موقعة الشجرة اللبنانية يوم الثلاثاء الماضي لم تكن فتيل إشعال حرب، بل مجرّد تمرين على إشعال هذا الفتيل. حين بدأت أنباء تتوالى عن المعارك في الجنوب بين الجيش اللبناني، وقوات الاحتلال «الإسرائيلي»، راح الجميع يتساءل حول مدى توسّع هذه المعارك وامتدادها ولا سيما في حال دخول «حزب الله» طرفاً في المعارك.
الدقائق مرّت بطيئة وثقيلة، مروراً كان يؤكّد أن المعارك لن تكون إلا مرحلية. فلا أحد في الوقت الراهن في وارد توسيع رقعة الحرب، التي في حال اندلاعها لن تكون محدودة. هذا الأمر بات مسلّماً به لدى جميع الأطراف المعنية بجبهات المنطقة، بدءاً من «حزب الله» و«حماس» مروراً بسوريا وصولاً إلى إيران، إضافة بالتأكيد إلى «إسرائيل»، التي ربما تدرك أن الحديث عن الحرب غير المحدودة لم يعد مدرجاً في خانة التهويل الإعلامي، بل له على الأرض ما يؤكده. وبالتالي فأي حراك باتجاه فتح جبهة، لا بد أن يجر وراءه جبهات إضافية.
مسلّمة ترابط الجبهات تجعل من الحرب الموسعة في المرحلة الراهنة أمراً مستبعداً، ولا سيما أن درجة الجهوزية، أو الرغبة في الدخول في حرب واسعة، ليست واحدة عند الجميع. وحسابات الآخرين ستكون دائماً في أذهان الأطراف الموجودة مباشرة على خط النار، والحديث هنا تحديداً متعلّق بـ «حزب الله»، وحركة «حماس».
فعلى سبيل المثال، لو أرادت «حماس» فتح جبهة قطاع غزّة، لن يكون الأمر قرارها وحدها. التلازم في الجبهات يحتّم عليها معرفة مدى الجهوزية الإيرانية والسورية، وحتى جهوزية «حزب الله» للمساعدة. الأمر نفسه بالنسبة لـ «حزب الله» وسوريا وإيران. ومن المعلوم أن الرغبة في الحرب متفاوتة بين الأطراف الأربعة المعنية مباشرة في أي مواجهة مقبلة مع «إسرائيل» تحديداً. وعلى هذا الأساس فإن أجواء تعبئة سياسية وعسكرية لا بد أن تسبق أي مسعى إلى فتح جبهة من الجبهات.
إلى الآن لا يبدو أن هناك مثل هذا المسعى، ولا مصلحة لأحد اليوم في فتح الجبهة، بل على العكس تماماً . المسعى هو إلى إخماد أي محاولة لتوتير الحدود. هذا ما حصل في موقعة الشجرة اللبنانية، وقبله على خطوط قطاع غزّة حين عمدت مجموعات سلفية إلى إطلاق صواريخ على بلدات غلاف غزّة.
لكن ما حدث على حدود لبنان وقبله في غزة هو تمرين على إشعال فتيل الحرب حين تكون الجبهات مستعدة. التمرين الحالي كان محدوداً، لكن الأمر لن يكون مضموناً في المرات المقبلة. من الأفضل التركيز على قراءة المؤشرات.