الشيخ رائد صلاح : الاحتلال «الاسرائيلي» يعمل لتقسيم الأقصى بين المسلمين واليهود ومحاولة اغتيالي ستتكرر.. وهناك يقظة اسلامية عربية بشأن المسجد وقضية القدس

لم يكن اعتناق الناشطة يهودية الاصل، طالي فحيما، للاسلام بسبب معرفتها بالشيخ القائد الرائد رائد صلاح، مفاجاْة لمن حوله، ذلك ان من يتسنى له سبر غور هذا القائد الاستثنائي عن كثب، يجد ذاته مضطرة للوقوف وقفة اجلال واكبار لحقيقته المشرّفة. انه يمثّل فعليا الصورة العملية للقائد القوي المنتمي بالولاء وعهد البقاء لموطنه وابناء موطنه، يتلقى من الناس انفسهم، معلمه العظيم، ارادته....، ثم يضع حياته في خدمة هذه الارادة، ببسالة ووفاء خالصين، ثم يتحرك استجابة لنداء الواجب في ارجاء وطنه المبتلى بصفة اجمالية وفي القدس الشريف على وجه الخصوص، بمنتهى الاصرار والامانة، وكل دليله الى حركته، قيم وطنية وانسانية صافية مئة في المئة، يمسك بها تشبّثاً وايماناً فوق وطن كل ما عليه يهتز ويترنّح بفعل الاحتلال وواقعه المرير.

التقته «القدس العربي» في مكتبه في مدينة ام الفحم وفيما يلي نص الحوار:

 تقوم مؤسسة الأقصى للوقف والتراث التي ترأسها فضيلة الشيخ، بمراقبة ومتابعة ورصد كل انتهاك جديد، هل لك ان تطلعنا على آخر المستجدات في المسجد الأقصى المحتل؟

** يحاول الاحتلال «الاسرائيلي» ان يفرض بقوة السلاح وقائع احتلالية يفرضها كمسلّمات لا يجوز ان تناقش او تخالف، على سبيل المثال وليس الحصر، الاحتلال يحاول ان يفرض «فريضته» انه هو صاحب الكلمة الاولى والاخيرة في كل ما يدور في المسجد الأقصى، فهو يحاول دوماً التحكّم بدخول الناس الى المسجد، فيقوم بادخال من يشاء ويمنع من يشاء من دخول المسجد، ويحاول فرض واقع احتلالي وهو استمرار اقتحامات اليهود للمسجد الأقصى بادعاءين، الاول، يعلنونها بشكل صريح ان لهم حقاً كاملاً في الأقصى وبأن لهم الحق بأداء طقوسهم الدينية داخل المسجد الأقصى، ويدعون ثانياً ملكية ساحات المسجد لبلدية الاحتلال في القدس، فتعريف المسجد الأقصى بالنسبة لهم لا يتعدى كونه مبنى قبة الصخرة والجامع القبلي ذا القبة الفضية الواقع في مقدمة بناء الأقصى، ويدعون ان ما سوى ذلك هو ساحات عامة خاضعة لبلدية القدس العبرية ولها حق التصرف فيها، ومن هذا الباب لا يجد المحتل أي غضاضة باْن يفتح الابواب لآلاف الاجانب ليدخلوا الى باحات الحرم يومياً بهيئات فاضحة وسلوكيات فاضحة داخل المسجد الأقصى، وهذا السلوك الاحتلالي عبارة عن اهداف مرحلية يحاول الاحتلال ان يفرضها كمسلمات نحو طمعه في المستقبل الى تقسيم المسجد الأقصى بين المسلمين واليهود ثم بعد ذلك يطمع المحتل وفق حساباته الاحتلالية لبناء ما يسميه الهيكل الثالث على حساب الأقصى المبارك.

