الجمعة 1 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

هدية اوباما لـ «إسرائيل»

الجمعة 1 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

في اثناء العيد كان نتنياهو منشغلا بعدِّ الاصابع. كم من الوزراء سيصوتون في جلسة المجلس الوزاري؟ كم من الوزراء سيصوتون في الحكومة بكامل هيئتها؟ اذا اقترح الاعلان عن التجميد لشهرين آخرين فان معظم الوزراء سيصوتون ضده. وزراء ليبرمان سيصوتون ضده وكذا ايضا وزراء «شاس» ومعظم وزراء «الليكود». الاقتراح سيسقط وبعده ستسقط الحكومة.

وكما قالت الشاعرة، كل شيء بسبب عدد صغير، كل شيء بسبب العدد.

شيء مشابه حصل لنتنياهو بعد اتفاق واي، قبل 12 سنة. الاحتفال في البيت الابيض انطلق. الرئيس كلينتون أثنى وعانق. ولكن اليمين في البلاد شرع في خطوات ادت في نهاية المطاف الى سقوط الحكومة. نتنياهو عاد ليذكر الصدمة اياها في أحاديث اجراها مع رجاله هذا الاسبوع. من اكتوى بالماء المغلي يحذر حتى من الماء الفاتر.

ما يوجد في هذه اللحظة على الكفة ليس أمن الدولة، ولا حتى وحدة البلاد. مسألة التجميد أصبحت رمزية، وللرموز توجد احيانا قوة أكبر من قوتها في الواقع. الرئيس اوباما يرى في التجميد اختبارا أعلى لاستعداد نتنياهو قبول حل الدولتين. كما أنه اختبار أعلى لمصداقيته هو: فبعد أن دعا «اسرائيل» في الخطاب في الجمعية العمومية لمواصلة التجميد، فان الرفض «الاسرائيلي» يحقره ويحقر ادارته. وهذا حصل، لشدة الحرج، قبل شهر واحد من الانتخابات في أمريكا.

ابو مازن والحكام العرب المؤيدون له يرون في التجميد اختبارا أعلى لتأثير ادارة اوباما. اذا كانت الادارة غير قادرة على ان تفرض على «اسرائيل» تجميدا لشهرين، فلن تكون قادرة على ان تفرض عليها رأيها في سياق المفاوضات. وهم غير معنيين بتسويات سرية عن كبح الجماح. هم يطلبون قرارا صريحا، علنيا، من حكومة «اسرائيل». نتنياهو يرى في التجميد اختبارا أعلى لمصداقيته هو. اذا ما استسلم الان، فسيفقد القدرة على ان يقول لا في سياق الطريق. الفلسطينيون سيتطرفون. الامريكيون سيعودون للضغط. والاهم، سيفقد كل حبال النجاة السياسية لديه حتى قبل أن يبدأ بالمفاوضات. لن يكون له حزب. لن تكون له حكومة. الرزمة التي يعرضها اوباما جميلة جدا ولكنها لا تساوي هذا.

ثمة قدر من انعدام النزاهة في أن المسؤولية عن تفجير المفاوضات موضوعة الان على كتفي نتنياهو. فليس هو الذي اعاق المحادثات حتى اللحظة الاخيرة. ليس هو الذي بادر الى البناء في المستوطنات. وهو يعاقب بسبب اخطاء ادارة امريكية لا تميز احيانا بين التافه والاساسي، وبسبب اخطاء حكومات سابقة.

ولكن هذا هو الواقع ومعه يتعين على نتنياهو ان يتصدى. وهو لا يمكنه أن يواصل الاغلاق على نفسه في بيته في قيسارية. هو رئيس وزراء، وهو يفترض به أن يقدم الحل.

يحتمل أن يكون الحل اقل ايلاما مما يبدو. إذ لا يدور الحديث عن مشكلة وجودية لدولة «اسرائيل». المشكلة هي في مجال التسويق: ايجاد هدية جميلة، غالية، تدفع وزراء حكومة «اسرائيل» الى تغيير وجهة تصويتهم، ولا تخرج نتنياهو إمعة.

التحدي غير بسيط : وزراء «اسرائيل» مدللون. وعلى الرغم من ذلك، فهو ليس متعذرا. انه يطالب الادارة الامريكية بالابداعية، وهي الميزة التي لم تتميز بها حتى الان؛ وهو يطالب نتنياهو بالزعامة.

أي هدية ستقوم بالعمل أنا لا اعرف، ولكن الخطاب أعرفه من رؤساء وزراء سابقين. «سادتي»، سيقول نتنياهو للوزراء بنبرة عميقة ومنغمة. «ما يبدي الامريكيون الاستعداد لاعطائه لنا الان هو انجاز غير مسبوق في تاريخ «اسرائيل». فهو يغير وجه «الشرق الاوسط». انا اشكر الرئيس اوباما. فهو صديق حقيقي. انا اشكركم لوقوفكم خلفي على مدى مفاوضات مركبة جدا وناجحة جدا. اشكر على نحو خاص الوزير بيني بيغن، الذي كان في سر الاتصالات على طول الطريق. هذا الصباح زرت الحاخام عوفاديا يوسيف وقد منحني بركته. والان سنتوجه الى التصويت».

ليبرمان سيبتسم سخرية. فليبتسم. سيقول نتنياهو لنفسه. في النهاية «الاسرائيليون» ايضا سيفهمون ما فهمه العالم منذ زمن بعيد: انه مهرج.

في ملحق العيد لـ «يديعوت احرونوت» كان يمكن لنتنياهو ان يقرأ مذكرات آريه درعي من جلسة حكومة عقدت في عهد رابين. رابين قاد الاقتراح في صالح عملية في لبنان. درعي نظم تمردا. كان معه 11 وزيراً، بمن في ذلك شمعون بيريس. اما لرابين فلم يكن سوى عشرة. في التصويت غيّر بيريس رأيه وصوّت مع رابين. بعد ذلك مرر بطاقة لدرعي : «صديقي الشاب، تعلم القاعدة أبدا لا يصوت المرء ضد رئيس الوزراء».

اذا كان نتنياهو مقتنعاً بأن من الحيوي لدولة «اسرائيل» ان تبني علاقات ثقة مع اوباما، اذا كان مقتنعا بأن هذا هو الفعل السليم بالنسبة له ايضا، فانه سيجد السبيل لتغيير تصويت معظم الوزراء. كله موضوع يتعلق بالزعامة.

- **«يديعوت»



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2182311

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2182311 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40