الأحد 17 تشرين الأول (أكتوبر) 2010
روبرت فيسك عن «إحتلال البيت الابيض» والمحكمة الدولية و«العملية السلمية» :

عبّاس يفاوض على عُشـْر فلسـطين الانتدابية ..اخشى وقوع حرب اخرى بين «إسرائيل» و«حزب الله» في 2011

الأحد 17 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

عندما وصل الأميركيون إلى بغداد لم يكن معروفاً إذا كانت دباباتهم ستتجه يميناً إلى طهران أم شمالاً إلى دمشق، انه الجنون. لقد تغير وجه العالم إلى الأبد بعد الحادي عشر من أيلول. مُزقت قوانين وأعراف وخرقت قواعد حقوق الإنسان وحقوق الشعوب.. ان من سطا على البيت الابيض، قرر أن يسطو على العالم بأسره. ولم يكن أسامة بن لادن بعيداً عن محاولة تغيير العالم، بعمل دراماتيكي بشع... وبعد ذلك بسنوات، صار العالم أكثر خراباً وغموضاً، وفلسطين استعادت ضياعها، وما كان يجد لنفسه تبريراً، صار مشاعاً وعارياً..

[**

اضغط على الصورة لمشاهدة الحوار (فيديو)

*]

هذا مناخ اللقاء الذي جرى بين روبرت فيسك في برنامج «آخر الكلام» على قناة «أون. تي. في» والذي قدمه يـسري فوده. وقد اقتطفنا منه فقرات، تشكل شاهداً على حقبة، ورائياً لحالة، ومعايشاً لمشاكل.

[**

يسري فوده

*] يقول في جواب عن سؤال : «هل كان بوش والمحافظون الجدد في حاجة إلى الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) لغزو العراق؟» :

- عليك أن تتذكر أنه عندما وصل الأميركيون إلى بغداد لم نكن نعلم في أي اتجاه ستنحرف الدبابات : يميناً إلى طهران أم شمالاً إلى دمشق. لقد امتلأت الأجواء بالأوهام المجنونة. ربما تحول واقعهم على أية حال إلى وهم قبل غزوهم العراق؛ فلو لم يرتجف العالم أولا في الحادي عشر من سبتمبر لكان الأمر أصعب من حيث إقناع العالم بأن ثمة شيئاً طيباً ـ ولم يكن ثمة شيء طيب ـ وراء غزو العراق. ليس السؤال ما إذا كانوا يفتشون عن ذريعة لغزو العراق؛ فالإجابة هي نعم، كانوا لفترة طويلة يفتشون، وأولئك المحافظون الجدد الذين نصحوا بوش بغزو العراق كانوا قبل ذلك لشهور ولسنوات طويلة ينصحون نتنياهو بشأن إيران والعراق وبضرورة التخلص من العراق. لكن، من وجهة نظري، كانت اللحظة الحاسمة عندما قال بوش وتبِعَهُ بلير، رئيس وزرائنا العزيز أيامَها، إن ذلك غيّر وجهَ العالمِ للأبد. كنت على طائرة متوجهاً إلى أميركا يوم الحادي عشر من سبتمبر عندما استدارت عائدةً بعد إغلاق المجال الجوي. تحدثت مع أحد أفراد طاقمها واتصلت بلندن بالهاتف الفضائي لأنني كنت أعلم تماماً ما يحدث. قلت لهم إنه إذا قال بوش وبلير إن ذلك غيّر وجه العالم للأبد فسيستغلان ذلك لتمزيق كل القوانين والقواعد الخاصة بحقوق الإنسان التي استحدثناها في الغرب منذ الحرب العالمية الثانية، بما في ذلك الأممُ المتحدة ومجلس الأمن والصليب الأحمر ومعاهدة جنيف لعام تسعةٍ وأربعين التي تأسست على معاهدة لاهاي لعام تسعة. وهذا بعينه ما فعله بوش وبلير : مزقا القواعد وانتهت بنا الحال إلى التعذيب والسجون السرية والقتل والاغتصاب. هذه المرة ارتكبناها نحن، لم يرتكبْها صدام. وقد التقطت الصحافة تلك العبارة : «لقد تغير وجه العالم»، ولهذا فإنني أقول دائماً في محاضراتي في الولايات المتحدة : «مهلاً، مهلاً، إن عالمي أنا لم يتغير؛ فأنا ما زلت متمسكاً بالقانون الدولي وبحماية حقوق الإنسان»، ولا بديل أمامك عن الإيمان بذلك لأنك إذا اتبعت مبدأ بوش والمحافظين الجدد وبلير فلن تكون لديك حماية. لقد كانت تلك هي اللحظة الحاسمة التي تعرض العالم لديها للخطر على أيدي نظام بوش، لا بسبب أكاذيب العراق.