 لقد صرّحت سابقاً ان العام 2010 سيكون عاماً حاسماً بالنسبة للمسجد الأقصى، هل ما زال الأمر كذلك؟

** لا زلت أؤكد واقول بأنني اخشى ان يكون عام 2010 هو العام الحاسم المصيري في حسابات الاحتلال «الاسرائيلي» في مسألة البت ببناء الهيكل الثالث الكذاب على حساب المسجد الأقصى المبارك، لا اقول ذلك من فراغ بل كل سلوكيات الاحتلال وكل تصريحات القيادات السياسية والدينية المرتبطة بالاحتلال تشير الى ذلك بوضوح، ولا يجوز تجاهل لؤمهم وخسّتهم وهم المعروفون بمكرهم.

 كيف تعلّق على رد الفعل العربي والاسلامي الرسمي على ما يتعرّض له المسجد الأقصى المبارك؟

** القضية ليست مجرد تقصير للأسف، ولو اكتفينا بكلمة تقصير لقلنا ان الموقف الرسمي تجاه القدس والأقصى المحتلين موقف واه ومؤلم جداً، وهذا التقصير الكبير غير المعذور لا يمكن الا ان نشير اليه بألم وغضب شديدين، الا اذا تم تبني موقف استراتيجي واضح على الصعيد الرسمي يؤكد ان قضية القدس والأقصى ليست قضية الفلسطينيين وحدهم بل قضية كل الامة الاسلامية والعربية، وعلى هذا الموقف التأكيد على التالي : ما دام الاحتلال «الاسرائيلي» يصر على احتلال القدس والأقصى فهو يصر على اعلان العداء الصريح والمؤذي ضد كل الامة العربية والاسلامية انظمة وشعوباً، ومن حق الامة الاسلامية والعالم العربي ان يتخذا كل الاجراءات المشروعة لردع هذا العداء، وأؤكد مجدداً، بأن الموقف الاسلامي والعربي لن يتحرر من هذا التقصير الكبير جداً ولن يرتقي بدوره الى المستوى المطلوب الا اذا تبنى موقفاً قوياً يلزم «الاسرائيليين» باحترامه.

 بصراحة سيادة الشيخ، هل ما تزال ترجو خيراً من أمة العرب بعد كل ما تعرض له الأقصى دون تحرّك قيادي يليق بقيمة المسجد الأقصى؟

** أرى أمرين يسيران جنباً الى جنب، الأمر الأول هو تصاعد مقلق للاعتداءات ضد القدس والأقصى المحتلين، والى جانب ذلك أرى يقظة اسلامية عربية على صعيد الشعوب والمؤسسات والعلماء والاعلام والاحزاب، باتت تدعو علانية للانتصار للمسجد الأقصى وقضية القدس المحتلة، وما بينهما ثمة تقصير كبير جداً على صعيد الأنظمة الرسمية اسلامياً وعربياً كما ذكرت آنفاً، هكذا أرى الخارطة بإيجاز ومحصّلة هذه الخارطة تجعلني في نهاية الأمر أؤكد متفائلاً، بأن قضية القدس والأقصى قضية منتصرة ما دامت لم تمت في يوم من الأيام في ضمير الأمة الإسلامية والعربية.

 اذاً شيخ الأقصى يعلن رضاه عن الرد العربي الشعبي؟

** كلمة راض لا يمكن ان تتحقق إلا إذا زال الاحتلال «الاسرائيلي» عن القدس والأقصى المحتلين، فأنا لست راضياً عن نفسي أولاً ولست راضياً عن الرد الإسلامي العام، ولا على الدور الفلسطيني، وكيف نرضى والقدس والأقصى يخضعان للاحتلال «الاسرائيلي»، لكني اردت الإشارة الى بشائر يقظة كنا نرجوها وننشدها، لعل المستقبل القريب يحمل المزيد من الأمل ان شاء الله.

