الأحد 13 حزيران (يونيو) 2010

بين الزورق والطائرة : الاختطاف مثل الضياع..!

الأحد 13 حزيران (يونيو) 2010 par أيمن اللبدي

كابينة القيادة في حركة «فتح» تعمل منذ فترة بنظام طيار آلي جديد مبرمج فقط بحسب أغنية حليم «على حسب الريح»، والإنزال الإجباري لمعظم ركاب الطائرة تم في الجو دون مظلات «براشوتات» وأحياناً دون واقيات، طبعاً أقصد واقيات البرد من الارتفاعات الشاهقة، والطائرة إجمالاً مختطفة حتى دون إعلان اختطاف فهو غير ضروري، لأن بعض القراصنة الجويين هذه المرة هبط على هذه الكابينة نفسها وكأنه يهبط على ميراث والديه، وطاقم «السيرفس» في منظمة التحرير الفلسطينية الذي يقوم بأداء خدمات الضيافة والترفيه أيضاَ وضعه معذور، أو ليست هذه هي الكلمة المناسبة في الواقع، إذ لا عذر في هذه القصة بل هو مفهوم دون إضافة، مثله مثل طاقم عروض الأقنعة التي يتولى أمر الإشراف عليها لخاطفي الطائرة موظفو ما كان يعرف بالمجلس الوطني الفلسطيني قبل عدة عصور.

وعلى ذلك فأن يمر موقف خضوع السيد محمود عباس لجلسة استجواب أمام لجنة مكونة من ثلاثين داهية في «إيباك» مرور الكرام على هؤلاء جميعاً، بما تم تسريبه علناً من إجابات السيد محمود عباس لهذه اللجنة حول مسألة «الحقوق اليهودية في فلسطين» بما يساوي ما قاله وعد بلفور، لا أكثر ولا أقل، على هذا النحو اللافت من البلادة واللامبالاة وكأنه إعلان في هذه الطائرة المختطفة عن موعد إلقاء عشرة آخرين من الركاب ليلحقوا بمن سبقهم، هو مسألة تحتاج فحصاً وتدقيقاً من كل الزوايا، ذلك أنها لا تحتمل إلا أحد أمرين: إما أن تقدير هؤلاء جميعاً أن لا قيمة لما يقوله عباس أو يوقعه، أو أن مسألة التعاطي مع الواقع تحت بند المناورات –كما يحبوا أن يدعوها منذ أوسلو- هي تبرّر اجتياز كل الخطوط الحمراء في أي وقت.

في الحالة الأولى ستكون المعطيات بالقطع تجاه تفسيرات كثيرة متعددة، ضمنها أن محمود عباس في هذه الحالة، قد ترك له وظيفة الإشراف على حمامات كابينة قيادة الطائرة المخطوفة، وأن الذي يحاول أن يظهر نفسه على أنه صاحب السطوة في هذه المواقع والأثرة غيرة مما كان يفعله ياسر عرفات كعقدة متأصلة لديه، ليس إلا أهون هذه المواقع في بورصة تنافسه مع آخرين مثل دحلان وفياض و ياسر عبد ربه للإظهار الأقدرعلى الذهاب بعيداً في مسألة التفريط بالحقوق الفلسطينية التليدة والطارفة معاً، وأن هذه البورصة إياها لم تعد أمراً يحتمل القناعة بها عن طريق التحليل أو الحدس أو الاستقراء أو ما شئت من العمليات المنطقية والرياضية، فهي أصبحت بهذه الحالة العنوان العريض ولن يكون مجال بعدها لإيهام النفس بأية مفاجئات أو لا معقولية لكل ما سيرد مستقبلاً محتكماً لهذا الوضع.

في الحالة الثانية فإن التاريخ الذي مر بكل حصاده المر والمؤلم ينذرنا بأن هذه المجموعة لم تتعلم بعد من دروس الماضي شيئا قط، وبأن ما افتتحت به مسلسل الانحدار في تاريخ كفاح الشعب الفلسطيني تحت مسمى التكتيك وهي تعرف منه اسمه فقط، كما يعرف بعضها عن الحاسوب هذه الأيام واستخداماته خطوات استقبال البريد وليس إرساله بعد الاستعانة بصديق، وهو ذات الأسلوب والمنحى، ونفس الطريقة التي تم فيها استهلاك أعمدة البيت الفلسطيني بحرقها في مسابقات، من نوع مسابقة ضرورة الحصول على مدخل لأرقام موسوعة «جنس» في موضوع ذي علاقة بشهرة المطبخ الفلسطيني وقدرته الخارقة، وعليه فإن المناورة على موضوع في قيمة الاعتراف للورد «بلفور» بصدق ومصداقية وعده يوم 2 تشرين الثاني من عام 1917، من أجل رضا «الإيباك» وأن تقر عيونه بأن أجهزة الأمن « العباسية- الفياضية» في الضفة تعمل مع صاحب بيت لقمع الجهلة الجاحدين، ولذا فلا لزوم لقلق «إيباك» حول هذه المسألة وأية ملايين من الدولارات يدفعها أوباما، وعليهم أن يتوسطوا مع رجلهم «نتينياهو» ليوافق على مزيد من العديد والعدة في هذا الشأن، ويتيح مزيداً من السكان لهذه الأجهزة فتستريح أجهزته هو، ثم ليوافق على أن يحاضر من خلال شاشة تلفاز «حارة دايتون» في الشعب الجاهل الذي قام على الأقل بثلاثة وتسعين احتجاجاً ومظاهرة ضد وعد السيد بلفور الذي يبدو أنه كان محقاً!

