السبت 21 آب (أغسطس) 2010

مأساة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان (2)

السبت 21 آب (أغسطس) 2010

فتح لبنان خلال الأشهر الأخيرة صفحات كتاب «مأساة اللاجئين الفلسطينيين» ودارت نقاشات سياسية واسعة حول أوضاعهم الإنسانية والاجتماعية وسبل التعاطي معها ومحاولة التوصل إلى حلول لها تأخذ الأوضاع الفلسطينية واللبنانية الخاصة بالحسبان.

النقاشات والمواقف هدأت الآن بعد أن أخذت مسارات مختلفة من خلال الأحزاب التي قدمت رؤاها، ومن خلال اللجان النيابية التي انكبت على وضع الأطر القانونية اللأزمة للتوصل إلى حل لهذه المأساة، حيث يحظر على الفلسطينيين العمل في 72 مهنة، وكذلك حق التملك، إضافة إلى الوضع الحياتي الكارثي للمخيمات الفلسطينية على الصعد كافة. وصولاً إلى إقرار البرلمان اللبناني يوم الثلاثاء الماضي القانون الخاص بالحقوق الاجتماعية للاجئين الفلسطينيين والذي من المفترض أنه طوى صفحة هذا السجال المرير والطويل.

«الخليج» تفتح ملف الوضع المأساوي للاجئين الفلسطينيين في لبنان، لتفتح كوة ضوء تطل من خلالها على حقيقة المأساة، على مدى أكثر من ستين عاماً من اللجوء.

تعرض الوجود الفلسطيني في شمال لبنان لهزة كبيرة في العام 2007، عندما حاولت مجموعة إسلامية أصولية السيطرة على مخيم نهر البارد لتحويله إلى نقطة انطلاق لتحقيق مشروعها بإقامة «إمارة إسلامية» في المنطقة، وأقدمت على قتل نحو 23 جندياً لبنانياً ما فتح باب النزاع المسلح بين الجيش اللبناني وهذه المجموعة وأدى ذلك إلى تدمير مخيم نهر البارد ونزوح معظم سكانه إلى مخيم البداوي القريب فأحدث وضعاً سلبيا في المخيم المذكور، وما زال مخيم البداوي يتحمل العبء الأساسي الناتج عن تهجير أهالي مخيم نهر البارد والذين مازالوا ينتظرون إعادة بناء مخيمهم.

[**يشربون كأس المرارة*]

يبدو أن عملية إعادة إعمار مخيم نهر البارد القديم في شمال لبنان تسير ببطء شديد. بعد أن تعرض للتدمير الشامل إثر المعارك الطاحنة التي وقعت بين الجيش اللبناني ومجموعة «فتح الإسلام» صيف عام 2007. وكان اللاجئون الفلسطينيون بدأوا العودة إلى المخيم الجديد في 10 اكتوبر (تشرين الأول) 2007 وما زالوا يعانون الأمرين. فماذا عن الوضع الراهن للمخيم وأهاليه؟

تقول رامية عثمان (29 عاماً) : رحلنا عن المخيم يوم الثلاثاء 22 مايو (أيار) 2007، لنحط الرحال مع عائلتي في روضة حنين للمعوقين في مخيم البداوي القريب، بقينا هناك عشرة أيام، بعدها توجهنا إلى طرابلس واستأجرنا شقة، عائلتي تضم 9 أشخاص، بقينا هناك إلى 15/7/2008. حصلنا على ترخيص يسمح لنا بدخول المخيم الجديد حيث نسكن، لم يكن منزلنا صالحاً للسكن، استأجرنا منزلاً ببدل قدره 150 دوراً شهرياً، وبدأنا بترميم المنزل الأصلي الذي استلمناه في 12/5/2009 على حسابنا، الناس في هذه المنطقة ترمم على حسابها لأن «الأونروا» غير مسؤولة خارج نطاق المخيم القديم».

