السبت 16 نيسان (أبريل) 2011

كتاب | نهجنا في الكفاح ... (3-3)

السبت 16 نيسان (أبريل) 2011

عن دار النشر البريطانية «بلوتوبرس» صدر كتاب «نهجنا في الكفاح : السلام العمل تحت الحصار في «إسرائيل» فلسطين» في 242 صفحة من القطع المتوسط، للكاتب الكندي ومخرج الأفلام الوثائقية مايكل ريوردان، الذي يركز في جل أعماله على إظهار قصص المهمّشين وإيصال أصواتهم المقموعة إلى الرأي العام العالمي.

يظهر كتاب ريوردان المقسّم إلى ثمانية عشر فصلاً كرواية، تسردها شخصيات متعددة متألمة يجمعهم المكان والهمّ الواحد، وهذه الشخصيات من النشطاء الفلسطينيين و«الإسرائيليين»، الذين كرسوا حياتهم سعياً إلى السلام وبحثاً عن العدالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. يدخل الكاتب إلى أعماقهم بحوارات جذابة، يبرز لنا المعاناة التي واجهتهم، والمخاطر التي دفعتهم لأن يكونوا دعاة سلام، ويجد أن هؤلاء بما يقومون به بأساليب سلمية متعددة، يدعمون فكرة التعدد والتفاعل الإنساني، ويخلقون بصيصاً من الأمل والنور في ظل اليأس المظلم المحيط بالصراع «الإسرائيلي» الفلسطيني.

يأخذنا ريوردان إلى بساتين الزيتون والقرى المحاصرة والمخيمات ونقاط التفتيش والحواجز، يبين لنا أن في كل بستان وقرية ومخيم ونقطة تفتيش وحاجز، قصصاً مؤلمة، وذلك على أمل منه أن هذه القصص ستلهم نشطاء السلام في فلسطين و«إسرائيل» وكل العالم.

«نهجنا في الكفاح» يعرض لنا هذه القصص، التي تشترك شخصياتها في الإيمان بأن العدالة وشيكة، ولأجل هذا الإيمان يكافح الأطفال والرجال والنساء بقوة مدهشة لا حدود لها، ويجد الكاتب أن المستبدين يخشون دائماً من رواية قصص ظلمهم، لأنها تشكّل بشكل أو بآخر قصة سقوطهم.

يلتقي الكاتب في الفصل الثاني عشر بعدد من الشباب «الإسرائيليين» من الجنسين الرافضين ممارسات الجيش «الإسرائيلي» الذي يرتكب الجرائم بحق الفلسطينيين، ولا يرحم حتى «الإسرائيليين» أنفسهم إذا خرجوا عن منطقهم. ومن بين من التقاهم نيتا ميشلي التي اقتادوها إلى السجن بعد أن ألقت بياناً على مجموعة من أصدقائها المؤيدين لفكرتها، برفض تأدية الخدمة العسكرية، وهذه المجموعة يشار إليها بالكلمة العبرية «شمينيستم»، التي تعني طلاب الصف الثالث من المرحلة الثانوية، الذين يدينون الاحتلال «الإسرائيلي» للأقاليم الفلسطينية المحتلة، ويرفضون الالتحاق بالجيش، وهم ليسوا وليدي السنوات الأخيرة، بل هناك العديد من الرسائل التي خطّوها في الماضي إلى روؤساء الوزراء، منذ فترة رئيسة الوزراء «الإسرائيلية» غولدا مائير، ووقع عليها المئات، ومن بعض ما قرأته نيتا الآتي : «لست متحمّسة بأن أكون جزءاً من منظمة ترتكب جرائم الحرب، تزهق أرواح الآلاف من المدنيين الأبرياء، وهي منظمة - باسم الإنسانية والديمقراطية - تجبرني ونظرائي على التضحية بفترة من حياتنا». التقاها الكاتب في يافا مع صديقها الأمريكي راز، وكلاهما من مواليد 1990، يتذكران القصص التي نشؤوا عليها من الحرب اللبنانية الأولى، عندما شارك آباؤهم في الاجتياح «الإسرائيلي» 1982، وخاصة زار الذي أراده والده أن يكون مظلياً في الجيش «الإسرائيلي» مثله، ويشير زار إلى أنهم زرعوا في رؤوسهم أن العرب من حولهم قتلة، ويتوجب عليهم أن يقاتلوهم ليبقوا أحياء، فوجودهم قائم على إراقة دماء العرب، ومن بعض ما قالته نيتا حول السلوك السيئ للجيش «الإسرائيلي» : «يخبرونك طوال حياتك أن أفراد الجيش هم ناس طيبون، ثم ترى بعدها كيف يتصرفون. أشعر باستياء كبير أن هؤلاء الناس يمثلونني، يستخدمون اسمي وأمني لتبرير ما يقومون به. أنا الآن أشعر وكأنني سفيرة، أظهر للفلسطينيين أن هناك على الأقل بعض الناس الذين يرغبون ببناء مستقبل أفضل لنا. إن ممارسات الحكومة «الإسرائيلية» هراء، لذلك فقط الناس هم من يستطيعون جعل الأشياء أفضل».

