الأحد 12 تشرين الثاني (نوفمبر) 2023

كتائب القسّام تمثلنا وسرايا القدس.. و“كتائب أبو علي مصطفى” وكل من يقاوم

الأحد 12 تشرين الثاني (نوفمبر) 2023 par رشاد أبو شاور

بكلمات واضحة حاسمة لا لبس فيها، مكتوبة بالدم العربي الفلسطيني، دم الأطفال والأمهات والآباء، ومن قبل ومن بعد بدم المقاتلين، الفدائيين، المقاومين، المجاهدين، أبناء فلسطين، من قبل أكثر من مئة عام، منذ بدأت الغزوة اليهودية الصهيونية على فلسطين، تسريباً وعلناً دشنتها بريطانيا التي انتدبت نفسها على فلسطين، سواء بوعد بلفور، أو بالاستحواذ عليها وفقاً للتقسيم بينها وبين فرنسا المجرمة.. من هبّوا وصعدوا الجبال مثّلونا، وأسسوا المقاومة التي تواصلت قبل النكبة وبعدها، وبعد هزيمة حزيران/يونيو 67 لثلاثة جيوش عربيّة، ضاع بسببها كامل فلسطين، والجولان، وكل سيناء... فكانت العاصفة.

في فلسطين، بدأ أجدادنا مقاومة الانتداب البريطاني الذي أسفر عن وجهه الاستعماري الراعي للمشروع الصهيوني وزرعه في فلسطين، وعيّن هربرت صموئيل اليهودي الصهيوني حاكماً عاماً على فلسطين مستبداً وضامناً يبقى ويدوم ويضمن هيمنة بريطانيا على مصر ومصالحها شرقاً في الهند...

كان أجدادنا يوصفون بالمجاهدين، وواجهوا مخططات المندوب السامي البريطاني اليهودي الصهيوني الذي أُوكل تنفيذ المخططات البريطانية الصهيونية، بتسريب الأراضي إلى اليهود ووضع أسس لـ“الدولة” اليهودية بجيشها، وكل ما يضمن اكتمالها وثباتها، واستمر في تنفيذ المخطط التدميري للزراعة في فلسطين بهدف إفقار المزارعين، وزج المئات في السجون بحجج العجز عن دفع الضرائب الثقيلة على ظهورهم، طوال خمسة أعوام منذ عام 1920 حتى عام 1925، هي مدّة حكم اليهودي الصهيوني المجرم هربرت صموئيل.

إلى فلسطين وفد المجاهد عز الدين القسام الثائر العربي السوري من بلدة جبلة، بعد أن أدى دوره مجاهداً ثائراً على الاستعمار الفرنسي، وكان أدرك خطورة دور الإنكليز على قلب الوطن العربي فلسطين، وحدد أن الإنكليز والصهاينة لن يُقتلعوا من أرض فلسطين إلّا بالجهاد وحمل السلاح، وأن معركة الأمة يجب أن تشتعل في فلسطين، التي إليها يفترض أن يتدفق المجاهدون من كل الوطن العربي الكبير.

عمل الشيخ القسام داعية متنقلاً، وهذا ما سهّل له القيام بالدعوة والتحريض وتعميق التعرّف جغرافياً واجتماعياً بعرب فلسطين. وفي تنقله اجتذب بعض النابهين الناشطين وعمّق في قلوبهم وعقولهم الوعي بالجهاد وحمل السلاح، والنشاط بين الناس في انتظار اللحظة الملائمة، مع السريّة والكتمان في نشاطهم حذرا من مراقبة الإنكليز وعيون اليهود وانتباههم.

انطلق الشيخ القسام من مسجد الاستقلال في حيفا الذي عُيّن خطيباً له، وتوجه مع بعض أنصاره ومريديه إلى أحراج يعبد، للتدرب على السلاح، وتصادف أن اكتشفتهم دورية إنكليزية تطارد بعض من تصفهم بـ“الأشقياء”، فاضطر الشيخ ورجاله إلى الاشتباك مع الجنود الإنكليز الذين اكتشفوا وجودهم، وكانت كلماته التي هي بمثابة وصية تبقى أبد الدهر لكل مجاهد ومقاوم وثائر: هذا جهاد نصر أو استشهاد، موتوا شهداء. واستشهد مع رجاله، بعد قتلهم عدداً من الجنود الإنكليز.

بعد عام 1936، انطلقت ثورة فلسطين الكبرى، وامتدت حتى عام 1939، وبات الشيخ الثائر العربي السوري رمزاً عربياً وإسلامياً وقدوة كبيرة.

حمل الجناح العسكري لحركة حماس اسماً دالاً ورمزاً له: كتائب القسّام. والحقيقة أن كتائب القسّام بقيت بعيدة عن الممارسات والخلافات السياسية، واحتفظت بوصية رمزها الشيخ عز الدين، فهي تقاوم، ويعتنق رجالها الوصية سلوكاً وفكراً: هذا جهاد نصر أو استشهاد. موتوا شهداء، وهو شعارهم لتحرير فلسطين. وواضح أنهم انشغلوا بتنفيذ شعارهم لتحقيق هدفهم الكبير الجليل، بصمت وكتمان وسريّة، كما كانت حركة الشيخ منذ انطلاقها.

