الاثنين 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

قضية حقوق لا قضية ثوابت

الاثنين 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2010 par صلاح صبحية

أمام ذروة الهجمة الصهيونية علينا ، أما آن لمن بيدهم القرار الفلسطيني أن يقفوا مع ذاتهم ولو للحظة واحدة ويسألوا أنفسهم أين هم ذاهبون ، عدّو يحيط بهم من كل جانب ، جغرافياً وسياسياً ، عدّو أنهك القيادة الفلسطينية فلم يدع لها سبيلا للخروج من مأزقها ، وقد وضعها في قمة المواجهة من خلال طرح قضية وجوده في وطن قومي يهودي والطلب الملح اليومي منها للاعتراف بكيانه ليس بحق وجوده كدولة لأنه حصل على ذلك في عام 1994 وإنما الاعتراف به دولة يهودية ، وذلك بعد أن أجهز على القدس والضفة الغربية وأصبحت كتلاً استيطانية يرفض التخلي عنها ، بل ويرفض مجرد تجميد البناء فيها ، وقد وقعت القيادة الفلسطينية في الفخ الصهيوني عندما أقرت بأنّ
يهودية الدولة هو شأن صهيوني داخلي ، خطا تاريخي تقع فيه القيادة الفلسطينية بقصد أو بغير قصد ، بتفكير أو بدون تفكير ، لأنّ العدّو الصهيوني وبعد أكثر من مائة عام يصل اليوم إلى تحقيق وجوده في وطن قومي يهودي ليس تحقيقاً لوعد بلفور وحسب وإنما تحقيقاً للمنطلق الصهيوني في الاستيلاء على فلسطين من البحر إلى النهر ،كون فلسطين أرضاً بلا شعب وهذه الأرض هي للشعب اليهودي .

وقد استطاع العدّو الصهيوني أن يصل بنا لنقر معه بأنّ ما يجري على أرض فلسطين هو نزاع على بعض الأراضي في الضفة الغربية وإنّ ما يجب الاتفاق عليه الآن هو الأمن والحدود ، لأنّ أمن العدّو أصبح مطلباً فلسطينياً ، وأنّ ترسيم الحدود هو الطريق إلى حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين ، أم أننا بتنا لا نميز بين الحق الذي هو لنا وبين الباطل الذي يسعى عدّونا لتحويله إلى حق له ، أم أننا لم نعد نملك الجرأة بأن نسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية والتاريخية ، فلسطين هي فلسطين من البحر إلى النهر ، والشعب الفلسطيني هو كل الشعب الفلسطيني في كافة أماكن
تواجده ، وبالتالي فإن كل شبر فلسطيني هو جزء لا يتجزأ من القضية الفلسطينية ، وكل فلسطيني هو فرد من الشعب الفلسطيني لا فرق بذلك بين فلسطينيي الشتات وفلسطينيي الضفة والقطاع وفلسطينيي فلسطين المحتلة عام1948 ، فالقضية الفلسطينية لا يمكن تجزأتها ، وبالتالي يجب أن نقر بوحدة أرض فلسطين ( من البحر إلى النهر ) وأن نقر بوحدة شعب فلسطين ، وأن نقر بوحدة الوطن الفلسطيني أرضاً وشعباً وتاريخاً وجغرافيا ، وأن نقر بوحدة النضال الفلسطيني ، وكل ذلك يحتاج إلى قيادة فلسطينية موحدة ، ومن المؤسف أن نصل إلى هذا الحال ، الحال التي نطالب فيها أنفسنا الاعتراف بوحدة قضيتنا ، والسبب في ذلك أنّه يوجد بين صفوفنا وعلى أعلى مستو قيادي من يريد أن يتلاعب بحقوقنا التاريخية فوق أرضنا ويريد أن يعطي لعدونا وطنا قومياً لهم على أرضنا ، وكأنّ الحق الفلسطيني قابل للتجزئة وقابل بالتالي للتخلي عن أي جزء منه أو التخلي عن كله ، وهنا نصل إلى السؤال الهام ، هل قضيتنا هي قضية حقوق أم قضية ثوابت ؟.