يقابل الكاتب شابة أخرى تدعى سحر فاردي التي كانت منضمة إلى جماعة شباب ميريتز، وهو حزب ديمقراطي اجتماعي، وتتحدث عن استقالتها من الحزب أثناء الحرب على لبنان بسبب تأييده للحرب : «بدأت الحرب صباح الأربعاء، نظمت ونيتا أول تظاهرة احتجاج في يوم الخميس أمام وزارة الدفاع في تل أبيب، عندما لفظنا بضع كلمات، جاء ما يقارب مئتي شخص، اندهشنا من العدد، فقد توقعنا أن يأتي ما يقارب 20 شخصاً، تلقيت الكثير من نداءات الحقد والكراهية حتى من الصحافة، أما الشيء الذي أردته هو أن يأتي شباب ميريتز، لكن منذ اندلاع الحرب، أعلن الحزب دعمه للهجوم، لذلك لم يحضروا إلى التظاهرة، وبعد الحرب على الفور استقلت من الحزب، ومنذ ذلك الوقت لم أعد جزءاً من اليسار الصهيوني».

[**دروس السجن*]

يتحدث الكاتب عن الفترة التي قضاها الشباب الرافضون الالتحاق بالجيش في السجن، من خلال حديث كل من سحر ونيتا وراز عن السجن، وعما جرى معهم، وهؤلاء رغم قسوة السجن والسجان، رفضوا بعد عدة محاكمات الالتحاق بالجيش، لأنهم فضلوا أن يخسروا حريتهم الشخصية على أن يقتلوا أناساً أبرياء في الأقاليم الفلسطينية المحتلة، وكان يتم إطلاق سراحهم فيما بعد، وبعد عدة محاكمات على أنهم مختلون عقلياً، ومن بعض ما قالته سحر ترجمنا الآتي : «إنه شيء مريع، يهينونك، ويهددونك، ويخبرونك : إذا لم تذهب، ستتعفن في السجن إلى الأبد، كما يحاولون خداعك بعرض بدائل، فيقولون : ربما تذهب إلى الشرطة، وليس الجيش، أو ربما سنجعلك معلّماً في الجيش، فقط يريدون أن يروا كيف ستجيب»، كما وضح هؤلاء الشباب أن تجربة السجن رغم قسوتها، كانت لها فوائد أخرى، من حيث التعرف أكثر إلى الواقع الفلسطيني، وتشكيل صداقات.