[**الوضع الحالي لأهالي مخيم نهر البارد*]

حسب الإحصاء الصادر عن وكالة «الأونروا» في بداية عام 2010 بلغ عدد أهالي مخيم نهر البارد 26522 شخصاً موزعين على الشكل الآتي :

25243 شخصاً مسجلاً في «الأونروا» تضمهم 5387 عائلة، و142 شخصاً غير مسجل وتضمهم 41 عائلة و1137 شخصاً أتوا إلى المخيم من مناطق أخرى وتضمهم 253 عائلة .

ويشير الإحصاء إلى الأشخاص الذين ما زالوا خارج منطقة مخيم نهر البارد بالآتي : في مخيم البداوي في شمال لبنان والقريب من مخيم نهر البارد ما زالت 867 عائلة تستأجر منازل داخل مخيم ويبلغ عدد أفرادها 4080 شخصاً في حين تستضيف عائلات من البداوي 104 عائلة من مخيم نهر البارد ويبلغ عدد أفراد 379 شخصاً. أي أن مجموع المهجرين من نهر البارد وما زالوا يسكنون مخيم البداوي يبلغ 4451 شخصاً.

وفي المنطقة المحيطة بمخيم البداوي تعيش 633 عائلة في بيوت مستأجرة ويبلغ عدد أفرادها 3110 أشخاص، وفي ضيافة بعض العائلات تعيش 156 عائلة يبلغ عدد أفرادها 601 شخصاً. أي 3710 شخصاً من مخيم نهر البارد.

وفي البلدات اللبنانية المحيطة بمخيم نهر البارد تستأجر 250 عائلة بيوتاً ويبلغ عدد أفرادها 1150 شخصاً في حين يستضيف بعض العائلات 25 عائلة يبلغ عدد أفرادها 92 شخصاً ويبلغ المجموع 1242 شخصاً. وتستأجر 125 عائلة، عدد أفرادها 587 شخصاً شققاً في مدينة طرابلس شمال لبنان وتعيش 37 عائلة يبلغ عدد أفرادها 159 كضيوف عند عائلات في المدينة المذكورة ويبلغ المجموع 741 شخصاً.

ما زالت 17 عائلة يبلغ عدد أفرادها 67 شخصاً تعيش في منطقة البقاع، و45 عائلة، عدد أفرادها 206 أشخاص في منطقة صور الجنوبية و74 عائلة عدد أفرادها 330 شخصاً في منطقة صيدا و117 عائلة عدد أفرادها 534 شخصاً في منطقة بيروت.

مما تقدم يتبين أن 11295 شخصاً من أهالي مخيم نهر البارد ما زالوا يعيشون خارج المخيم المذكور من أصل 26522 شخصاً أشار إليهم الإحصاء الصادر عن وكالة «الأونروا».

إن العائلات التي عادت تعيش في ظروف حياة قاسية والقسم الأكبر منها ما زال يرمم منزله، ومنهم من يعيش في مسكن ويرممه في الوقت نفسه.

في المخيم الجديد ثلاث مدارس جاهزة ويجري العمل على بناء مدرستين جديدتين. تستقبل هذه المدارس نحو 3000 طالب. في حين أن عيادة «الأونروا» تعمل في دوام رسمي من 8 صباحاً حتى 2 ظهراً وتستقبل المئات من المرضى يومياً.

[**الخلفية التاريخية لـ «البارد»*]

مخيم نهر البارد هو مخيم للاجئين الفلسطينيين يقع في شمال لبنان قريباً من مدينة طرابلس. أنشأ المخيم جمعيات الصليب الأحمر عام 1949 لتوفير إقامة اللاجئين الفلسطينيين القادمين من منطقة بحيرة الحولة شمالي فلسطين. كان يضم نحو 30 ألف فلسطيني وهو عدد أعلى من العدد الذي تذكره وكالة «الأونروا» لوجود مهجرين إليه من مختلف المخيمات الأخرى التي عانت من الحروب الأهلية التي توالت على لبنان.

كان المخيم يمثل نموذجاً متقدماً عن المخيمات الأخرى بتداخله الاجتماعي والاقتصادي مع محيطه اللبناني. وكان الطريق الدولي الذي يربط لبنان بسوريا يمر في وسط المخيم ما حوله إلى سوق تجاري مهم في المنطقة. كان أهل المنطقة من اللبنانيين يتوجه إلى المخيم لبيع إنتاجه الزراعي، وشراء السلع الرخيصة.

