الاثنين 14 حزيران (يونيو) 2010

الأداء السلوكي الإسرائيلي ومصاعب السياسة الأميركية

واشنطن تنقلب على حليفتها السابقة تركيا وتفشل في احتواء القدرات الصينية
الاثنين 14 حزيران (يونيو) 2010

أشارت العديد من التحليلات السياسية وتعليقات المراقبين، إلى أن السياسة الخارجية الأميركية قد بدأت فعلا رحلة الدخول في نفق الأزمة، وبرأي الخبراء والمختصين، إن ظاهرة تأزم السياسة الخارجية الأميركية ترجع في جزء كبير منها إلى تأثير العامل الإسرائيلي: ما الذي يجري حاليا وما هي مذهبية السياسة الخارجية الأميركية إزاء الملفات الدولية والإقليمية المتزايدة التعقيد؟

بيئة أزمة السياسة الخارجية الأميركية : ماذا تقول المعلومات؟

تشير التقارير المتزايدة لجهة نقل معطيات الأحداث والوقائع الجارية المتعلقة بالسياسة الخارجية الأميركية، إلى أن الدبلوماسية الأميركية أصبحت الآن قبل أي وقت مضى في مواجهة معالجة المشاكل والمصاعب الآتية:

- شركة النفط البريطانية : تسببت عمليات شركة بريتش بتروليوم البريطانية في كارثة التسرب النفطي في خليج المكسيك، وتشير التقديرات الأولية إلى أن الإدارة الأميركية سوف تواجه مشكلة كبيرة في مطالبة الشركة البريطانية بدفع تكاليف الخسائر، والتي تقول التقارير بأن أرقامها أصبحت تقترب من المليار دولار، وهو مبلغ باهظ بالنسبة للشركة البريطانية، وعلى الأغلب أن تؤدي تداعيات المطالبة الأميركية به إلى توتر في علاقات خط واشنطن-لندن، خاصة وأن هناك بعض التسريبات الخافتة القائلة بأن بعض “الأيادي الخفية” التابعة للشركات النفطية الأميركية، قد تسببت في مشكلة التسرب، وذلك من أجل إبعاد الشركة النفطية البريطانية من خليج المكسيك والحلول محلها.

- مشكلة العلاقات مع تركيا : يجمع كل الخبراء الاستراتيجيين، بأن تركيا تمثل واحدا من أهم أعمدة الدعم الرئيسية لإنفاذ مشروع استراتيجية الهيمنة الأميركية على العالم، وبكلمات أخرى، بدون تركيا لا يمكن لأي مشروع هيمنة أميركية أن يكون قابلا للتنفيذ، وذلك لأن التمركز الأميركي في تركيا هو مفتاح السيطرة على آسيا الوسطى والقوقاز والبلقان، والشرق الأوسط، إضافة إلى السيطرة على البحر الأبيض المتوسط، والبحر الأسود، ووضع روسيا تحت خطر التهديد المستمر، والإمساك بممرات أنابيب نقل النفط والغاز العالمي، وهلمجرا، وتأسيسا على ذلك فإن المطلوب أميركيا-على الأقل-هو الحفاظ على استمرارية العلاقات التركية-الأميركية وفي نفس الوقت السعي بشتى الوسائل من أجل الحيلولة دون أن تصل أنقرا إلى مرحلة الانقلاب الكامل على روابطها مع واشنطن.

- مشكلة السلوك الإسرائيلي : تسبب الأداء السلوكي الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط في جعل السياسة الخارجية الأميركية تواجه المزيد من التعقيدات والمصاعب، فالمصالح الأميركية في المنطقة أصبحت أكثر عرضة للخطر، إضافة إلى أن لجوء أميركا إلى الضغط على مؤسسات المجتمع الدولي لحماية ظهر إسرائيل، أدى إلى تزايد نزعة العداء والكراهية في أوساط الرأي العام الإقليمي والعالمي لأميركا، وحاليا، يدور حوار ونقاش كبير في أوساط رموز الإدارة الأميركية والخبراء الأميركيين حول كيفية ضبط السلوك الإسرائيلي، بما يتيح للإدارة الأميركية من جهة حماية المصالح الأميركية، وفي نفس الوقت من الجهة الأخرى حماية نفسها من استهداف جماعات الضغط واللوبيات الأميركية الداخلية المرتبطة بإسرائيل.