يشير الكاتب إلى ما قاله المعالج النفسي في الجيش لنيتا، ويأتي هذا الحديث من خلال ما ذكرته نيتا : «أخبرت المعالج النفسي أنني رأيت الجيش يطلق النيران على أحد المحتجين، رأيت نصف دماغه يخرج». ورد عليها المعالج الذي يشبّه الصدمات من العنف الإنساني بالاحتجاز في مصعد : «في الحقيقة، إن الأمر مثل احتجازك في المصعد، تتلقين صدمة من ذلك، لكن الحل الأفضل أن تعودي إلى المصعد وتتعاملي مع صدمتك. لذلك الحل الأفضل للتعامل ما شاهدته هو الذهاب إلى الجيش».

يشير الكاتب أيضاً بعد حواراته إلى الرسالة التي كتبها الشباب اليهود والعرب، يرفضون فيها الاحتلال، والسياسات المجحفة بحق الفلسطينيين، وخلصت الرسالة إلى ما يلي : «إن اعتراضنا على أن نصبح جنوداً يخدم الاحتلال ينبثق من ولائنا لقيمنا وإلى مجتمعنا المحيط بنا، وهو جزء من نضالنا المستمر لأجل السلام والمساواة، وفي هذا النضال تثبت الطبيعة العربية اليهودية أن السلام والتعايش ممكن، هذا هو نهجنا، ومتحمسون لدفع الثمن».

[**سريالية الدمار في غزة*]

يلتقي الكاتب بالكثير من الشخصيات، التي لا يسعنا ذكرها هنا، ونكتفي بالحديث عن بعضهم، وعن بعض الأحداث التي تعتبر في أولويتها أكثر من غيرها، ففي الفصل السادس عشر يتحدث عن القصف الوحشي، الذي أنزله الجيش «الإسرائيلي» بأبرياء غزة، ويقول حول ذلك : «في 27 ديسمبر/كانون الثاني، شن الجيش «الإسرائيلي» والحكومة، التي يترأسها رئيس الوزراء إيهود أولمرت قصفاً هائلاً على قطاع غزة من البحر والبر والجو، وتبع ذلك غزو أرضي كامل النطاق». ويشير إلى أن زعماء الدول في أوروبا وأمريكا الشمالية - بما فيهم أوباما الرئيس الجديد للولايات المتحدة - التزموا الصمت، وحتى البعض منهم دعم الهجوم «الإسرائيلي»، كما يجد أن بعض الأنظمة العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة بقيت صامتة أيضاً من جراء ما حدث في غزة.

يستشهد الكاتب بما قاله الجنود «الإسرائيليون» إلى «منظمة الجنود الإسرائيليين» لاحقاً، كاسرين بذلك الصمت المفروض من الجانب «الإسرائيلي»، ومن بعض ما قالوه ترجمنا الآتي : «لو واجهت منطقة مخفية بمبنى، تسقط ذلك المبنى»، وأسئلة مثل : «من يعيش في ذلك المبنى؟ لا تطرح». وأيضاً : «عندما يأمرك قائد الكتيبة أو الجماعة بإطلاق النيران، لا يتوانى الجنود عن فعل ذلك، إنهم ينتظرون ذلك اليوم، حيث متعة إطلاق النار والشعور بأن القوة في يديك»، وكذلك يبين هؤلاء الجنود عدم ضرورة استخدام الأسلحة الكبيرة : «لم يكن هناك من حاجة إلى استخدام مثل هذا الرصاص الكثيف، ولا استخدام قذائف الهاون، أو الذخيرة الفوسفورية، كان لدينا شعور معين بأن الجيش يبحث عن فرصة مواتية ليقوم بمناورة معينة يستعرض فيها عضلاته». كما تحدثوا عن حجم الدمار الهائل : «كان حجم الدمار لا يصدق، لم نكن نميز الأحياء السكنية عن بعضها، لم يبقَ حجر فوق حجر آخر، تجد أن الحقول والبيوت البلاستيكية، والبساتين كلها مدمرة ... مدمرة بالكامل، كان شيئاً مريعاً، شيئاً سريالياً». وفي نهاية ما استشهد به الكاتب من كلامهم : «كنت تشعر بأنك طفل صغير يحمل عدسة مكبّرة وينظر إلى النمل، ثم يحرقهم».