[**أميركا فقدت روحها؟*]

[**■ وهل تعتقد أن أميركا فقدت روحها نتيجةً لذلك؟*]

[**

روبرت فيسك

*] - أنت تنظر إلى هذا من وجهة نظر عربية جداً. ستجد كثيراً ممن حاربوا في فيتنام يقولون لك إنهم فقدوا إحساسهم بالروح، كما ستجد من يقول إن الفرنسيين فقدوا قلوبهم عندما حاربوا الثوار الجزائريين الذين انتصروا وحرروا بلادهم. الدول تفقد أرواحها من حين لآخر ثم تستردها مرةً أخرى. المشكلة في أميركا ـ وأنا أزورها كثيراً لإلقاء محاضرات يأتي أثناءها ضباط من الجيش الأميركي للاستماع إليّ في الجامعات والكنائس في مختلف الولايات ـ المشكلة أنك تجد قطاعاً براقاً من المثقفين داخل بعض من أكثر الجامعات ثراءً وأكثرها بريقاً بأقسامها المتخصصة في الشؤون الإسلامية والدراسات العبرية ودراسات «الشرق الأوسط»، وفي الوقت نفسه يوجد انفصال تام بين هذا القطاع وقطاع المؤدلجين من الجناح اليميني المسيطر على مراكز البحث التي تحاصر البيت الأبيض وتنتج هذه السياسة. يمكنني أن أستمع إلى محاضرة جيدة عن تاريخ الإسلام في جامعة هارفارد، لكنني حين أذهب إلى وزارة الخارجية أجد متحدثاً رسمياً يتكلم لغة لا ترقى حتى إلى مستوى الصبيانية. معظم البيانات التي صدرت عن السيدة هيلاري كلينتون، وعن كولين باول وعن بوش أحياناً وحتى عن أوباما، معظمهما صبيانية. لا توجد لديهم فكرة عن حقيقة «الشرق الأوسط».

■ فوده : أود أن أتحدث معك عن الكثير؛ عن عملية السلام في «الشرق الأوسط» التي يؤمل أن ...

- فيسك : من اخترع كلمة «عملية السلام»؟ سايروس فانس؟ أعتقد أنه اخترعها عام سبعةٍ وسبعين. أين هي هذه العملية؟

[**حرب بلا سلام لمئة عام*]