- مشكلة حرب العراق : مع اقتراب موعد انسحاب القوات الأميركية من العراق بدأت تظهر المزيد من الأصوات الأميركية المطالبة باستمرار الوجود العسكري الاميركي في العراق، وعلى وجه الخصوص في داخل الكونغرس الأميركي، وبعض الكيانات السياسية الأميركية ذات النفوذ المؤثر في عملية صنع قرار السياسة الأميركية إزاء العراق ومنطقة الشرق الأوسط.

- مشكلة حرب أفغانستان : اتخذت حرب أفغانستان مظهر سيناريو الحرب الطويلة التي بلا نهاية، وفي هذا الخصوص، فقد تزايدت الخلافات الأميركية - الأفغانية، والخلافات الأميركية-الأميركية نفسها فيما يتعلق بمدى جدوى حرب أفغانستان بالنسبة لأميركا.

- مشكلة إيران : سعت واشنطن إلى الضغط من أجل خيار فرض جولة العقوبات الدولية المتعددة الأطراف الرابعة الجديدة ضد إيران، وذلك تفاديا للخيار العسكري، ولكن، وكما هو واضح، فإن أزمة البرنامج النووي الإيراني، سوف تلقي بالمزيد من تداعياتها على الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، والعراق، إضافة إلى تداعياتها الأكبر والأوسع نطاقا، بما أدى إلى دخول البرازيل كطرف في هذه الأزمة.

- مشكلة صعود الصين : لم تنجح حتى الآن محاولات الاستراتيجية الأميركية الهادفة إلى احتواء القدرات الاستراتيجية الصينية، وتشير التقارير إلى أن تزايد صعود القدرات الصينية سوف يجبر واشنطن على إعادة النظر في ملفات الهيمنة الأميركية التقليدية التاريخية في منطقة الباسفيك وجنوب شرق آسيا.

- مشكلة صعود روسيا : انهار الاتحاد السوفييتي، ولكن، وبعد فترة وجيزة عادت روسيا لتحل محله، وبرغم اختلاف توجهات مذهبية الاتحاد السوفييتي الشيوعية عن مذهبية روسيا الرأسمالية، فإن التقدم الروسي نحو القارة الأوروبية سوف لن يترتب عليه سوى إحلال الخراب بملفات الهيمنة الأميركية على القارة الأوروبية الغربية.

كثيرة هي الملفات الصعبة، الماثلة أمام السياسة الخارجية الأميركية، وكثيرة هي الأسئلة الحرجة التي مازالت دوائر صنع واتخا القرار السياسي الخارجي الأميركي غير قادرة لا على الإجابة الواضحة عليها، ولا على تقديم التفسيرات الحقيقية المجدية لفهم طبيعتها وأعماقها، وعلى ما يبدو فإن السياسة الخارجية الأميركية سوف تشهد خلال الأشهر القادمة المزيد من صراعات ومواجهات النخب الداخلية : المحافظين التقليديين في مواجهة المحافظين الجدد، والليبراليين التقليديين في مواجهة الليبراليين الجدد، إضافة إلى المواجهات الكلية الدائرة بين أطراف أجنحة الحوب الديموقراطي، وأطراف أجنحة الحزب الجمهوري، إضافة إلى الصراع الكبير حول أجندة السياسة الأميركية بين بين جمهوريين يراهنون على أولوية قضايا أمن المصالح الأميركية الخارجية، وديمقراطيين يراهنون على أولوية قضايا أمن المصالح الأميركية الداخلية..

ماذا تقول التسريبات الجديدة؟

تشير التسريبات الواردة في بعض المواقع الإلكترونية الأميركية المناهضة للحرب، إلى أن جماعات المصالح واللوبيات الأميركية المرتبطة بإسرائيل، وعلى وجه الخصوص المعنية بملفات السياسة الخارجية الأميركية قد بدأت تحركاتها من أجل دفع الإدارة الأميركية باتجاه انتهاج المسارات الآتية:

- ملف تركيا : ممارسة المزيد من الضغوط الأميركية ضد تركيا، بما يتضمن إعادة فتح ملف المذبحة الأرمنية، والوقوف إلى جانب اليونان في ملفات نزاعاتها مع تركيا حول قبرص، والجزر والممرات البحرية، إضافة إلى تكثيف الدعم الأميركي السري لحزب العمال الكردستاني، والقوى السياسية التركية المعارضة لحكومة حزب العدالة والتنمية.

