الخميس 18 نيسان (أبريل) 2024

عرب العرامشة.. المفاجأة القاتلة

الخميس 18 نيسان (أبريل) 2024

- أحمد فؤاد

العالم العربي ليس معتادًا أن يرى أطرافًا تدخل إلى مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة الأميركية، ومع كيانها التابع. ليس من “عاداتنا” أن نبادر إلى عمل مشترك وواسع وكبير، وليس من مناهجنا أن نستمر بكلّ هذه الروحية العالية والاندفاع والثبات والتصميم لمدة تتجاوز 194 يومًا في كلّ جبهات القتال. لكن كلّ ما جرى منذ “طوفان الأقصى” في جانب، وما جرى في يوم السابع عشر من نيسان/ابريل بعملية عرب العرامشة المباركة سيبقى في جانب آخر.

مبدئيًا، كان من المنطقي أن تشهد جبهات القتال هدوءًا حذرًا بعد الضربة الإيرانية الهائلة “الوعد الصادق” للعدوّ الصهيوني، بكلّ ما حققته من نتائج وما فرضته من قواعد اشتباك جديدة في الإقليم، ومنها نتائج ما تزال في طور التشكّل والظهور. يمكننا القول بكثير من الثقة والاطمئنان إن الكيان تلقى أثقل ضربة في تاريخه من الجمهورية الإسلامية، وهو يترنح سكرانًا تحت تأثير دويها.

لكن المفاجأة تجلت بقيام رجال الله في جبهة الكرامة بجنوب لبنان بواحدة من أكثر العمليات العسكرية من حيث الخسائر البشرية المعترف بها من قبل العدو، منذ بدء القتال، 18 بين مصاب وقتيل طبقًا لإذاعاتهم، التي تنطق وسيف الرقابة على لسانها، لا نعرف العدد الحقيقي لقتلى السرية، وربما لن نعرف عددهم في وقت قريب، كلّ ما أمامنا أن “النقطة المحصنة” المستحدثة أبيدت واجتثت من فوق الأرض.

كل ما لدينا في هذه اللحظة من شواهد، يقول إن حزب الله كان يراكم “إنجازات مذهلة” في مجال حرب التقنية والمعلومات طوال أشهر القتال، وأن رجال الله الذين مضوا على طريق القدس أجادوا إذلال القوّة الصهيونية المتغطرسة، وخبروا أساليبها وطرقها وسلاحها، وأن اختيار استهداف أبراج المراقبة وقواعد التنصت والمواقع الاستخبارية لم يكن ضربات حظ عشوائية أو صدف سعيدة متتالية، لكنّه كان تجهيزًا لمرحلة أكبر وأخطر من القتال، ربما، أكرّر ربما، يكون وقتها قد حان.

ما حدث في هذه الليلة المباركة، التي يواصل فيها الشعب الفلسطيني صموده، ويستكمل الشعب اليمني والسوري والعراقي والإيراني تقديم قرابينهم وتضحياتهم لله، قرر فيها الحزب بروحية “العماد” ومدد أفكاره الثاقبة الناصعة الواعية، أن يوجه ضربة قاتلة في توقيت قاتل، ليظهر لنا ولمحور المقاومة وللعالم كم هي هشاشة هذا الكيان اللقيط، وكيف نستطيع أن نذله ونكسره ونرغم أنفه في وحل الهزيمة الكاملة، ليس أقل من ذلك بعد الآن.

الكيان الذي سارع فور تلقيه الضربة الإيرانية إلى التباهي الكاذب بما يملكه من إمكانيات وأسلحة وأنظمة للدفاع الجوي لا يمكن اختراق طبقاتها، مع تمتعه بإضافة ضخمة تتمثل في قيام دول أخرى بتشكيل طبقة دفاع متقدمة خارج حدوده، وهي أميركا وبريطانيا وفرنسا والأردن، لم يتمكّن من رصد هجوم “مركب” بالصواريخ والطائرات المسيّرة الانقضاضية، بل ولم تتح له كلّ هذه المزايا التي يتبجح بامتلاكها من إطلاق صافرة إنذار واحدة قبل الكارثة التي ضربت قلبه.

في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2018، قال الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله: “هذا ما نؤمن به، الفارق أنه في يوم العاشر ليس الدم هو الذي ينتصر على السيف، ليس دمنا فقط الذي ينتصر على السيف، سيفنا أيضًا ينتصر على السيف، نحن الآن في هذا الزمن لدينا دم وسيف، وكلاهما ينتصر”.. وصدقته الأيام، كعادته.

اليوم يمكن للمرجفين المنافقين أن يبكوا بدموع التماسيح على غزّة، بينما يمدون أيديهم للعدو من تحت الطاولة، ويجتهدون لنشر رواية “الهزيمة” التي توافق أرواحهم وقلوبهم المريضة المتعفنة المهزومة، لكن في هذا الخندق، نعلم يقينًا أننا في زمن جديد، وأن محور المقاومة – كله - قد دلف إلى مرحلة اقتدار معنوي ومادي، وأن العدوّ يمشي بقدميه وحتّى بدفع من داعميه إلى حتفه، وأن كلّ يوم إضافي في هذه الحرب لن تفعل لهم شيئًا سوى زيادة الخسائر ونقصان أيامهم الأخيرة قبل النهاية المحتومة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 6 / 2186470

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع تقدير موقف   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2186470 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40