يذكر الكاتب أعداد الضحايا في غزة الذي تراوح ما بين 1385 إلى 1417 وفقاً للمنظمات الحقوقية «الإسرائيلية» والفلسطينية، وما بين 762 إلى 1181 كان من المدنيين، ومن بينهم أيضاً 313 إلى 318 طفلاً، إضافة إلى أن أكثر من 5300 فلسطيني تعرض لإصابات، وأكثر من 20 ألف بقي مشرداً، ومقابل هذا العدد الهائل يشير الكاتب إلى أن ثلاثة مدنيين «إسرائيليين» وجندياً قُتلوا، وتسعة جنود ضمن قطاع غزة، وأربعة منهم على يد القوات «الإسرائيلية».

[**غولدستون ومحرقة غزة*]

يشير الكاتب إلى أنه في عام 2009، قام القاضي الجنوب أفريقي ريتشارد غولدستون ولجنته بتقديم تقريرهم إلى محكمة العدل الدولية لجرائم الحرب، حيث ترأس بعثة الأمم المتحدة لتقصّي الحقائق في غزة، جاء تقريره في 575 صفحة بعد استقصاء دام ستة شهور، رفضت خلالها «إسرائيل» التعاون معهم، ويذكر الكاتب ما جاء به التقرير : «قد وصلنا إلى النهاية، وبالاستناد إلى الحقائق التي وجدناها، هناك أدلة أوضحة على إن «إسرائيل» ارتكبت انتهاكات خطرة متعددة للقانون الدولي، في كل من القانون الإنساني وقانون حقوق الإنسان خلال العمليات العسكرية في غزة. وخلصت البعثة إلى أن الجرائم التي ارتكبتها قوات الدفاع «الإسرائيلية» تعادل جرائم الحرب، ومن الممكن في بعض النواحي، جرائم ضد الإنسانية».

ويلتقي الكاتب أيضاً في هذا الفصل مع الدكتور عائد ياغي المولود في عام 1967 في غزة من أبوين لاجئين، وهو مدير البرامج في جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية، والهدف من برامجهم هو تقديم العلاج لمن يعاني الفقر المدقع، وخاصة لمن يعيشون في مناطق هامشية وريفية، ويخبر الدكتور ياغي الكاتبَ أن 30 شخصاً من الطاقم الطبي قتل في الهجوم على غزة، و33 سيارة إسعاف دمرت، وما يقارب 14 مشفى ومركزاً للرعاية الصحية الأولية تهدم بشكل جزئي أوكلي، ويقول الدكتور ياغي : «بعض سيارات الإسعاف تبرعت بها المنظمات الدولية، ولا يمكننا أن نصلح المشافي والمراكز الصحية، لأن «الإسرائيليين» لا يسمحون بدخول مواد البناء إلى غزة». ويشير الكاتب إلى أن الأطباء «الإسرائيليين» لأجل حقوق الإنسان ذكروا أن أكثر من ألف شخص بترت إحدى أعضاء جسمه، وهؤلاء يفتقدون إلى أعضاء صناعية.

يشير الكاتب إلى أن الشعب الفلسطيني في غزة رغم هذه الجريمة الكبرى، لايزال قوياً وصامداً، ومن ذلك ما قاله الدكتور ياغي : «أعتقد أن القوة الأساسية هي أن الفلسطينيين هنا في غزة يؤمنون بأنه يجب أن نستمر في الحياة، وأن نقاوم العدوان «الإسرائيلي»، تلك هي القوة الأساسية، الإيمان بأننا نعيش على أرضنا، ويجب أن نناضل مرة تلو الأخرى، وفي النهاية سننتصر».