- (الشرق الأوسط) قطعة مأسوية ضخمة من التاريخ، وإنه لشرفٌ مروِّع أن تكون شاهداً عليه، على التاريخ الذي يمتد إلى الوراء حتى الحرب العالمية الأولى التي حارب فيها والدي معركة «سوم» الثالثة. واليوم أكتشف بينما يمتد بي العمر، وأنا أشهد الأحداث أن الأمر كأنما تقرأ رواية عظيمة لتولستوي، «الحرب والسلام». كأنما تقرأ كتاباً في وقت متأخر من الليل وتتطلع إلى الساعة عندما يقترب منتصف الليل فتقول في نفسك: «سأنتهي من هذا الفصل»، ثم تجد نفسك وقد قرأت فصلاً آخر ثم فجأة تلمح نور الفجر من بين الستائر، وذلك كله لأنك شغوف بمعرفة ما سيحدث بعد قليل. أسرني المستقبل التاريخي بالسؤال عما سيحدث غداً؛ لأنه سيكون أسوأ؛ فأنا من أشد المتشائمين في ما يتعلق بـ «الشرق الأوسط». حتى عندما استخدمتَ أنت كلمة «عملية الشرق الأوسط» ارتعدتُ فليس هناك عملية سلام. لا توجد عملية سلام على الإطلاق. بلير لا فائدة منه وأوباما لن يأتي بالسلام إلى «الشرق الأوسط». إن هذا وهم، ما يسـمى محادثات السلام في واشنطن وهي ليست إلا لمساعدة أوباما في الانتخابات النصفية، ولا علاقة لها بسلام «الشرق الأوسط». ما النتيجة؟ النتيجة، سنلتقي مرة أخرى بعد أسبوعين وبعد شهر. آه، عظيم! رائع! والحقيقة ألا نيةَ لدى «إسرائيل» في اعتقادي للسماح بدولة فلسطينية. لن يبقـى سوى حل الدولة الواحدة؛ سيكون اسمها «إسرائيل» يكون الفلسطينيون فيها عمالاً مستوردين يبنون المزيد من المنازل. المنطقة «ج» لا تزال كلها تحت الاحتلال، وهي تمثل وفقاً لـ «اتفاق أوسلو» ستين بالمئة مما بقي من فلسطين الذي هو نفسه لا يتعدى اثنين وعشرين بالمئة. وعـندما يطالب محمود عبّاس بإقامة دولة فإنه يفترض ضياع المنطــقة «ج» على أية حال؛ فأي فلسطيني لا يستـطيع حتى أن يمد سلكاً كهربياً في الأرض، لا يستطيع أن يحفر أعمق من ثلاث بوصات، لا يستطـيع أن يبني طابقاً إضافياً في منزله في تلك المنطقة. وبالنظر إلى هذه الحقيقة، فإن عبّاس في الواقع يتفاوض الآن على مساحة لا تتعدى، وفق حساباتي، عشرة وتسعة أعشار بالمئة من فلسطين الانتدابية. لن يجدي هذا، ومن الواضح ـ من الطريقة التي المهينة التي عامل «الإسرائيليون» بها أوباما والطريقة المهينة التي استجاب بها أوباما لضغـوطهم ـ أن الأميركيين لن يقدموا سلاماً عادلاً «للشرق الأوسط». ولا يتعلق هذا بالديموقراطية أو بحقوق الإنسان، رغم أن العرب في حاجة إلى بعضها من على أرفف ما لدينا من سوبر ماركت، وإنما يتعلق بالعدالة وبالظلم. سنبقى نحن الغرب نعاملكم أنتم العرب بطريقة ظالمة ولا نعبأ برفع الظلم. سنمنحكم الكثير من الأفكار الهلامية عن أننا سنأتي لكم بالديمقراطية عادةً على ظهور الخيل والدبابات وطائرات الأباتشي والسيوف؛ فهذه دائماً طريقتنا في إنقاذكم ممن يقهرونكم بالطبع، لكن لا شأن لنا بالظلم، ومن ثم لا توجد عملية سلام، يؤسفني أن أقول (...)

[**حرب أخرى بعد عام؟*]

أخشى جداً أن حرباً أخرى ستقع بين «الإسرائيليين» و«حزب الله» ربما في العام القادم. يقلقني هذا، لا لمجرد أنني سأكون هناك، بل لأنني لا أريد حرباً أخرى مثلما لا يريدها الفلسطينيون ولا حتى «الإسرائيليون». ولب المسألة هو أنه ما دامت القوة العظمى الوحيدة في العالم تدعم «إسرائيل» بصورة غير مشروطة، سواءٌ أخطأت أو أصابت، تدعمها بمليارات الدولارات اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وعسكرياً، فلن يكون هناك حل بالطبع. ذلك أنه ما دامت «إسرائيل» جزءاً من قوة عظمى ستبقى عاجزة عن السلام وسيبقى العرب كذلك ولن تكون هناك دولة فلسطينية. تلك العبارة التي تقول : «دولة فلسطينية محتملة ودولة «إسرائيلية» آمنة» ينبغي أن تكون «دولتان محتملتان آمنتان لفلسطين و«إسرائيل»»، لكنني لا أعتقد أننا سنرى دولة اسمها «فلسطين»، ولهذا أنا أضعها دائماً بين قوسين في مقالاتي. حين تصبح دولة سأرفع القوسين. إننا نتحدث طول الوقت عن ضرورة إحضار الديموقراطية إلى «الشرق الأوسط»، عن الفلسطينيين المساكين، عن نقاط التفتيش. آه، عظيم! إن لم نفعل شيئاً حيالها فلن يتحسن الوضع. وأحد الأسباب وراء اعتراضي على محادثات عملية السلام اللانهائية تلك، هو أننا نمنح الناس آمالاً وهمية، والآمال الوهمية تؤدي إلى حروب وقلاقل. علينا أن نواجه القضايا الحقيقية، وأحد أبرزها هو أن السياسة الخارجية الأميركية تقودها «إسرائيل»، لا العكس، يؤسفني أن أقول، والعرب لا يملكون جماعة ضغط في أميركا، فاللوبي العربي بما هو عليه الآن يثير الشفقة، حقاً يثير الشفقة، بينما علينا الاعتراف بأن مؤيدي «إسرائيل» يعملون جاهدين من أجل السيطرة على الرواية السياسية في الولايات المتحدة.