تقول المسؤولة الميدانية في لبنان الشمالي من قبل لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني لينا مكداشي : «إن نحو 30 % من القسم الأول من المخيم القديم سيكتمل بناؤه ويستلمه الاهالي آخر العام الحالي أي ما يعادل 423 منزلاً سكنياً ونحو 160 محلاً تجارياً. على ان يبدأ العمل في القسم الثاني أواخر شهر يونيو (حزيران) 2010 ويشمل بناء 666 وحدة سكنية».
وعن مشكلة التمويل تشير مكداشي إلى أن الأموال مؤمنة حتى القسم الثالث الذي يضم بناء 638 وحدة سكنية.

[**مقاربة منظمة التحرير*]

رئيس لجنة المتابعة العليا لإعادة إعمار مخيم نهر البارد مروان عبد العال يصف حياة اللاجئين في المخيم المذكور «بحياة الاضطرار». يضيف : «حياة الفلسطيني كلها معاناة، صبر، حياة ملف مؤجل، في انتظار ما سيأتي». «كنت أعتقد أن عودة بعض الأهالي إلى المخيم ستجعل هذه المشاعر تتلاشى، لكنها بقيت موجودة».

ويشير عبد العال إلى أن منظمة التحرير الفلسطينية تقوم بدفع الأقساط الجامعية لطلاب مخيم نهر البارد كجزء من تحمل المسؤولية إلى جانب عائلات البارد.

ويلاحظ عبد العال تخفيف بعض الإجراءات عند الحواجز، لكنه يعتقد أن الحاجة لتراخيص تأكيد على سياسة الإغلاق ما يعني أن وراء الحاجز عالم آخر.

«الأمن ليس حاجزاً ومخفراً بل هو الأمان الذي يشعر به الإنسان. وكل الاشكالات تحل ببطء، إنهم حولوا مخيم نهر البارد إلى حقل اختبار أمني وسلطوي».

[**الأوضاع الميدانية*]

إلى جانب الوصف العام لمشاكل إعادة بناء مخيم نهر البارد، هناك وضع ميداني يزداد صعوبة من الناحيتين الاجتماعية والنفسية.

تقول مسؤولة مراكز اتحاد المرأة الفلسطينية التربوية فايزة وناس : «بعد مأساة مخيم نهر البارد زاد وضع المرأة قسوة وعنفاً، وإذا كان صحيحاً أنها تتعلم وتعمل، لكنها تشعر أنها لا تزال محجوزة في إطار السلطة الذكورية». وعن مجالات العمل المتاحة رأت : «أن نسبة قليلة جداً من النساء تعمل في مؤسسات أهلية، لكنه عمل مؤقت، وفي قطاع التعليم الخاص». مشيرة إلى أن ما نسبته 2 % تعملن في الخياطة، وخصوصاً بعد توقف العمل الزراعي وتؤكد أن رواتب النساء تتراوح ما بين مئة ومئتي دولار أمريكي، وهي رواتب لا تسد حاجة العائلات المقيمة في المخيم.

من جهة أخرى تشير وناس إلى وجود 9 رياض أطفال في مخيم نهر البارد «وتضم هذه الرياض نحو 750 طفلاً، وهي لا تفي بالحاجة فما يزال مئات الأطفال خارج الرياض».

وحول الوضع النفسي للأطفال يقول الاختصاصي النفسي أحمد عواد : «منذ عام 2005 ومعظم حالات الأطفال متشابهة حتى مع تغيّر الظروف واختلافها، لأن الاضطراب النفسي لا يأتي فجأة بل بالتراكم بسبب البيئة والظروف المحيطة بهم». ويشير إلى حالات اضطراب على مستوى المدرسة «وذلك يؤدي إلى مشكلة تربوية وتراكم الاضطرابات المدرسية يؤدي إلى فشل مدرسي مزمن يؤدي إلى التسرب».