 هل يستطيع فلسطينيو الداخل تحمّل المسؤولية الرابضة على اكتافهم في حماية المسجد الأقصى المحتل؟

** فلسطينيو الداخل يملكون القدرة المحدودة لحماية القدس والمسجد الأقصى والوقوف في وجه المخططات الاحتلالية «الاسرائيلية» بما يتناسب مع امكانياتهم وهذا يعني انهم جزء من دور وليسوا كل الدور، وحتى يكون الدور كاملاً فلا بد ان تنضم الى جهودهم جهود كل شعبنا الفلسطيني وكل امتنا العربية والاسلامية، كذلك اهلنا في القدس لهم دورهم الكبير فيما تمر به القدس ولهم دورهم الذي يقوى مؤخراً ويزداد قوة يوماً بعد يوم، فبعد فضل الله تعالى ولولا دور الاهل في القدس لكانت قضايا كبيرة في عداد النسيان الآن، مثل قضية الشيخ جراح وقضية حي سلوان، فضلاً عن تواجدهم اليومي في المسجد الأقصى المبارك، والى جانبهم اهلنا في الداخل ليشكلوا حماية بشرية للأقصى، فأهلنا واهل القدس يتواجدون في المسجد منذ صلاة الفجر حتى العشاء، هناك التفاف فلسطيني في القدس المحتلة من مختلف الوان الطيف الفلسطيني وكل فصائله من اجل نصرة المسجد الأقصى، نحن الآن مطالبون بالحفاظ على المسجد الأقصى وحتى نحافظ على المسجد يجب علينا ان نحافظ تلقائياً على كل مدينة القدس المحتلة وليتم هذا الأمر يجب على امتنا العربية والاسلامية وعلينا نحن في الداخل الفلسطيني دعم صمود اهلنا في القدس المحتلة، فهذه العناصر الثلاثة هي مشروع متكامل نحاول تحقيقه بكل طاقاتنا وامكانياتنا.

 اشرت في السابق، الى أن كنيسة القيامة في المدينة المحتلة تتعرض لاعتداء، هل من تفاصيل؟

** نعم تتعرض الى اعتداء مباشر من منطلق احتلالي قد يغيب عن بالنا او حساباتنا ومن الواجب ان نذكر به وهو سعي الاحتلال «الاسرائيلي» لوضع اليد على كل املاك كنيسة القيامة، ولذلك من يقف على حقيقة هذا الأمر يجد ان هناك عقارات ثمينة جداً اصبحت تحت سيطرة الاحتلال «الاسرائيلي» وما نعلمه ان محاولات الاحتلال «الاسرائيلي» لا تزال مستمرة حتى الآن لوضع اليد على ما تبقى من هذه الأوقاف المسيحية وكأن هناك مخططاً احتلالياً لتصفيتها بالكامل.

 مدّد الاحتلال مؤخراً قرار منعك من دخول القدس، هل سيلتزم الشيخ رائد بالقرار «الاسرائيلي»؟

** ليس من باب الاثارة الاعلامية، وانما من منطلق قناعتي التي ابداً لن اتنازل عنها، وهي انني لا اعترف بكل قرارات المنع «الاسرائيلية» التي صدرت ضدي، والتي حاولت منعي من دخول المسجد الأقصى المبارك او القدس عموماً ذلك انها قرارات صدرت عن الاحتلال، والاحتلال واقع باطل وكل ما يصدر عنه فهو باطل، وعلى هذا الاساس لا زلت أؤكد بأنني انا الذي اقرر لنفسي متى سأدخل الى القدس او المسجد الأقصى دون استئذان من الاحتلال «الاسرائيلي» وهكذا سيظل موقفي وهكذا سيبقى قراري وقد انفذه في وقت اراه مناسباً ان شاء الله تعالى.

 يتوقع فلسطينيو الداخل تكرار عملية اغتيالك، لا سيما وانهم اكثر الناس اطلاعاً على تأثيرك السلبي على مشاريع الاحتلال «الاسرائيلي» في القدس، هل مؤسسة الأقصى والحركة الاسلامية اللتان ترأسهما كذلك المواطنون الفلسطينيون في الداخل جاهزون لفقدانك؟