بردة اللبدي إلى غزة

بانت سُعادُ وعَصْرُ العِشٔقِ مقتولُ
أكرمْ بِسَيْفِكَ انَّ العزمَ مَصْقولُ
لا الوقتُ رحباً تُراهُ يُسْتَبانُ لَهُ
ولا الفٶادُ يُعاني وَهوَ مَكْبولُ
وليسَ تِْبلٌ أصابَ النَّفسَ منْ غَدِها
وَعزَّ ليلٌ تمطّی وَهو مَفتولُ
أم كانَ حَشْرٌ يُعيدُ البثَّ مُزْدَحِماً
تشوقهُ الروحُ والوجدانُ مَشغولُ
ما لي بِخَولةَ أو لُبنی وما فَعلتْ
ومثلُها عبلُ والبيضُ الزهاليلُ
أيا زهيرُ نساءُ العرٔبِ قد كفرتْ
بمنْ تبقَّی وقد عزًّ البهاليلُ
وَدَعْ مِرانكَ في توصيفِ ناجيةٍ
مشی الحديدُ وطارَ البغلُ والفيلُ
وَما تبقّی بأرض العُرْب منقبةٌ
وهمّها الأصلُ ذا عَدْسٌ وذا فولُ
لَولا وَفـادةُ إسلامٍ ومغفرةٍ
وبردةُ الفخرِ من مولاي تجليلُ
لما ذكرتكَ في شعرٍ وفي نثرٍ
وما استعدتكَ فالتاريخُ منحولُ

٢

مَهما وَصفتَ فإنَّ النّحتَ بالغُهُ
أو ما نَسجتَ فإنًّ النَّسجَ مشغولُ
لشالِ غزَّةَ أهدابٌ اذا فُرشتْ
فوق العروشِ علی التاريخِ مَسْبولُ
يا مادحَ العِشقِ انَّ العشقَ جَوْهَرهُ
هذا الخلودُ وسّيفُ اللهِ مسلولُ
هنا الملاحمُ والعُشّاقُ سادتُها
من كلِّ ليثّ علا في باعهِ طولُ
قم يا ابنَ سلمی وشاهدٔ ما طربتَ لهُ
فلا جمالٌ ولا بيضٌ ولا غولُ
هنا أحبةُ من قبّلتَ جبهتَهُ
هنا الرسالةُ والإيمانُ مَجبولُ
اني عشقتُ جَمالاً لا نَظيرَ لهُ
فيه الجَلالُ وأمرُ اللهِ مَفعولُ
أرختْ ستاراً علی الماضينَ مُذ وثبتْ
والناسُ حَيْری فمأخوذٌ ومَسْطولُ
ظنَّ العداةُ بأنَّ الموتَ يُفزِعُها
إذ بالحصارِ وقودٌ وهوَ مَوْصولُ
نسّاجةُ العزّ في اترابها نبَغَتٔ
عَصف ٌ تجلّی وَحتماً فهو مأكولُ

٣

تسعونَ تَتْری وفيها كلُّ مَذْبَحةٍ
تجلو المظالمَ حيثُ العَدلُ مَكْبولُ
شَنّوا عليناً حُروباً لا انقضاءَ لها
وشرَّدونا عنِ الأوطانِ ترحيلُ
كَمِ احتلالٍ تَجَرَّعنا بِمَوْطنِنا
وكم بلاءٍ تَخطًّفنا بِه غولُ
وكلُّ ذَنْبِ فِلسطينَ التي ابتُلِيتٔ
بأنها القدسُ والأنباءُ تَفصيلُ
وَمطْمَعُ الشرِّ فيها أَنها سَلِمٌ
شعبٌ صغيرُ ولكن عزمهُ النُّولُ
وَكلَّ عَصْرٍ صَرَخنا ظُلمَنا شَرَراً
أتواْ حَجيجاً وفيها القولُ معسولُ
عرقوبُ أدنی وعوداً في مراتبِها
فيها الأكاذيبُ تصنيعٌ وتجميلُ
أكانَ ذنبُ بلادي أنها عَسَلٌ
تُقري المشرَّدَ أمناً وهوَ مكفولُ
وكلّما جاءَها ضيفٌ تَقدّمَ كفُّها
أندتْ ومدَّتْ وكلَّ الوقتِ مبلولُ
قَدٔ قَتّلوهم عَلَی سَفَهٍ وحاسَبنا
ابنُ الفرنجةِ تدليسٌ وتضليلُ

