الأحد 19 أيلول (سبتمبر) 2010

يصعب ان نصدق نتنياهو

الأحد 19 أيلول (سبتمبر) 2010

أتت استطلاعات الرأي الأخيرة وبينت أن الوضع افضل كثيراً مما يبدو. في ظاهر الأمر، الشعور العام منذ أكثر من سنة ونصف السنة منذ بدأت هذه الحكومة ولايتها هو أن شبه التعادل المعروف جداً بين اليسار واليمين، أخل به اخلالاً كبيراً، وأنه لم يعد يوجد يسار وأن ما بقي منه شظايا دقيقة هشة تتعرض لخطر الفناء أيضاً.

في مقابل ذلك عظم اليمين، بل اليمين المتطرف لأبعاد مخيفة (وذلك متعلق بطبيعة الأمر بعين الناظر)، ولما كان الأمر كذلك فلا احتمال لأي محادثات سلمية في أي شيء. بل إنه لا يوجد لرئيس الحكومة أقلية فضلاً عن أكثرية، إجراء تفاوض في مليمتر واحد في الضفة، والإستمرار على التجميد في أدنى حد، أو أن يحلم حتى بتقسيم البلاد في دولتين للشعبين. إلى أن أتى لقاء القمة في واشنطن، وأحضر في جناحيه، سوى اللقاءات المتقاربة بين نتنياهو وأبي مازن، شيئاً من استطلاعات الرأي في الصحف ايضاً. من المفهوم ان استطلاعات الرأي أيضاً يقرؤها كل واحد بحسب أهوائه، ويستطيع كل طرف في الخريطة السياسية أن يجد فيها تعزيزا لموقفه، وهذا يعني أن التعادل ما زال قائماً برغم أن كفة الميزان تميل الى اليمين.

ومع ذلك كله، وقبل أن يبدأ كل شيء، تم نسج حملة ما أساسية جداً، وما زال 51 في المائة فقط من الجمهور يعتقدون أنه ينبغي تجديد البناء في المستوطنات على الفور. يؤيد 40 في المائة الاستمرار على التجميد، على حسب استطلاع للرأي قامت به مينا تسيمح لصحيفة «يديعوت احرونوت» في الأسبوع الماضي. بحسب ذلك الإستطلاع يعتقد 32 في المائة أنه ينبغي الغاء تجميد البناء الغاء كاملاً وعدم المضي الى أي مصالحة. ويؤيد 42 في المائة التجميد الجزئي. وفي استطلاع آخر للرأي أجراه معهد تلسكر لصحيفة «معاريف» اعتقد 38.6 في المائة «فقط» أنه ينبغي الاستمرار على البناء في كل مكان في المناطق، بأزاء 56 في المائة اعتقدوا أنه ينبغي البناء فقط في الكتل الاستيطانية او عدم البناء أصلاً.

ماذا يعني كل هذا لنا؟ أنه يوجد في البلاد في الأساس أكثرية غير ضئيلة من ناس الوسط المعتدلين الذين لا يؤيدون تجديد البناء على اتساعه، لكنهم لا يؤيدون تجميده المطلق أيضاً. هذا هو اليسار الجديد اليوم، بقدر كبير. لقد تحرك يميناً في الحقيقة لكنه لم يقبل خلاصية اليمين المتطرف، ولا عسكريته وعدم استعداده لأن يتخلى عن شيء ما. يدرك هذا الجمهور أنه من أجل احراز تسوية ما سيكون من الواجب علينا أن نتخلى عن مناطق وعن مستوطنات خارج الكتل الاستيطانية الكبيرة. وهو لا يؤمن بأن هذا سيتحقق لأنه لا يصدق أن يقطع نتنياهو وأبو مازن المسافة الداخلية المطلوبة لمحاولة إنهاء الصراع الدامي. لكن إذا وقعت المعجزة حقاً فعند نتنياهو من يخطو معه الى الامام. عنده جمهور لا يستخف به من المواطنين الذين سيدعمونه بمتابعة الطريق اذا اختار حقاً السير في ذلك الطريق. ليس هذا واضحاً البتة الآن. يصعب أن نرى حدوث هذا. ويصعب أن نصدق أنه صمم على تغيير مسار دولة «اسرائيل» ومصيرها، وأن يصبح زعيماً لا يتضعضع للشعب الظامىء الى الزعامة كالهواء للتنفس. قد يكون أحد أسباب ذلك أنه لا يؤمن بوجود من يسير معه. ويظن أنه إذا فعل ذلك فسينتقض ائتلافه ويسقطه المستوطنون كما حدث في ولايته السابقة.

بيد أن التاريخ لا يكرر نفسه تكراراً دقيقاً. حتى لو مضى في إجراء حاسم فسيكون له ائتلاف. ربما يكون مختلفاً شيئاً ما لكنه سيظل قوياً. سيبذل المستوطنون حقاً كل ما يستطيعون، وعندهم القدرة لإجراء ذلك النضال العنيد بل القاسي. لكن ليس من المحقق ان ينجح هذا هذه المرة. إذا مضى نتنياهو الى استفتاء الشعب في التسوية الشاملة كما وعد فسيحظى بأكثرية. لكن يجب عليه كي يحدث هذا، قبل كل شيء أن يتخذ قراراً مصمماً على أن ينقذ دولة «اسرائيل» من نفسها ومن متطرفيها، وأن يقنع أيضاً بأن نياته حقيقية. يوجد ها هنا برغم كل شيء شوق عميق الى السلام حتى لو كان مصحوباً الآن بعدم الإيمان بأن هذا يمكن أن يحدث.

- [**ياعيل باز ـ ملماد | «معاريف» | 19 ايلول (سبتمبر) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2182651

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2182651 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40