الخميس 23 أيار (مايو) 2019

غزة.. واستراتيجية إدارة النزاع

الخميس 23 أيار (مايو) 2019 par عوني صادق

لم يتغير أي شيء في غزة، بعد وقف النار الأخير، الذي تحقق على أساس التزام الجانب «الإسرائيلي» ب«التعهدات»، وتنفيذ «التسهيلات»، و«تخفيف الحصار». إن شيئاًَ من ذلك في الفترة التي انقضت على سريانه لم يتحقق. بعد الإعلان عن «وقف النار»، واجه بنيامين نتنياهو انتقادات حادة من حلفائه في ائتلاف اليمين، ومن منافسيه في «ائتلاف المعارضة»، وأيضاً من شخصيات في حزبه (الليكود). ورداً على الانتقادات الموجهة إليه، أدلى بتصريح تحدث فيه عن «نصر لم يتحقق»، كما قال معارضوه، وقال: «إن معركة غزة لم تنته»! وتنبأ العديد من المعلقين والكتّاب «الإسرائيليين»، بأن «الهدوء» لن يطول، وأن وقف النار سيسقط قريباً جداً!
والمتمعن في «إشكالية غزة»، يكتشف أنه لا يوجد لها أي حل يُرضي الأطراف الثلاثة المتورطة فيها؛ وهي: مقاومة غزة، سلطة رام الله، و«إسرائيل». ففي «تل أبيب»، هناك ما يشبه «التوافق» على أنه ليس لدى نتنياهو «استراتيجية» تجاه غزة.
وفي إطار هذا التوافق هناك رأيان: الأول، يرى أنه لا توجد استراتيجية، والثاني، يرى أن الموجود «إدارة للنزاع»، وهي تشابه الاستراتيجية، وكلاهما يوصل للنتيجة نفسها. والحل في نظر هؤلاء وهؤلاء، ليس سوى إشعال حرب واسعة يشنها الجيش «الإسرائيلي» على غزة، ويعيد احتلالها، ويسقط المقاومة (حماس أساساً).
وفي «الهوامش» توجد أصوات تنادي بالانفصال عن غزة؛ من خلال «تسوية» لا تتوفر شروطها.
بالنسبة للمقاومة، فإنها تجد نفسها مضطرة للتجاوب مع استراتيجية «إدارة النزاع» بشكل أو بآخر، وبدون إعلانات؛ لأنها من جهة لا تستطيع إلا أن تدافع عن نفسها؛ عندما تتعرض للعدوان، ولا تستطيع أن ترفض «الوساطات» التي تتدخل دائماً؛ لوقف النار. وفي الوقت نفسه، ليس لديها خيار المبادرة بإعلان الحرب! والحل الوحيد بالنسبة للفلسطينيين عموماً، هو تحقيق الوحدة الوطنية على أرضية المقاومة، ومواجهة الاحتلال؛ لكن الوحدة غير ممكنة طالما هناك سلطة فلسطينية متمسكة ب«اتفاق أوسلو»، وطالما إسقاط هذا الاتفاق والتحلل من كل التزاماته متعذر، علماً بأن المجلس المركزي لمنظمة التحرير كان قد اتخذ قراراً حول هذا الموضوع أكثر من مرة، دون أن يوضع موضع التنفيذ؛ لذلك ستظل الوحدة المطلوبة ممتنعة، وتظل استراتيجية «إدارة النزاع» مفروضة على المقاومة في غزة.
وفي إطار استراتيجية «إدارة النزاع»، يتبع نتنياهو سياسة «فرق تسد» مع الأطراف الفلسطينية، فصائل وسلطة فلسطينية. ففي الوقت الذي يعلن صراحة أن «الانقسام الفلسطيني» مصلحة «إسرائيلية»، يمارس الضغط على (حماس) و(فتح السلطة)؛ للإبقاء على الانقسام. ويحاول أن يوقع بين فصائل المقاومة، وخصوصاً بين (حماس) و(الجهاد الإسلامي). وبينما يحاول أن يظهر حركة (الجهاد) بوصفها مسؤولة عن التوترات منذ أشهر، يعزو إليها مسؤولية التصعيد الأخير، ويصفها بأنها تنظيم متمرد على (حماس)؛ لكنه في الوقت الذي يعاقب (حماس) بوصفها «رب البيت» في غزة، والمسؤولة عن الأمن فيها. من جهة أخرى، تلعب الصحافة «الإسرائيلية» دوراً تحريضياً؛ بخلق الشكوك، وتعميق الخلافات بين الأطراف الفلسطينية، فتبرز اتصالات (حماس) و(فتح) مع «فريق نتنياهو»، وتدعي وجود خلافات بين (حماس) و(الجهاد الإسلامي). وأثناء العدوان الأخير على غزة، كتب يؤاف ليمور في (إسرائيل اليوم- 2019/5/3)، يقول: «سياسة المنظمات في غزة ليست واحدة. و(حماس) متمسكة بالتهدئة، كل المؤشرات تدل على ذلك. بالمقابل، فإن (الجهاد الإسلامي) أقل التزاماً بالتهدئة، وقد اجتاز التنظيم في الأشهر الأخيرة تطرفاً واضحاً يقلق «إسرائيل». وبينما تعمل «إسرائيل» مع (حماس)، بالصواريخ أو بالكلام، فإن الذي من شأنه أن يشوش على الخطط هو (الجهاد)!» ويضيف: «لقد طرحت في «إسرائيل» في السنة الأخيرة أفكار لتغيير السياسة تجاه (الجهاد)، كاستغلال إحدى جولات التصعيد، وتركيز الضربة عليها. وهذا لم يحصل؛ لاعتبارات مختلفة، ولكن يحتمل أنه حان الوقت. ف(الجهاد الإسلامي) لم يعد منذ زمن بعيد تلك البعوضة؛ بل أصبح مصدراً يتمتع بوزن، ويرفض الطاعة لقوانين اللعب»!
لذلك، وبفضل استراتيجية «إدارة النزاع»، لن تعرف غزة الهدوء!!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 100 / 2183576

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع عوني صادق   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2183576 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40