[**تصدعات في الجدار*]

يتحدث الكاتب في الفصل السابع عشر بعنوان «تصدعات في الجدار» عن عدم شرعية الاحتلال، ويشير إلى ما أعلنه وزير المالية النرويجي كريستين هالفورسين عندما سحبوا تمويل صندق المتقاعدين من شركة أنظمة «إلبيت» حيث قال : «لا نرغب في تمويل شركات تسهم بشكل مباشر في انتهاكات القانون الإنساني الدولي». ومن المعروف أن منتجات شركة «إلبيت» منتشرة في جميع الأقاليم الفلسطينية المحتلة، من كاميرات مراقبة، وطائرات من دون طيار، وأنظمة أخرى لمراقبة السكان. وشكّل هذا الإجراء من جانب النرويجيين ضربة قوية لـ «الإسرائيليين». كما يشير إلى ما صرّحت به محكمة العدل الدولية في 2004 حول بناء الجدار : «إن إقدام «إسرائيل» على بناء الجدار في الأقاليم الفلسطينية المحتلة هو مناقض للقانون الدولي». ويتحدث عن النداء الذي وجهته منظمات المجتمع المدني الفلسطيني البالغ تعدادها 170 منظمة، والتي ناشدت المجتمع الدولي، وتضمن نداؤهم ثلاثة مطالب :

1- إنهاء الاحتلال، الذي يتضمن تفكيك الجدار والمستوطنات.

2- حق العودة للاجئين الفلسطينيين.

3- تحقيق المساواة الحقيقية للفلسطينيين في «إسرائيل».

وممن يحاورهم الكاتب في هذا الفصل الناشطة والشاعرة الفلسطينية الكندية رفيف زيادة، وهي لاجئة فلسطينية من الجيل الثالث، طالبة دكتواره في العلوم السياسية في جامعة يورك في تورونتو في كندا، وهي عضو مؤسس للتحالف ضد الفصل العنصري «الإسرائيلي»، قتل جداها وأخوالها الأربعة في مخيم جسر الباشا، من مواليد 1979 الناصرة، تقول رفيف عن تلك الطلبات للمنظمات الحقوقية : «إن عملية أوسلو قصدت تقسيم الشعب الفلسطيني عن بعضه بعضاً، بفصل الضفة الغربية وقطاع غزة إلى بلدين منفصلين. في السابق فصلوهما عن الفلسطينيين في فلسطين المحتلة عام 1948، وفي الشتات. جاءت هذه الطلبات ضد التقسيم وعلى أن فلسطين كيان واحد، وليس فقط الضفة الغربية وقطاع غزة، بل فلسطين التاريخية، من ضمنها على سبيل المثال، منطقة حيفا التي هجّرت عائلتي منها».

ويسألها الكاتب أين ومتى أصبحت ناشطة؟ تجيب بعد فترة صمت : «نحن ولدنا بداخل المخيمات، ولدنا ونحن نعرف اسم القرى التي جئنا منها، ونعرف أننا لا نستطيع الرجوع إليها، ونعرف أنه لا بلد لنا لنسجّل فيه . نعرف التاريخ، والروايات الشفوية للفلسطينيين، وكيف طردنا خلال النكبة، كما أن آباءنا يرسخون في رؤوسنا حق العودة إلى الأرض التي هُجّرنا منها، هذا ليس شيئاً نتوصل إليه كبالغين، فطعم الظلم معنا منذ الولادة». كما يشير الكاتب إلى أن ما قاله هيرتزل في 1898 في كتابه «دولة اليهود» يحدث الآن : «بالنسبة لأوروبا سنشكّل جزءاً من حاجز في وجه آسيا، سنكون نقطة حدود الحضارة ضد البربرية». يجد الكاتب أن هذه الرمزية واضحة بشكل كبير اليوم : حيث الولايات المتحدة تقدم الدعم العسكري لها، وتتعاون السلطات البريطانية والأمريكية على حجب تقرير غولدستون على جرائم الحرب التي ارتكبتها «إسرائيل» في هجومها على غزة، وبنفس الوقت تستمر الولايات المتحدة وأوروبا بفرض عقوبات على إيران لإجبارها على ترك تطوير القوة النووية، في حين يمنحون «إسرائيل» التفويض المطلق.

