الثلاثاء 10 حزيران (يونيو) 2014

ذكرى الخامس من حزيران

الثلاثاء 10 حزيران (يونيو) 2014 par د. فايز رشيد

نعيش هذه الأيام ذكرى الخامس من يونيو/حزيران عام 1967 . 47 عاماً تفصلنا عن ذلك اليوم المشؤوم، يوم أراد العدو الصهيوني كسر أحلام الجماهير العربية في تحرير فلسطين، هذا الشعار الذي حملته الأمة العربية من المحيط إلى الخليج .أعوام طوال تفصلنا عن يوم الهزيمة، حين استطاعت “إسرائيل” احتلال الضفة الغربية، وسيناء وهضبة الجولان العربية السورية . جاءت بعدها استقالة الرئيس الخالد جمال عبد الناصر لتزيد من طعم مرارة النكسة . عدوله عن استقالته أحيا أملاً جديداً في الأمة العربية بإمكانية تجاوز النكسة على طريق الانتصار . رغم الهزيمة انطلقت الثورة الفلسطينية لتعلن بداية المقاومة الفعلية للعدو الصهيوني ولمشاريعه في المنطقة وتؤسس لمقاومة عربية ظهرت فيما بعد . رغم الهزيمة أطلق عبدالناصر لاءاته الثلاث: لا صلح، لا اعتراف، ولا مفاوضات مع الكيان الصهيوني .كان الشعار من أبلغ الردود على الهزيمة . “إسرائيل” أرادت من هذه الحرب تطويع إرادة الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج، لكن رد أمتنا تبلور في كلمات قليلة: مقاومة “إسرائيل” والإصرار على عروبة فلسطين من النهر الى البحر . نعم، انتظرت الجماهير العربية لحظة بلحظة تلك الساعة التي نتمكن فيها من هزيمة “إسرائيل” . جاءت اللحظة في معركة الكرامة في 21 مارس/آذار عام ،1968 وجاءت في حرب الاستنزاف على الجبهة المصرية . وتوج الانتصار عام 1973 حين أثبت الجندي العربي قدرته على تجاوز المحنة والوصول إلى النصر . للأسف لم يُمهل القدر عبد الناصر الذي خاض حرب الاستنزاف وكان قد توفاه الله في عام ،1970 ولم يشهد عبور الجيش المصري لقناة السويس وتدمير خط بارليف “الإسرائيلي”، الذي صوروه بأنه أعظم من خط ماجينو .
للأسف أيضا، لم يكتمل الانتصار في حرب عام 1973 التي أرادها الرئيس المصري الأسبق أنور السادات، أن تكون حرب تحريك لا حرب تحرير . جاءت بعدها المباحثات المصرية مع (العزيز) هنري كيسنجر، وكانت اتفاقية كامب ديفيد المشؤومة التي أبعدت الدولة الأقوى عربياً عن دورها في التصدي للكيان الصهيوني، ثم جاءت اتفاقية أوسلو المشؤومة وبعدها اتفاقية وادي عربة . تصور “الإسرائيليون” بعدها بأن وجود دولتهم المغتصبة أصبح أمراً واقعاً، وأنهم بانتظار العرب كي يخروا على ركبهم راكعين وصاغرين وطائعين أمام الإرادة الصهيونية، مثلما انتظر وزير الحرب الصهيوني الأسبق موشيه دايان في عام ،1967 حين انتظر مكالمة الاستسلام من الرئيس عبد الناصر، لكن التوقعات “الإسرائيلية” فشلت وأصر الفلسطينيون والعرب على رفع شعارات فلسطين كل فلسطين .
في ذكرى يونيو/حزيران انذهل العدو الصهيوني قبل نحو ثلاثة أعوام وفوجئ بالمسيرات الفلسطينية-العربية باتجاه حدود فلسطين، وفوجئ تماماً إلى الحد الذي مارس فيه فلسطينيان حقهما في العودة على طريقتهما الخاصة واخترقا الحدود السورية-الفلسطينية، أحدهما وصل إلى يافا (مسقط رأس والده وعائلته وأجداده) وأعلن عن نفسه .ثانيهما لم يعلن عن نفسه ولم يتمكن الكيان من القبض عليه سوى بعد أسبوع . رد الفعل الصهيوني على المسيرات الحدودية عبّر عن نفسه بمذابح (كعادة “إسرائيل”) ارتكبتها ضد الذين ساروا في المسيرات، ما أدى إلى استشهاد العشرات على الحدود اللبنانية والسورية مع فلسطين التاريخية . المسيرات الفلسطينية العربية ذلك العام عكست طموحات وأهداف شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية في رؤية الكيان كمشروع دخيل في المنطقة، وعكست إصراراً كبيراً على حتمية عروبة فلسطين وحتمية العودة .
كل الذي تغير في الكيان الصهيوني بعد مرور 66 عاماً على إنشائه: أنه أصبح أكثر عدوانية وعنصرية وإرهاباً . والمتغيرات الداخلية فيه تشي بتطور التطرف والفاشية في شارعه بشكل متسارع، وهذا إن ينم عن طبيعة تآمر “إسرائيل” ليس على فلسطين والفلسطينيين فحسب إنما على العرب والعروبة والمشروع الوطني القومي العربي برمته، وقد ثبت ذلك بالملموس عندما اعتدت “إسرائيل” على أكثر من دولة عربية بطرق مختلفة .
لكل هذا لا يجوز التصور للحظة من اللحظات أن الصراع مع الكيان الصهيوني هو صراع فلسطيني فقط وإنما هو صراع عربي . إن الحلم الصهيوني بإنشاء دولة “إسرائيل” الكبرى لم يغادر الذهنية لدى معظم الصهاينة غير أنهم سيحيوا هذا الشعار في الوقت المناسب عندما تحين الظروف . إن “إسرائيل” والسلام خطان متوازيان لا يلتقيا والدليل على ذلك: عشرون عاماً من المفاوضات الفلسطينية مع الكيان وفوقهما تسعة أشهر لم تسفر إلا عن ازدياد شهية “إسرائيل” للأرض العربية وتطويع العرب . دليل آخر هو، رفض “إسرائيل” لما يسمى “مبادرة السلام العربية” إنها من وجهة نظر شارون، لا تستحق الحبر الذي كتبت به . أثبتت التجارب أن الكيان الصهيوني لا يستجيب إلا للغة القوة والمقاومة . نعم رغم الظروف الصعبة الحالية لا مستقبل لهذا المشروع إلا الزوال فلا تعايش مع هذا الكيان .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 20 / 2165543

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع فايز رشيد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165543 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010