستيطان والتهويد ومصادرة الأرض وتهجير السكان ما أمكن . . الخ . ولا ننسى أن ما انتهت إليه “الوساطة” الأمريكية في موضوع “التسوية وعملية السلام”، هو تمديد المفاوضات .
العيب دائما كان فينا، وليس في أحد غيرنا، نسمع ونصدق ما نسمع، ثم ننشغل فيه، وننسى القضية والموضوع الأساسي .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 28 / 2178619

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2178619 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40