[**أحلام النضال*]

يتحدث الكاتب مع أحد «الإسرائيلين» الذين لبوا نداء منظمات المجتمع المدني، يدعى كوبي سنيتز، مولود في «إسرائيل» عام 1971، من أم كندية أوروبية وأب أمريكي هاجر إلى «إسرائيل»، بعد المدرسة الثانوية، درس في تورونتو في كندا، ثم حصل على شهادة الدكتواره في الرياضيات في ماريلاند، عائداً بعدها إلى «إسرائيل»، ويقول عن تجربته في الجامعة مع الفلسطينيين : «تطورت آرائي السياسية عندما كنت مغترباً، حيث اللقاء بالفلسطينيين والعرب في تورونتو وماريلاند عمّق لدي إحساساً بالحاجة إلى بناء أنواع جديدة من العلاقات مع الفلسطينيين هنا. وعندما عدت إلى «إسرائيل» في 2003، كان هذا الشيء الأهم بالنسبة لي لكي أفعله». ويشير الكاتب إلى ما قام به كوبي، حيث انضم إلى «فوضويون ضد الجدار»، وشارك في الاحتجاجات والأعمال المباشرة ضد الجدار والاحتلال عبر الضفة الغربية، كما يتحدث كوبي للكاتب عن اعتقاله وسجنه في العديد من المرات، بسبب مشاركته في الاحتجاجات، ومحاولاته منع تهديم بيوت في قرى فلسطينية، ويلاحظ الكاتب من خلال حديث كوبي أن الاعتقال متوقع لـ «الإسرائيليين»، ولكنه على الأغلب لا يدوم كثيراً، لكن الوضع مختلف عند الفلسطينيين، ومن كلامه حول ذلك : «عندما يعتقلون، لا تعرف ما الذي سيحدث لهم، وكيف ستكون عدوانية رجال الشرطة معهم، ونوع التهمة التي ستوجه إليهم، وحجم كفالتهم، والوقت الذي سيتم إطلاق سراحهم». ويشير كوبي إلى أن الشيء الذي يمكن أن يفيد «الإسرائيليين» هو قيامهم بمشروع يدعى : «من المستفيد من الاحتلال؟».

في الفقرة الأخيرة من الفصل الأخير من الكتاب، يتحدث الكاتب عن الوسائل السلمية التي يتبعها الفلسطينيون في المطالبة بحقوقهم، وذلك من خلال حواراته مع مجموعة من نشطاء السلام، ويتحدث له أحد النشطاء، ويدعى محمد الخطيب عن وسائلهم السلمية في المقاومة : «من حقنا كفلسطينيين أن نقاوم الاحتلال، لكن علينا أن نختار الطريقة الأكثر نفعاً لنا. فلماذا تُدخل خصمك في قتال، تعرف أنك ستخسر فيه؟ بدلاً من ذلك، عليك أن تحاربه بالطريقة التي تعتقد أنك ستفوز بها. إننا كفلسطينيين، لا نملك جيشاً أو دبابات أو أسلحة نووية مثل «إسرائيل»، ما نملكه هو حقوقنا وقوتنا، وكيف يمكن لنا أن نظهر قوتنا، هي بإظهار من يكون الضحية ومن يكون الجاني؟ باستخدام اللاعنف». ويضيف في موقع آخر على الرغم من معرفته أن بعض الناس يجد أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، لكن رؤيته تتجسد في الكلمات الآتية : «إن ممارسة اللاعنف ليس بالأمر السهل، إنه يحتاج إلى الشجاعة، والكثير من الوقت والجهد، إضافة إلى قيادة حقيقية، وإيمان قوي بما تفعله».

- [**المصدر : صحيفة «الخليج» الاماراتية | تأليف : مايكل ريوردان | عرض وترجمة : عبدالله ميزر.*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 24 / 2191090

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ثقافة وفن  متابعة نشاط الموقع خبر  متابعة نشاط الموقع إصدارات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2191090 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40