٤

فما اسْتقاموا علی المَعروفِ ينهشُهم
داءُ العجولِ وهم أصلاً أباطيلُ
وَكَمْ تكشَّفَ ما خاطوهُ من كَذِبٍ
وكلَّما حَفَروا فالطَّمرُ مَذهولُ
كلُّ الأَلاعيبِ مفضوضاً طلاسمُها
غدتْ وعهنُ البِلی لا بدَّ منفولُ
كمْ في الجراحِ تحمّلنا الأذی صبراً
وما احتملناهُ تأباهُ العقابيلُ
حتی تجاوزَ بالأقصی لهم كيدٌ
وبانَ حقدٌ لبيت اللهِ محبولُ
تجهّزَ الصِّيدُ والفرسانُ غُدوتُهم
لكسرِ نابٍ وَبزلٍ فيهِ تَعطيلُ
رَمی بهِ اللهُ حَقْويْها فَدّمرها
وطاف طوفانُ عزِّ فَهوَ مَجٔدولُ
قد شاءِ خالدُها وَكْزاً فَأوْرَثَهُ
ربُّ البرايا فتوحاّ فيكِ تعجيلُ
بنصفِ يومٍ وَفرّوا وجهَ قَسْورةٍ
سِلاحهُ الرّعبُ تكبيرٌ وتهليلُ
أينَ الأخابيلُ ما صِغْتُم وَسَوّقها
كلُّ المطايا وَوَهْمٌ فهو مَشلولُ

٥

عَصَفْتَ بالبُهْتِ حتی صارَ منخلعاً
عَدَلْتَ ميزانَها والحقُّ مَعْدولُ
جاءوهُ مَوْجاً فأنيابٌ مبرَّزةٌ
تهديدُ غلٍّ تباشَرَها المَخابيلُ
هذا ابنُ حيدرَ ما همَّ النقيقُ ولا
للكسرِ اْن حلَّ تبديلٌ وتعديلُ
هيهاتِ منهُ نوالاً ما حَشَدْتَ لهُ
يقودهُ الآيُ والقرآنُ مَحْمولُ
ما بارزوهُ كما أبدی وما بَرزوا
سِوی لهدْمٍ وجبنُ القتلِ تنكيلُ
غربانُهم حَصَدتٔ وما لرصدِ سِوی
طفلٍ عجاٸزَ بالأرحامِ تقتيلُ
علی النِّساءِ وولدانٍ رَمَوأ حِمَمَاً
فلا حَرامُ ولا قانونُ مقبولُ
دكّوا المساجدَ والأخلاقَ ما هَدَموا
هاتوا الشراٸعَ كي تبلو الغرابيلُ
صمّ وبكمٌ عَلی التَّجويعِ عالمُهم
سوی ابن حرٍ بكلٍّ أنتَ مخذولُ
أيُّ الخَلاقِ سَيبقی غابُهم حُكِمتٔ
يقودُها اليومَ مأفونٌ ومخبولُ

٦

إن ضاعَ دينٌ وعِرقٌ دسّهُ خللٌ
فكيفَ ينجو أمامَ اللهِ تعليلُ
بينَ الدماءِ حرامٌ والرَّدی نَشِطٌ
قيلَ الصيامُ وفطرٌ ثمًّ مَعْمولُ
أتَحْسَبونَ سجّلاتٍ قد امتلٸتْ
قاضي السماءِ تٶخّرهُ العقابيلُ
واللهِ إنَّ مواعيداً قد انتصبتٔ
وما العواقبُ في الخذلانِ معطولُ
هيَ القَعودُ ولطخاتٌ قد اختمرتْ
ما طاقَ سوأتها ماءٌ ومِنديلُ
يا غزةُ العهدُ لن يُنسی إلی أَبدٍ
وقالَ ربُّكِ إنَّ العهدَ مسٶولُ
فوًّضتِ أمركِ في الباغينَ قاصِمَهم
تباركَ الربُّ والأيامُ توكيلُ
ما همّكِ الغدرُ والنكرانُ مُبعَثُهُ
حكماً تثبَّطََ مَوصومٌ ومَعلولُ
بشراكِ نَصْراً وفَتْحاً عاجِلاً كَرماً
للقدسِ سيفٌ ونصرُ اللهِ مأمولُ
ستونَ حُقَّت وَحُقَّ المَجْدُ منزلةً
علاهُ دمٌ بدربِ القدسِ مبذولُ
دع عنكَ بٶساً علاهُ النقُّ منكشفاً
في الكاشحينَ وغلٌ فيه تنميلُ
هذا لعمرك نشري نصفَ بردتها
وفي الخواتيم نصفٌ وهوَ محصولُ
إذكرٔ لغزةَ في البلدانِ معجزةً
واليومَ غزةُ تأصيلٌ وتبجيلُ

أيمن اللبدي
الجمعة _ ٣ شوال ١٤٤٥ هـ