[**أطفال البارد*]

وعن أطفال البارد يقول عوّاد : «تعرضوا لصدمات حرب قوية استوجبت علاجات طويلة من خلال العمل مع مجموعات كبيرة، وخصوصاً أن معظمهم تعرّضوا إلى ثلاثة أيام قصف أدى ذلك إلى اصابتهم بحالة هلع وسببت لهم دوخة، لعيان نفس، زيادة دقات قلب، ضيق تنفس، انفعال، وجع بطن ورفض للطعام. مما يؤدي أحياناً إلى علاج فردي».

[**الشباب*]

تشكل الرياضة المتنفس الوحيد للشباب داخل مخيم نهر البارد إلا أن ممارستها تصطدم بتحديات لا يستطيع الشباب حلها.

عضو لجنة الرياضة في المخيم نهاد عبد العال يشير إلى تحدٍ أساس تواجهه الفرق الرياضية قائلاً : «لدينا في المخيم 17 فريقاً رياضياً يمارسون رياضة كرة القدم إلا أنه لا يوجد ملعب واحد للتدريب أو ممارسة اللعبة، فملعب المخيم مازال في عهدة الجيش اللبناني الذي يرفض حتى الآن الإنسحاب لأسباب أمنية. وبالتالي يضطر اللاعبون إلى ممارسة اللعبة في ملاعب صغيرة غير مناسبة.

[**بين تلة المنكوبين وجبل تربل*]

مخيم البداوي هو الثاني في شمال لبنان، يقع على مرتفع يطل على مدينة طرابلس، له مدخلان رئيسان : الجنوبي من جهة طرابلس القبة، والشمالي على طريق البداوي الجبل المطل على مدينة البداوي. يحيط به تلة المنكوبين وتلال جبل تربل، ويبعد عن وسط مدينة طرابلس 3 كيلومترات، ويرتفع حوالي 150 متراً عن سطح البحر.

[**لمحة تاريخية حول بناء المخيم*]

يقول عضو اللجنة الشعبية محمد خطار : «بني المخيم سنة 1953، ولكن الناس رفضوا السكن فيه خوفاً من التوطين ومن مشروع «كلاب الأمريكي»، ووصل الأمر بمجموعة من مخيم نهر البارد إلى احراق خيمها لأنها تريد العودة إلى فلسطين. وما دفع الناس إلى سكن المخيم هو فيضان نهر أبو علي الذي الحق ضرراً بمراكز تجمع الفلسطينين في منطقة خان العسكر».

ويضيف خطار : يتوزع سكان في المخيم على أربعة قطاعات سكنية وهي على النحو الأتي :

1- قطاع (أ) : ويشكل 30 % من سكان المخيم، أغلبية سكانه من قضاء صفد - شفاعمرو - نحف - صفورية - يافا - عرب حيفا - الغابسية - الجش - الصفصاف.

2- قطاع (ب) : ويشكل 20 % من سكان المخيم، أغلبية سكانه من قضاء صفد سحماتا - البروة - حيفا - الصفصاف - البوزية - جاحولا - الناعمة.

3- قطاع (ج) : ويشكل 30 % من سكان المخيم، اغلبية سكانه من قضاء حيفا - يافا - صفورية - قضاء صفد - البوزية.

4- قطاع (د) : ويشكل 20 % من المهجرين إلى المخيم. وإلى جانبهم يعيش أكثر من 870 عائلة نازحة من مخيم نهر البارد.

[**الواقع التربوي :*]

1) المرحلة الابتدائية، المتوسطة، الثانوية :

يوجد في مخيم البداوي 7 مدارس تديرها وتشرف عليها «الأنروا» وهي مدارس كوكب، البطوف، جنين، نهر الأردن، الرملة، المجدل والناصرة.

تستقبل مدرسة الناصرة وهي الثانوية الوحيدة الطلاب من مخيمي البداوي والبارد، ومن التجمعات الفلسطينية في الشمال، ويفوق عدد المنتسبين إلى المدارس 7000 طالب.

[**رياض الأطفال :*]

يوجد في مخيم البداوي ثماني رياض تابعة للمجتمع المحلي، وواحدة لمدرسة المجدل الفرنسية التابعة للأونروا، ويبلغ عدد الأطفال في هذه الرياض نحو 950 طفلاً وينظر إليها بصفتها رياض تتبع لفصائل فلسطينية مختلفة.