- ملف فلسطين : تشديد الضغوط على منظمات المجتمع الدولي لكي تقبل بحق إسرائيل في ممارسة الحصار ضد قطاع غزة، مع السعي لعقد صفقة تقوم على أساس اعتبارات إفساح المجال لمنظمات المجتمع الدولي لكي تقدم المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة ولكن عبر القنوات الإسرائيلية حصرا!!

- ملف إيران : دفع الإدارة الأميركية باتجاه إعداد مشروع جولة العقوبات الدولية المتعددة الأطراف الخامسة ضد إيران، إضافة إلى الشروع الفوري في إجراء التفاهمات مع روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا، بما يتيح تمريرها في أسرع فرصة، أو على الأقل إضافة إلى المزيد من بنود العقوبات الجديدة، إلى قرار جدولة العقوبات الدولية الرابعة الذي اعتمده مجلس الأمن الدولي مؤخرا.

هذا، وإضافة لذلك، فقد بدأت جماعات المصالح واللوبيات الأوروبية المرتبطة بإسرائيل منذ أمس حملة واسعة من أجل تحسين صورة إسرائيل في أوساط الرأي العام الأوروبي الغربي، وفي هذا الخصوص نشير إلى التحركات الآتية :

- شهدت بعض البلدان الأوروبية الغربية بعض المواكب المظاهرات المطالبة بضرورة وضع حزب الله اللبناني في قائمة الاتحاد الأوروبي الخاصة بالحركات الإرهابية، وتشير التقارير إلى أن بلجيكا وهولندا كانتا الأكثر نصيبا من هذه التحركات، وما هو لافت للنظر أن هذه التحركات تحمل نذر الشكوك باحتمالات أن يكون حزب الله اللبناني خلال الفترة القادمة هدفا جديدا لعمل إسرائيلي جديد في المنطقة!!

- شهدت العاصمة الروسية موسكو، وفي مناسبة نادرة الحدوث، قيام آلاف اليهود الروس بالمظاهرات المؤيدة لإسرائيل، والمطالبة بضرورة قيام الكرملين بتطوير ودعم العلاقات الروسية-الإسرائيلية، إضافة إلى وقف تزويد إيران وخصوم إسرائيل بالأسلحة العسكرية الروسية.

هذا، وتقول التحليلات بأن الإدارات الأميركية الجمهورية والديمقراطية ظلت طوال الفترات الماضية، تعتمد مبدأ الاستباق وعلى وجه الخصوص في الملفات المتعلقة بالسياسة الخارجية الأميركية الشرق أوسطية، ولكن، ما هو لافت للنظر يتمثل في أن مبدأ الاستباق هذا يحمل في داخله مبدأ استباق آخر تقوم به جماعات اللوبي الإسرائيلي الناشطة داخل الكونغرس الأميركي وداخل أجهزة الإدارة الأميركية، وفي هذا الخصوص تسعى هذه الجماعات واللوبيات حاليا لجهة القيام بدفع الإدارة الأميركية نحو اعتماد جدول أعمال لسياسة خارجية أميركية شرق أوسطية جديدة، لا تفسح أي مجال لتوجيه الانتقادات لإسرائيل، وفي هذا الخصوص، تقوم بعض عناصر الكونغرس الأميركي بإعداد المزيد من مشروعات القوانين التي تهدف إلى إلزام الإدارة الأميركية والبيت الأبيض الأميركي بتلبية احتياجات إسرائيل، والالتزام بالمحافظة على الاستمرار في تطوير العلاقات الأميركية-الإسرائيلية، ومن أبرز النقاط التي يمكن الإشارة إليها اضطرار الرئيس الأميركي أوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون لجهة القيام بالضغط على رئيس الوزراء الروسي بوتين من أجل إطلاق سراح اليهودي الروسي فودور كوفسكي المسجون حاليا في روسيا بعد إدانته باختلاس أموال عامة “تقدر بحوالي 6 مليار دولار”، والتورط في أنشطة عصابات المافيا الروسية-الإسرائيلية، وما هو جدير بالاهتمام أن إسرائيل قد منحت الجنسية الإسرائيلية لفودور كوفسكي بما يخلق ذريعة لإسرائيل لمطالبة روسيا بتسليمه لإسرائيل باعتباره مواطنا إسرائيليا.

- المصدر : موقع «الجمل».



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2183150

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع ريبورتاج   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2183150 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40