[**■ هل سيحدث زلزال في «إسرائيل»؟*]

- كتبت مقالة بعد حضوري مؤتمراً في «هيرتزيليا» شارك فيه بعض أقطاب اليمين «الإسرائيلي». كان من المشاركين تزيفي ليفني ونتنياهو ونائب رئيس الأركان، بيني غانتز. وقد وجدت أن ما كانوا يتحدثون عنه كان يدخل في دائرة الوهم الذاتي. سأعطيك مثالاً نمطياً : إنهم الآن يتحدثون عن حرب ثالثة مع لبنان. وهذه مشكلة في حد ذاتها؛ فقد كانت لدينا حروبٌ في ثمانية وسبعين واثنين وثمانين وثلاثة وتسعين وستة وتسعين وألفين وستة، وقد غطيتها جميعاً بنفسي، لكنهم مسحوا بعضها، مسحوا حروب ثمانية وسبعين وثلاثة وتسعين وستة وتسعين. والآن يتساءلون عن حرب ثالثة مع لبنان وما يقصدونه هو حرب سادسة. ولأن تلك الحروب كانت مؤلمة لهم فهم لم ينتصروا فيها ـ ربما لم ينهزموا لكنهم أيضاً لم ينتصروا؛ بل إنهم بين كل مغامرة عسكرية وأخرى كانوا يعودون في النهاية بكارثة ... المعنى هو أنك إن كنت تعمد إلى طمس ما فعلتْه بلادُك بـ «الشرق الأوسط» فلن تتوصل إلى نتائج جادة بشأن الطريق إلى السلام. إنه خداع الذات، ولهذا قلت إن «إسرائيل» نفسها هي عدو «إسرائيل».

[**■ فوده : تخشى إذاً أن حرباً ستقع ...*]

- أخشى حرباً تقع : أولاً لأن اللبنانيين يتوقعونها، وثانياً لأنني حين كنت في «إسرائيل» قبل ثلاثة أشهر عبر لي كثير من «الإسرائيليين» عن اعتقادهم وقوع حرب في العام القادم مع «حزب الله»، وحين يجمع طرفان على احتمال وقوع حرب فإن الحرب غالباً تقع. ووراء ذلك ترى أن الجيش «الإسرائيلي» يريد إثبات أنه قادر على سحق الجيوش العربية والميليشيا العربية؛ فما زال «الإسرائيليون» يعتقدون أنهم تعرضوا للذل على أيدي «حزب الله» عام ألفين وستة، وهم على صواب في اعتقادهم. يريدون اعتلاءهم مرة أخرى لكنهم لن ينجحوا لأن أمن «حزب الله» في منتهى الكفاءة وكذلك عملياته العسكرية، لسوء حظ «الإسرائيليين».

هذه المرة لو وقعت الحرب فإن لدينا ألوية عسكرية للناتو في منطقة الحدود. لا أقول إن حرباً ستقع بالضرورة، بل أخشى وقوعها لأن «الإسرائيليين» و«حزب الله» يتحدثون عنها. لديهم أسلحة جديدة يريدون اختبارها، والإيرانيون كانوا أيضاً يريدون اختبار صواريخ أرض ـ أرض في ألفين وستة، وهي الصواريخ التي أصابت السفينة الحربية «الإسرائيلية» قرب شواطئ بيروت وكادت تغرقها وظلت مشتعلة لخمس وعشرين ساعة.

[**المحكمة.. بلا نتيجة!*]