ويفتقر الكادر التعليم لبعض هذه الرياض إلى التدريب المختص «التربية المختصة»، وكذلك إلى وسائل الإيضاح والألعاب الداخلية والخارجية.

[**الواقع الصحي*]

الواقع الصحي في حالة سيئة جداً، والأمراض في ازدياد وأكثرها أمراض القلب والسرطان ...الخ، و«الأونروا» لا تسهم في تغطية إلا القليل كأدوية الضغط والمساهمة في بعض عمليات القلب المفتوح، وأيام معدودة لمرضى السرطان للعلاج الكيميائي.

ولوكالة «الأونروا» عيادة واحدة تستقبل أكثر من 200 مريضٍ يومياً وفي أوقات الدوام الرسمي.

يعتبر مستشفى الهلال الأحمر الفلسطيني (مستشفى صفد)، المستشفى الوحيد الذي يستطيع أن يصل إليه اللاجئ في المخيم بحالة الطوارئ، ولكنه غير قادر على استقبال الحالات المستعصية، والتي يلزمها مستشفى أحدث ومجهز للحالات الحرجة.

ويؤكد رئيس قسم المختبر في مستشفى صفد عامر عياش «الحاجة إلى أجهزة وتقنيات حديثة كي نستطيع أن نقدم خدمات صحية لائقة»، ويضيف : «في المستشفى 17 غرفة تتسع إلى نحو 35 سريراً وحجم المستشفى أصغر بكثير من الحاجة الفعلية في المخيم».

ويشير عياش إلى وجود 9 أطباء صحة عامة وجراح عدد اثنين وثلاثة اختصاصيين عظمية وثلاثة اختصاصيين نسائي واثنان للأنف، أذن، حنجرة وثلاثة اختصاصيين أطفال. ويضيف : «معظم العاملين في المستشفى من الفلسطينيين وتبلغ نسبة النساء نحو 35 % من عدد العاملين».

ويرى عياش أن المشكلة التي يواجهونها في عملهم «هي تدني أجورنا، مقارنة مع الأجور التي يتقاضاها نظراؤنا اللبنانيون في المستشفيات اللبنانية».

ولا يوجد سيارة إسعاف في عيادة «الأونروا» للحالات الطارئة التي تستدعي النقل السريع، ويقتصر الأمر على سيارة اسعاف مستشفى الهلال، كما تتطوع جمعية الكشافة والمرشدات الفلسطينية بنقل أي شخص عند الحاجة بالإسعاف التي منحتها إياها دولة الإمارات.

■ الكهرباء : يوجد في المخيم 6 محطات كهربائية تابعة لشركة قاديشا، لكنها غير كافية لحاجة المخيم، فالحكومة اللبنانية لا تراعي ازدياد السكان، فترى الكهرباء في انقطاع متواصل بسبب الضغط على الشبكة، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تلف الترنسات.

وتتدلى اشرطة الكهرباء أمام أبواب المنازل وفوقها بشكل خطير جداً، وفي كثير من الأحيان ما تشتعل أو تسقط في الشارع.

[**الواقع الاجتماعي والاقتصادي :*]

والقطاع الرئيس الذي يعمل فيه اللاجئون هو قطاع البناء، في حين تشكل الأموال المحولة من أبناء العائلات من الخارج مورد رزق للكثير منها.

وبعد أحداث نهر البارد شهد مخيم البداوي حركة تجارية واسعة لقيام تجار من نهر البارد بفتح مؤسسات تجارية في المخيم، ووفر ذلك فرص عمل للعديد من الفتيات اللاتي بدأن العمل كبائعات، لكن الرواتب لا تتجاوز مبلغ المئة دولار شهرياً.

[**العلاقات الاجتماعية :*]

شهد المخيم هجرة واسعة إلى الخارج مع بداية الثمانينات، وخصوصاً إلى اسكندنافيا، وألمانيا وسجلت تحويلاتهم المالية ركيزة اقتصادية أساسية للأهالي.

