الخميس 15 أيلول (سبتمبر) 2011

مصر - «إسرائيل» والمواجهة المؤجّلة

الخميس 15 أيلول (سبتمبر) 2011 par حسام كنفاني

لم تكن «إسرائيل» تنظر يوماً إلى الحدود مع مصر، منذ توقيع «اتفاق كامب ديفيد» ومن ثم تفكيك المستوطنات في سيناء، بأنها «حدود آمنة مئة في المئة». فرغم غياب الجيش المصري عن الحدود، وفق «اتفاقية السلام»، كانت الدولة الصهيونية تأخذ الكثير من الحذر في التعاطي الأمني مع «الجار الجنوبي».

ما حدث يوم الجمعة الماضي أمام السفارة «الإسرائيلية» في القاهرة واقتحام مجموعة من الشبان للمبنى، جاء ليؤكّد للكيان ما كان يخشى منه منذ سقوط النظام السابق وتسلّم العسكر مقاليد الحكم في البلاد. القناعة اليوم في «إسرائيل» هي أن العلاقة مع القاهرة لن تعود كما كانت، حتى إنّ أحد الضباط «الإسرائيليين» ذهب إلى حد القول إن الحدود مع مصر أكثر توتراً من تلك التي مع لبنان. تصريح يحمل الكثير من الدلالات عن الحذر الجدي من تحوّل الخطوط الجنوبية خطوطَ مواجهةٍ.

غير أن المواجهة بين مصر و«إسرائيل» لم تصل إلى المرحلة الحتمية بعد. هي مؤجلة في الفترة الحالية إلى حين استتباب الأوضاع في أرض الكنانة. فترة قد تطول وقد تقصر، تبعاً للظروف التي تحكم المرحلة الانتقالية في مصر، ولاسيما لجهة اطمئنان العسكر والإسلاميين إلى أوضاعهم، على اعتبار أن هذين الطرفين ستكون لهما الكلمة الفصل الفترة المقبلة.

عسكر مصر، الذين تربطهم علاقات وثيقة بالولايات المتحدة، ليسوا في الفترة الحالية في وارد زيادة حجم التخبط الذي يعيشونه، والإرباك الظاهر في إدارتهم لعملية نقل السلطة، التي تثير الكثير من الانتقادات، إلى حد رفع شعار إسقاط حكم العسكر في بلد كان إلى الأمس القريب يرى في الجيش «قدس الأقداس».

مساعي العسكر للاحتواء وتجنب المواجهة برزت في قرارات إعادة تفعيل قانون الطوارئ وتوسيع نطاقه، وهو ما وضع مكاسب الثورة المصرية في دائرة الخطر، ومن شأنه أن يزيد من النقمة على المجلس العسكري الذي يبدو مستعداً لاستيعاب الغضب الداخلي لمنع الغضب الخارجي، وأساساً هم غير مهيئين لمواجهة دبلوماسية أو عسكرية.

الطرف الثاني في المعادلة يتمثّل في الإسلاميين، وتحديداً الإخوان المسلمين الذين لم يكونوا، خلال السبعين سنة الماضية، أقرب إلى الحكم مما هم عليه الآن. الحركة الإسلامية انتظرت طويلاً أن تأتي الفرصة، ومرّت بمراحل الملاحقة والحظر والعمل السري، إلى أن بانت لها ملامح السلطة اليوم، وبالتالي فإنها غير مستعدة لإضاعة هذه الفرصة. وعلى هذا الأساس فإنها ساعية إلى تجنيب البلاد أي خضّات أمنية أو سياسية تؤدي إلى إطالة مرحلة الفترة الانتقالية، وتمكين الجيش من تكرار تجربة «حكم الضباط الأحرار» التي تلت ثورة يوليو/تموز 1952.

مرحلة العلاقة بين مصر و«إسرائيل» في الفترة المقبلة ستعود إلى مربع الهدوء، ولو المؤقت، إلى أن يحين موعد المواجهة التي قد تكون آتية لا محالة، غير أنها مؤجّلة إلى أجل غير مسمى.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2182875

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2182875 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40