- أما عن لبنان وما انتهت إليه مشاكله الأخيرة فيقول فيسك : منذ وقت طويل توصلت إلى استنتاج أن محكمة الأمم المتحدة بشأن اغتيال الحريري لن تتوصل إلى استنتاج. لقد مر أكثر من خمس سنوات منذ اغتياله في الرابع عشر من فبراير عام ألفين وخمسة، ولا بد من أن هذه أطول فترة تحقيق في التاريخ، وخلال هذه الفترة اختلطت السياسة بالتاريخ في «الشرق الأوسط»؛ فسوريا التي من المفترض أنها كانت جزءاً من محور الشر مع إيران وكوريا الشمالية صار رئيسها، بشار الأسد، يُدعى إلى احتفالات الباستيل وعاد الدبلوماسيون الأميركيون إلى زيارة دمشق. ومن ثم لم يعد من المناسب سياسياً القول إن السوريين قتلوا الحريري. الأمر ليس مباراة كرة قدم لكنك تشعر بأنه كذلك أحياناً، بطريقة دموية جداً، ثم يدخل إلى الصورة زعم جديد : «آه، «حزب الله» وراء الاغتيال»، وأنا لا أعتقد ذلك؛ لأن «حزب الله» أذكى كثيراً من أن يتورط في جريمة قتل مفضوحة كتلك. أذكر أنه عندما قُتل الرئيس معوض كنت في مسرح الجريمة في ثوانٍ معدودة حيث كان يقف حراسه. سألت صديقاً : «محمد، من قتله؟» فقال : «لبنان قتله». دعنا نتأمل إذاً : هل كان لدى سوريا أو الإيرانيين أو «حزب الله» سبب لقتل الحريري؟ لقد كان لديه منافسون في مجال التجارة والأعمال كثـيرون. ثم يأتينا زعم آخر من إيران أنه كانت لديه صفقات تجارية مع إياد علاوي، وأنه كان التقى علاوي ذلك الصباح وأن صفقة أسلحة قد فشلت، إلى آخره. والحقيقة أن علاقات الحريري المتشعبة تسمح لك بأن تتخيل أن أي أحد يمكن أن يكون عدواً، وهذا ما يريد لنا قتَلَتُه أن نعتقد. لقد قتله أحد ما، والقنبلة كانت حقيقية، لكن للأسف كل ما تستطيع قوله هو اننا لم نحل لغز أي من الاغتيالات السياسية التي شهدها لبنان منذ نشأته عام ستة وأربعين، وأن أحداً لم يُقبض عليه ولا قُدّم أحد للعدالة في أي اغتيال سياسي أبداً، ولن يحدث.

[**الديموقراطية.. أبعد من طريق المطار*]

- وعن مصر وإفلاسها يقول : لو نظرت إلى المعونة التي تحصل عليها مصر من الولايات المتحدة وقلقها من أنها لو توقفت ستنضب منابع الاستثمار الأخرى، فالاستثمار في مصر مرتبط باستمرار الدعم الأميركي لمصر. ولو امتنعت أميركا فإن المستثمرين من دول أخرى سيتساءلون عن جدوى افتتاح فروع لهم في القاهرة. إن النظام الإداري كله في مصر متحنط، لكن الغرب يحتاج إلى مصر كوسيط للسلام مع الفلسطينيين، وهو دور ربما تنتزعه تركيا كما يخشى كثير من المصريين. إن لديك موقفاً يبدو البلد فيه وكأن لا مستقبل له. نعم تستطيع الاعتماد على السياحة فالغربيون يأتون لرؤية الأهرامات والأقصر، لكن الحقيقة أنك لا تستطيع بناء مستقبل أمة على ما فعله الفراعنة قبل ثلاثة آلاف عام. عليك أن تبنيه على فكرة تتعلق بما سيكون عليه هذا البلد في المستقبل. ما يحزنني في مصر ـ مثلما يحزنني في كل الدول العربية حين تمسك ببكرة الخيط ـ هو السؤال : أين تبدأ المشكلة؟ والمشكلة أن مصر بلد آخر يحصل على معونة أميركية للحفاظ على سياسة أميركية في «الشرق الأوسط»، وهو ملخص مسألة رفح، وهي مسألة مخزية بكل صراحة. وعندما وجهت لي إحدى الطالبات السؤال الأول : «سيد روبرت، هل مصر ديموقراطية؟» كان ردي : «كم يستغرق الطريق من هنا إلى المطار الدولي قبل أن أجيب على سؤالك؟». بالطبع لا توجد ديموقراطية حقيقية في مصر. يمكنها أن تكون؛ فلا تنس أن في مصر تاريخاً عظيماً في الثلاثينيات من المطالبة بالديموقراطية وكان البريطانيون هم الذين شجعوها حتى طالبت تلك الديمقراطية المصرية بإنهاء حكم الملك فاروق، وعندها وضع البريطانيون المعارضين جميعهم في السجون، وهو العرف الذي بقي سائداً في جميع دول «الشرق الأوسط»، ربما باستــثناء «إسرائيل» وبوجه خاص لبنان.

- [**المصدر : صحيفة «السفير» اللبنانية.*]


titre documents joints

روبرت فيسك في برنامج «آخر الكلام» على قناة «أون. تي. في»

15 تشرين الأول (أكتوبر) 2010
info document : HTML
95.5 كيلوبايت


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2182600

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2182600 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 24


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40