في محكمة الصلح في القدس بدأت أمس مرحلة المطالبة بالاحكام في محاكمة النائب تساحي هنغبي، الذي ادين بإدلاء شهادة كاذبة وقسم كاذب. وفي مركز البحث يقبع السؤال اذا كانت ستـُفرض على هنغبي وصمة عار، وعندها ستنقطع حياته السياسية، أم سيتمكن من ان يؤدي مناصب رفيعة بل ويكون وزيرا في الحكومة.
قبيل المداولات حظي هنغبي بدعم من شخصيات عامة رفيعة المستوى، افاضوا في الثناء عليه وتجندوا لانقاذه من فرض وصمة العار. برز بينهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي دعا الى السماح لهنغبي بأداء مناصب عامة؛ وزير الدفاع ايهود باراك الذي دعا القضاة الى «النظر في عدم فرض وصمة العار»؛ ورئيس الموساد مئير دغان، الذي طلب محاكمة هنغبي في صالح التبرئة.
لا ريب أن الثلاثة يعرفون جيدا هنغبي ويمكنهم ان يدلوا برأي في شخصيته وادائه. ولكنّ ثمة خللا ً وتضارباً للمصالح في تدخلهم في الاجراء القانوني ووقفتهم لمنع وصمة العار. هنغبي هو رئيس لجنة الخارجية والامن، التي تشرف نيابة عن الكنيست على القيادة السياسية واسرة الاستخبارات. وتشارك اللجنة في اقرار ميزانيات وزارة الدفاع والاجهزة السرية، وتصادق على الانظمة والاوامر التي يصدرها باراك، وتبحث في قرارات نتنياهو وتتلقى من دغان تقارير عن نشاط الموساد، بما في ذلك مواضع الخلل العملياتية. من هنا، فان الثلاثة الكبار الذين يفترض بهنغبي أن يراقب عملهم يساعدونه على تخليص نفسه من وصمة العار.
كما ان لنتنياهو مصلحة سياسية: هنغبي هو رجل اساسي في كاديما، الحزب المعارض الرئيسي، الذي يسعى نتنياهو الى تفكيكه او ابقائه احتياطيا للائتلاف. اذا ما جمد هنغبي من الكنيست في اعقاب فرض وصمة العار، فان هذا سيثقل على المناورات السياسية لنتنياهو؛ واذا ما قررت المحكمة في صالح هنغبي، فان هنغبي سيكون مدينا لنتنياهو بالجميل.
موقف نتنياهو وباراك مرفوض ايضا من الجانب القيمي: رئيس الوزراء ووزير الدفاع، رئيسا حزبين مركزيين يطلقان الى الجمهور رسالة في أنه لا توجد وصمة عار في الادلاء بشهادة كاذبة وان الكذب الذي انكشف لن يستخدم كعائق في وجه التقدم في الحياة السياسية.
كان يجدر بنتنياهو وباراك ودغان ان يمتنعوا عن التوجه الى المحكمة طالما هم خاضعون لرقابة المتهم.
[**أسرة التحرير | «هآرتس» | 17 ايلول (سبتمبر) 2010*]