وقد أثّرت هذه الهجرة نحو الخارج بشكل أو بآخر على الواقع المعاش داخل المخيمات، لعل أبرز ما عاد به المسافرون ظاهرة «الفيزا» وهي الفتاة الحاملة للجنسية الأوروبية، والتي يتسابق الشباب لخطبتها كي يهربوا من واقعهم نحو الخارج، فكثيراً ما نسمع بطرق جديدة لطلب يد الفتاة، فهذا ولي أمر شاب يخاطب والد فتاة قائلاً : «بدنا نخطب هالبنت بلكي بتسفرلنا هالولد».

[**المرأة :*]

ويستفيد بعض النساء من قروض فردية تقدمها بعض المؤسسات للمساعدة في تطوير مشروع ما، فتقول مسؤولة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في المخيم زينب هنداوي : «نقدم قروضاً تتراوح ما بين 250 و500 دولار أمريكي لدعم مشاريع مثل فرن مناقيش، شراء آلة خياطة، محل سمانة وهذه القروض دوارة أي عند التسديد يتم إقراضها للآخرين».

وتشير هنداوي إلى أن «نسبة التسديد عالية جداً». وتضيف : «لا يقتصر عملنا على ذلك بل دربنا عدداً من النساء على تصنيع المونة وفتحنا محلاً لبيع المونة تعود أرباحه للمنتجات».

تصمت لحظة تبتسم وتزيد : «كذلك نعقد حلقات نقاش، وورش تدريبية لمناهضة العنف ضد النساء، وهذا سبب لنا مشاكل مع بعض الرجال».

[**الفلسطينيون في البقاع*]

يعيش في البقاع اللبناني نحو 20 ألف فلسطيني هم الأقل عدداً مقارنة مع المناطق اللبنانية الأخرى. يتوزعون على مختلف المناطق البقاعية، إلى جانب مخيم «ويفيل» الملاصق لمدينة بعلبك حيث يعيش نحو 6500 فلسطيني، يسكن نحو 200 شخص في المرج، و3500 شخص في بر الياس، 115 شخصاً في ثكنة غورو، و1600 في المناطق المحيطة بالمخيم، 4350 شخصاً في تعلبايا، وسعدنايل وجلالا، و1500 شخص في قب الياس، والقرعون وجب جنين، و1000 شخص في مدينة بعلبك، و1100 شخص في مدينة زحلة.

ولا تختلف ظروف معيشة أهالي مخيم «ويفيل» عن الفلسطينيين الذين يعيشون في القرى والبلدات الأخرى، إلا أن الوجود الفلسطيني في تلك الأنحاء شهد مصاهرة واسعة مع اللبنانيين لأن السكن متجاور وظروف العمل واحدة.

يدفع إلى القول أن هناك شبه اندماج للاجئين الفلسطينيين في البقاع الغربي والأوسط ضمن المجتمعات اللبنانية المحلية.

[**مخيم ويفيل (الجليل)*]

يقع مخيم ويفيل (الجليل) على بعد 90 كم إلى الشرق من بيروت في منطقة البقاع بالقرب من مدينة بعلبك. كان المخيم في الأصل ثكنة عسكرية فرنسية محاطة بسور يغطي مساحة 300 .42 متر مربع، وقد استقبلت هذه الثكنة اللاجئين منذ عام 1948 ثم بدأت «الأونروا» عام 1952 مسؤوليتها في تأمين الخدمات للاجئين في المخيم، وعلى الرغم من أن المخيم لم يتعرض إلى كثير من التدمير خلال الحروب اللبنانية لبعده عن مناطق الصراع الاساسية إلا أن الظروف المعيشية تبقى صعبة للغاية. ظروف الاقامة في المخيم غير صحية حيث تفتقر معظم البيوت إلى التهوية والضوء وهناك نسبة واضحة من التسرب من المدارس في هذا المخيم. ولبعد المخيم عن المدن الاساسية فإن معظم السكان يعملون في مجالات الزراعة والبناء ومحطات الوقود وسائقي سيارات الأجرة.