هناك فرق بين الحقوق وبين الثوابت ، فالحق لا يمكن أن يتحول إلى باطل ، ولا يمكن التخلي عن جزء منه مهما
كانت الظروف والوقائع والأحداث المحيطة بنا ، أما الثابت فيمكن أن يتحول إلى متغير في لحظة عجز آنية ، فإذا كانت قضية اللاجئين ثابتاً في عرف البعض منا ، فإنّ شطب قضية اللاجئين وإلغاء حق العودة يصبح سهلاً إذا ما كان الثمن هو دولة فلسطينية قابلة للحياة ، وهذا ما يطلبه العدّو الصهيوني منا من خلال قبولنا واعترافنا بيهودية الكيان الصهيوني ، وبكل أسف هناك من صدّق الكذبة الصهيونية واعتبرها شأناً صهيونياً داخلياً ، بل لم يعد يهم إن كان الكيان الصهيوني دولة يهودية أو دولة صينية ، ولم يعد يهم هؤلاء الثمن الذي سيدفعه الشعب الفلسطيني مقابل يهودية الدولة والاعتراف بوطن قومي لليهود في فلسطين ، وكذلك إذا كانت قضية القدس ثابتاً من الثوابت وليست حقا من الحقوق ، فإنّه من السهل علينا أن نقبل بجزء من القدس أن تكون عاصمة لهيكل دولة فلسطينية إن قبل العدّو الصهيوني
بذلك وهو الذي يصرّ على أنّ القدس الموحدة عاصمة أبدية للكيان الصهيوني وليست خاضعة للتفاوض ، بل وأننا ما دمنا نصرّ على تمسكنا بالثوابت دون الحقوق فإنّ العدو الصهيوني يستدرجنا دائماً إلى ما يريده منا ، فهو إذا
أراد أن يعطينا دولة فلسطينية قابلة للحياة لا لكونها حقاً من حقوقنا وإنما كونها حلاً له للتخلص من ملايين الفلسطينيين في الضفة وفي فلسطين المحتلة عام 1948 كون كيانه وطناً قومياً لليهود ، وهو يريد أن يعطينا دولة فلسطينية متقطعة الأوصال كونها ستصبح سوقاً استهلاكية قريبة يستطيع أن يسوّق فيها منتجاته بأرخص كلفة ليحقق أكبر ربح ، وذلك من خلال الحل الاقتصادي لإقامة تلك الدولة الفلسطينية ، وهو كذلك يريد أن يعطينا دولة فلسطينية منزوعة السلاح حفاظاً على أمنه وقد استطاع أن يكرّس ذلك على أرض الواقع من خلال التنسيق الأمني اليومي ما بين أجهزة أمن السلطة وأجهزة أمن العدّو .

أمام كل ذلك هل نحن ذاهبون إلى التخلي عن حقوقنا التاريخية وشطب قضيتنا بأيدينا كما يريد عدونا ذلك لنا ، والعدّو الصهيوني يدرك تماماً بأنه لواعترفت كل دول العالم بيهوديه كيانه فإنّ ذلك يعني صفراً كبيراً أمام الرفض الفلسطيني المطلق ليهودية الكيان الصهيوني ، مقابل ذلك لو رفض العالم كله الاعتراف بيهودية الكيان الصهيوني أمام الاعتراف الفلسطيني بذلك فإنّ ذلك يعني التخلي الفلسطيني عن حقوقه التاريخية في فلسطين التاريخية وإنّ العدّو الصهيوني قد حقق انتصاره التاريخي على الجانب الفلسطيني بإنهاء الصراع العربي الصهيوني على أرض فلسطين لصالح الحركة الصهيونية بإقامة الوطن القومي لليهود على أرض فلسطين بقبول فلسطيني .

هل نريد لأحد ما أن يضربنا على رأسنا حتى نصحو ونقف مع ذاتنا للحظة واحدة ونسأل أنفسنا هل هذه هي الحقوق التي نريد ، وهل شطب قضية اللاجئين وإلغاء حق العودة إلى ديارنا وممتلكاتنا التي أخرجنا منها عام 1948هو مانريده ، وهل إقامة دولة فلسطينية لا سيادة لها مقابل شطب قضية اللاجئين هو ما نريده ، وهل الاعتراف بيهودية الكيان الصهيوني وإنهاء الصراع والتخلي عن حقوقنا التاريخية هو ما نريده ، أم أننا يجب علينا أن ندرك بأنّه لا يمكن أن ننهي صراعنا مع العدّو الصهيوني إلا بالحصول على حقوقنا كاملة وفي مقدمتها عودة اللاجئين إلى فلسطين المحتلة عام 1948 وإقامة دولة فلسطين الديمقراطية على كامل التراب الوطني الفلسطيني ، دولة يعيش فيها من أراد العيش فيها متساوين بالحقوق والواجبات ، فحقوقنا التاريخية لا يمكن لها أن تكون ثوابت وإنما ستبقى حقوقاً لا يمكن لأحد التنازل عنها لأنها ليست ملكاً فردياً لأحد وليست ملكاً جماعياً لأي جيل فلسطيني من الأجيال ، وإنما هي ملك الأجيال الفلسطينية كلها حتى يرث الله الأرض وما عليها ، وما أحوجنا اليوم بالذهاب إلى المصالحة الفلسطينية أولاً وبغض
النظر عن مكان المصالحة دمشق أم بيروت أم صنعاء أم القاهرة أو حتى جهنم ، لأننا بحاجة ماسة اليوم للمصالحة الفلسطينية لتكون منطلقاً لتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وإعادة الاعتبار لها بكونها الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا العربي الفلسطيني ، وذلك من أجل مواجهة العدّو الصهيوني موحدين تحت قيادة واحدة وتحت علم واحد ومن أجل التمسك بكل حقوقنا التاريخية ، متفقين على برامجنا المرحلية والإستراتيجية التي تعيد الاعتبار لقضيتنا بأنها قضية فلسطينية الوجه عربية الأهداف إنسانية الأبعاد .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2182491

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع المنبر الحر   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2182491 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 31


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40