ـ كمال خلف:
لم تكن زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس “اسماعيل هنية” على رأس وفد من الحركة ضم صالح العاروري وموسى أبو مرزوق وأسامة حمدان، ومشاركتهم في تشييع الجنرال قاسم سليماني حدثا عابرا. فوفد الحركة عقد سلسلة اجتماعات في طهران مع ارفع قيادات الجمهورية الاسلامية، والتقت بالمرشد خامنئي والقائد الجديد لقوة القدس إسماعيل قاآني.
واستطاعت الحركة خلال هذه الزيارة التي لاقت اهتماما إيرانيا خاصا أن تعيد التحالف القوي مع إيران بعد فترة من التقلبات بدأت عند افتراق خيارات الحركة عن قرارات طهران تجاه الحرب السورية عام 2011. وحرصت كلا من الحركة وإيران على عدم قطع العلاقة نهائيا، رغم أنها انحدرت إلى الحد الأدنى. واقتصر الدعم الإيراني منذ ذلك الحين على كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس، بعد أن كانت إيران تولي الحركة دعما ماليا لكافة اجنحتها السياسية والعسكرية والاجتماعية داخل فلسطين المحتلة وخارجها. وكان ذروة الاعتماد على إيران تجلى عندما عجزت الحركة عن دفع مرتبات الموظفين في قطاع غزة إثر فوزها بالانتخابات وتشكيلها الحكومة ووقوعها تحت الحصار، عندها قامت طهران بدفع أكثر من 22 مليون دولار لحكومة حماس.
وبعد هذه الزيارة يبدو أن الحركة استعادت مكانتها في التحالف مع إيران، وأن صفحة جديدة فتحت اليوم بين الجانبين قد تكون جبت ما قبلها. واذ تحرص الحركة في الإعلان عن أنها تسعى لأن تكون على توافق مع عمقها العربي والإسلامي. فإنها في الاونه الأخيرة حاولت استعادة العلاقة مع المملكة العربية السعودية، وتلك العلاقة كانت جيدة في زمن الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، إلا أنها وصلت في عهد الملك سلمان وولي عهده إلى اعتبار الرياض حركة حماس حركة إرهابية، في إطار نظرة المملكة إلى حركة الإخوان المسلمين عموما وفي إطار الصراع مع قطر وتركيا حلفاء حماس. وفي هذا السياق تقول بعض المصادر أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان اشترط على حركة حماس فتح حوار مع الولايات المتحدة والاعتراف بقرارات الرباعية الدولية. وهو ما رفضته حماس فتوقفت المحاولة.
خطوة حماس تجاه ايران، لاقت انتقادات بعض الشخصيات من فضاء الحركة الإسلامية من أنصار الحركة، وبدت تلك الأصوات القليلة التي عبرت عن نفسها عبر منصات التواصل لاجتماعي أو منابر الحركات الإسلامية المنتشرة من لندن إلى الدوحة إلى اسطنبول، بدت حبيسة خطاب دعائي متطرف ومذهبي، ينظر إلى إيران على أنها شيعية، ويكرر خطاب جاء ضمن حملات تدعم سياسية إسقاط النظام في سورية، قائم على مقولة سليماني يقتل الشعب السوري. وهو خطاب ثبت بعد كل هذه السنوات وانكشاف فصول الحرب السورية، وحجم التدخلات فيها أنه غير واقعي، إذ كان سليماني وغيره يواجه قوى عسكرية متعددة الجنسيات والولاءات تشابه قدراتها العسكرية الجيوش النظامية، ولديها إيدلوجية متطرفة قتلت من الشعب السوري و تقاتلت فيما بينها تبعا لاجندات الداعمين لها، وانتقل بعضها اليوم ليقاتل في ليبيا خدمة لمصالح تركيا. ويبدو أن حركة حماس تجاوزت دائرة هذه الدعاية، ولذلك اهتمت الحركة وسط هذه الانتقادات بالتركيز على كوادرها في تعميمات داخلية تحدد فيها بشكل واضح خياراتها و سياساتها القائمة على الانفتاح على العمق العربي والاسلامي بعيدا عن الحسابات والاحقاد المذهبية قصيرة النظر. خاصة أن ثمة علاقة جيدة تجمع بين حليفي الحركة تركيا وقطر و بين الحليف الإيراني.
ولم يأتي تهديد قائد حركة حماس في قطاع عزة يحيى السنوار لاسرائيل يوم أمس الخميس من مغبة اقتراف أي حماقة تجاه قطاع غزة وقوله ” في حال ارتكب العدو الإسرائيلي أي خطأ في غزة، سيليه كلمة للناطق العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة، يتحدث بها بـ 5 كلمات، وهي الخبر ما ترون لا ما تسمعون”. إلا في سياق استعداد حماس للانخراط في أي مواجهة شاملة بين محور المقاومة وإسرائيل على خلفية التصعيد مع الولايات المتحدة الأمريكية. وتجد حماس نفسها معنية بتطور الأحداث اذا ما وصلت إلى مواجهة على الجبهة الاسرائيلية.
وكان لافتا إشارة مسؤول حماس في لبنان أحمد عبد الهادي إلى زيارة الجنرال قاسم سليماني لقطاع غزة أكثر من مرة، وقال عبد الهادي في إشارة الى أنفاق شقتها (حماس) بين قطاع غزة والجانب الذي تحتله اسرائيل “هذه الأنفاق أتت فكرتها من شخصين،الأول وهو الشهيد القائد عماد مغنية والثاني الحاج قاسم سليماني الذي ذهب الى غزة أكثر من مرة وكان مساهما ومشاركا في الخطة الدفاعية منذ اللحظة الأولى عندما تم التخطيط لها ورسمها خلال الفترة الماضية “. وكان لافتا إقامة الحركة خيمة عزاء في القطاع بعد استشهاد الجنرال سليماني. هذا الاندفاع والوضوح لدى حركة حماس في التعامل مع ملف اغتيال سليماني و التعامل مع إيران، يمكن اعتباره دليل على قرار داخلي حسم الجدل و طوى صفحة سنوات اللغط والحرج لدى الحركة. لتعود الحركة إلى موقعها الطبيعي في تحالف جبهة مقاومة إسرائيل و الهيمنة الأمريكية.
السبت 11 كانون الثاني (يناير) 2020
حركة حماس وإيران
السبت 11 كانون الثاني (يناير) 2020
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
53 /
2189817
ar المرصد تقارير وملخصات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
20 من الزوار الآن
2189817 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 20