ينبغي أن تؤمّن حركة «حماس» أسيراً جديداً من أجل الإفراج عن مزيد من الأسرى في سجون الاحتلال، فالذين لم يفرج عنهم في صفقة تبادل الجندي شاليط يشعرون الآن، ويدركون تماماً أنّ خلاصهم منوط بأسير آخر، وأنّه لا مناص من هذا الواجب الوطني العظيم، وإن لم يكن من خلال «حماس»، فليكن من خلال أيّ تنظيم آخر، بطبيعة الحال، فإنّ صفقة التبادل الأخيرة كبيرة وعظيمة، وإنجازها على ما أعلن عنه تعدّ انتصاراً لحركة «حماس» والشعب الفلسطيني برمّته، كما أنّ منها تأكيد على المضي قدماً بالمقاومة كنهج وخيار حتى استعادة الحقوق الفلسطينية كاملة وغير منقوصة.
في خلفية الصورة، يصبح محمود عبَّاس رئيس السلطة في رام الله منتظراً قرار مجلس الأمن والأمم المتحدة على طلبه الاعتراف بدولة فلسطينية كاملة العضوية بالجمعية العمومية، ومثل هذا الانتظار الممل الذي لا يؤمّن إفراجاً عن مجرد أسير واحد، إنّما هو مدعاة للحزن والسخرية أيضاً.
فلو أنّ عبَّاس ذهب لمجلس الأمن والأمم المتحدة معتصماً فيها من أجل الإفراج عن الأسرى، أو حتى النساء والأطفال منهم فقط، لكان الرأي فيه مختلفاً، أما وأنّه مدرك أنّ ما يقوم به لا يقدّم ولا يؤخّر بقدر ما يعيق أيّ تقدّم، وأنّ خياره الوحيد والنهائي الذي حدده بالمفاوضات ثم المفاوضات، لن يحقق له أيّ أنجاز يذكر، فإنّ بساط الشرعية في هذه الحالة لم يعد يخصّه أبداً، وبات من واجبه الاعتذار من الشعب الفلسطيني والتنحّي عن رئاسة المنظمة والسلطة، وتركهما لمن يقدر على مقارعة العدو ومقاومته وفرض إرادته عليه.
الأسرى المحررون سيكونون طيوراً للحرية، ومشاعل نور للمقاومة، وهم دلالة لا تقبل اللبس على أنّ الحق الفلسطيني لن يعود إلاّ بالمقاومة، والتي ليس منها «مقاومة» محمود عبَّاس.