ما حدث يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر هو يوم مجيد في مسار مقاومة الشعب العربي الفلسطيني، فلقد ظن العدو الصهيوني أنه “صهَر” الوعي الفلسطيني كما أوصى منظرو الكيان الصهيوني بكيفية إماتة روح المقاومة لدى الشعب الفلسطيني، وهو ما نبه له المقاوم البطل المفكّر وليد دقّة، في كتابه “صهر الوعي”، والذي أمضى حتى اليوم 37 عاما في الأسر على رغم أنه مصاب بمرض السرطان.

لم يتمكن العدو، عبر سجونه واغتيالاته عند الحواجز، ونسف البيوت، من أن “يصهر” وعي الفلسطينيين، وإفشاء حالة الخنوع، وباغتته عملية فجر الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر وصعقته وأذلّت جيشه وأجهزة استخباراته وتجسسه، وما يتوافر لديه من تقنيات يروج بيعها في العالم، بما في ذلك للحكّام العرب الذين اندفعوا وتسابقوا إلى التطبيع معه!

لقد نشأ الكيان الصهيوني مروّجاً أن فلسطين هي “أرض ميعاده” وفقاً لتوراته، وأن اسلافه كانوا هنا قبل 2000 عام، وأنه يعود إلى أرض الميعاد. ودعمته ومولته وسلّحته إمبراطورتا الغرب “المتحضّر” العلماني: بريطانيا، فرنسا، وأخذته في حضنها الإمبراطورية الأميركيّة، مع بقاء الدعم وتصاعده أوروبياً. وباعتراف هيلاري كلينتون في مذكراتها وفي مقابلة تلفزيونية بُثّت علنا وتناقلتها فضائيات كثيرة، فإن أميركا هي من أوجد “داعش”.

حركة حماس هي وريثة مقاومة فلسطينيّة أسسها رمز كبير قاتل فرنسا ونفوذها وبريطانيا ومشروعها الصهيوني، وأميركا، منذ 13 أيلول/سبتمبر 1993، في حدائق البيت الأبيض، تجرجر من وقعوا معها على وثائق أوسلو، وتخدعهم، أي على امتداد ثلاثة عقود دفعت 700 ألف مستوطن ليحتلوا مزيداً من أرض فلسطين، التي وُعد الموقعون على اتفاقيات أوسلو بالرعاية الأميركية، ولتتبدد أوهام السلام والدولة الفلسطينيّة، ويقع الفلسطينيون في التيه.

فجاء يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر واستيقظ العدو والصديق، ونهض الشعب العربي الفلسطيني بعنفوان وبوعي مختزن في داخله تحت ركام القهر والذل والانكسار. ومن جديد أضاءت فلسطين سماء العالم، وها هي شمسها تملأ الكون، لتثبت أن شعب فلسطين ووعيه لا يُمسخان ولا يًصهران، وأن طريقه إلى القدس لا يمكن أن يحتلها شُذاذ الآفاق السابقون واللاحقون، وأنهم منفوخون بقوّة يُحقنون بها لتنفخ وتغوي بالإعجاب بهم السُذّج من المطبعين العرب.

القسّام رمز في حياة مسيرة أمتنا المقاومة، ومن يحملون اسمه يُمثلون مقاومة شعب لا يتوقف عن المقاومة، ومعه سرايا القدس، و“كتائب أبو علي مصطفى”، ومن قبل مع الرصاصة الأولى في 1/1/ 65 رصاصة العاصفة، التي نريدها أن تتجدد، وننتظرها.

دول الغرب تصعّد الحملة على حركة حماس والمقاومة الفلسطينيّة وتتهم جماس بأنها “داعش”، علما بأن “داعش” صناعة أميركية.

أبطال كتائب الأقصى برهنوا، عبر الصوت والصورة، أنهم يتمتعون بنبل وإنسانية وأخلاق رفيعة عربيّة وإسلامية، وهم يتعاملون مع نساء يهوديات وأطفالهن في بيوتهن مباشرة بعد اقتحام مستعمرات الغلاف، ومع أسيرات حرروهن، وقد اعترفن بدهشة مما رأين من تعامل يتناقض مع الدعايات الصهيونية المبتذلة، ومع ما تقدمه هوليوود عن العرب والمسلمين في أفلامها المُقززة الساذجة.

هؤلاء الأبطال يمثّلون شعبنا، ويضيفون إلى مقاومتنا، ومعهم إخوتنا في الجهاد، و“كتائب أبو علي”، وألوية الناصر صلاح الدين، ولا ننسى العاصفة والرصاصة الأولى، فنحن في انتظارها، فموقعها ينتظرها.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2183503

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع مقالات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

28 من الزوار الآن

2183503 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 27


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40