يقول الناشط الاجتماعي أبو ياسر فؤاد : «أن المشاكل التي تواجه الفلسطينيين في البقاع هي نفسها التي تواجه اللبنانيين، وأعني سوق العمل، ففي حي تزدهر الأعمال في فصل الصيف، إلا أن الطقس البارد والجاف الذي يجتاح المنطقة في الشتاء يدفع الناس للبقاء في منازلهم وصرف ما ادخروه خلال فصل الصيف».

وعن الأعمال التي يقوم بها الفلسطينيون يجيب فؤاد : «معظمهم يعمل في قطاعي الزراعة والبناء إلى جانب محطات الوقود، وقسم يعمل كسائق لسيارات الأجرة».

وعن مخيم ويفيل يشرح قائلاً : «احصاءات وكالة الأونروا تشير إلى وجود نحو 6500 شخص في المخيم، لكن المقيمين لا يتجاوزون 4500 شخص، إذ شهد المخيم هجرة واسعة إلى بلدان أوروبا الشمالية، استراليا والقليل إلى الولايات المتحدة. وهناك هجرة مؤقتة إلى عدد من بلدان الخليج العربي».

[**الوضع التعليمي*]

توجد في منطقة بعلبك مدرستان تابعتان للأونروا، الأولى ابتدائية (طبريا) وتضم 4330 طالباً، والثانية متوسطة وثانوية (القسطل) وتضم نحو 900 طالب. في حين أن هناك مدرسة ابتدائية في سعدنايل (جفنا) وتضم 375 طالباً وثانوية (الجرمق) 425 طالباً. أما في بر الياس فتوجد ابتدائية متوسطة وتضم 550 طالباً.

تقول المدرّسة نجوى جمعة : إن مستوى التدريس في مدارس «الأونروا» مقبول لكن المدارس بحاجة إلى تجهيزات ووسائل إيضاح وتأهيل مستمر للأساتذة. ويواجه الطلاب مشكلة تتمثل بكلف الإنتقال من أماكن السكن إلى المؤسسات التعليمية.

[**الوضع الصحي*]

تشهد عيادة الأونروا في مخيم ويفيل ازدحاماً كبيراً إذ يفوق عدد المرضى عن المئة مريض يومياً، في حين تعمل عيادتي برالياس وسعدنايل 3 أيام اسبوعياً، ويلاحظ غياب أنواع كثيرة من الأدوية المطلوبة وخصوصاً أدوية الأمراض المزمنة.

وفي بر الياس بنى الهلال الأحمر الفلسطيني مستشفى سمي بمستشفى الناصر وهو ذو مستوى مقبول، وخصوصاً بعد التحسينات الإدارية الأخيرة ويقدم خدماته للفلسطينيين واللبنانيين على السواء.

وتوجد في وسط الأطفال نسبة عالية من المصابين بأمراض ناتجة عن سوء التغذية وغياب الوعي الصحي عند الأهالي وخصوصاً في منطقة بعلبك.

يلعب الوضع الاجتماعي المتردي دوراً اساسياً في تردي العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة، ويدفع الرجال إلى ممارسة العنف بجميع أنواعه ضد النساء والأطفال في ظل غياب أية سياسة لمعالجة الموضوع من خلال معالجة الأسباب وليس النتائج.

ويعيد فؤاد أسباب ذلك «لغياب أية خطة لدى التنظيمات التي تعتبر نفسها معنية، من خلال إيجاد فرص عمل للعاطلين عن العمل واقامة مؤسسات إنتاجية بدلاً من التلهي بأمور لا تغني الناس عن جوع».

يبدو أن مشكلات اللاجئين الفلسطينيين في البقاع هي نفسها مشكلات المواطنين اللبنانيين بالاضافة إلى ذلك فإن معظم أعمالهم تتم خارج القانون وامتلاكهم للبيوت يبقى في مهب الريح لأن القوانين لا تسمح لهم بالعمل ولا بامتلاك بيوت للسكن.

- *المصدر : صحيفة «الخليج» الاماراتية


titre documents joints

مأساة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان (1)

21 آب (أغسطس) 2010
info document : HTML
79.8 كيلوبايت


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2182684

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع ريبورتاج   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2182684 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 38


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40