شخصياً لا أجد أن ثمة مفاجئات تستحق أن تسمى بعد هذا بمفاجئات لا من عيار ثقيل ولا من عيار نحيل من أي من هذه المجموعة الشيطانية، ولكن في المقابل فإن رد فصائل تعتلي قصبة المسرح في مدينة دمشق هو المفاجيء، فهو من الخفوت بمكان أنه لم يسمع حتى بمقياس دبيب النمل، وباستثناء بيان باهت «لحماس»أعاد في صياغته بنداً أو بندين لبيانات خرجت عن تيارات فتحاوية وطنية وغيورة على «فتح»، لم يصدر عن قوى وفصائل وشخصيات ونخب ومؤسسات فلسطينية إلا صمت القبور، هل يشترك هؤلاء جميعاً في حالات السيد محمود عباس نفسه وموقعه ضمن طاقم التحكم في كابينة الطائرة المختطفة، أم أن لهم تفسيرات أخرى قد تقود الأيام القادمة لفهمها؟ سؤال برسم هؤلاء وأضع في مقدمتهم الهيئة الجديدة المدافعة عن الحقوق الثابتة.

«حماس» هذه الأيام مشغولة بطريقة ما ،تقتفي فيها أثر مسائل التكتيك إياها في محاولة تقليد السير على الحبال المشدودة التي كان يتقنها في أغلب الأحيان ياسر عرفات، قبل أن يقع عن آخرها الذي تم شده يوم قبل مغامرة أوسلو عام 1993 ويخر شهيداً، وهدفها الأوحد ليس فك الحصار من أجل فك الحصار كما يبدو، وليس الترحيب بالعالم الحرِّ والعالم الإنساني القادم فوق الزوارق والسفن لإغاثة الجائع والملهوف في «غزة»، بقدر ما يبدو هدفها الحصول على اعتراف الغرب وفي مقدمته الأمريكان «بحماس» وحصتها في مسألة الدولة والحكومة والحكم، ويفضّل أن تكون البوابة مع رجب طيب أردوغان فهو أقدر على توفير المدخل من أحمدي نجاد طبعاً، لا سيما بعد حادثة السفينة مرمرة، ولذا فإن السيد خالد مشعل مشغول هذه الأيام بترداد قصة قبول رحيل اليهود عن الضفة وغزة، وستجدوننا بعدها إن شاء الله من الواسعين، أكثر سعة من براغماتية عرفات أو بدائية عباس السياسية.

هذه الفصائل والقوى جميعا- ربما باستثناء الجهاد الإسلامي- رفعت عقيرتها بالبكاء والعويل على قرار طاقم كابينة الطائرة المخطوفة، عدم إجراء الانتخابات والقرعة داخل هذه الطائرة لتبديل المقاعد بين الركاب بين الدرجة السياحية والأولى ودرجة «البزنس» كما كانت تنوي، حيث ألغى هذا الطاقم قراره السابق وطبعاً وضع له تبريراً من جنس نوعية العملية ذاتها في مستوى الهامشي والمراوغ، وبينما كل الطائرة مختطفة وسكان الزورق المختطف الهائم الآخر في غزة يصيحون ويتميزون غيظاً بسبب أن هؤلاء النفر ألغوا جزءً من المسرحية المعروضة، وجد فيه هؤلاء منفذاً لنوع بات الجميع يتقنه في المشهد السياسي الفلسطيني في رقصة المناكفات والفذلكات والكيديات، وكلها في غير الرئيس وفي أبعد قضايا الهامش والطرفية، يضلّلون بها أنفسهم قبل أن يضللوا الآخرين، ومثل هؤلاء فعل ويا للعجب شباب «السيرفس» في الطائرة المختطفة، وليس فقط طاقم الزورق الضائع في غزة على غير هدى ولا كتاب منير، نتيجة تبديل واستبدال يعلمونه حق العلم ولا يحتاجون مثلنا ليدلهم عليه.

أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم، ولكن قبل أن أختم لدي ملاحظة صغيرة أيضا على الهامش الفلسطيني الذي أصبح هو العادة وهو اليومي والمجاني كما تقول قصيدة النثر العظيمة، فرغم أن السيد محمود عباس تتابعه وهو يصل المصيبة السياسية بالخطيئة الوطنية في مواقف عدة ليس آخرها قصة العم «جولدستون»، إلا أنه برغم ذلك عندما يتحدث عن مناسبية وآنية المواقف التي يقفها كثير من خصومه وأولهم «حماس»، يبدو أن معه حق إلى حد كبير في هذه المسألة، فبعد انتهاء أية وصلة باهتة أو حادة للاعتراض والإدانة والشجب والاستنكار، لا يتبعها لا عمل ولا متابعة تذكر ولا تنسى، فبعد أي «شوطة» من أي نوع وضد أي موقف، تذهب الساعات بصراخها ولا ترى بعد ذلك أثرا، فمنذ مسألة القرار الاستشاري الذي صدرته المحكمة العليا الدولية ضد الجدار، مروراً بتقرير جولدستون الأخير، لم نجد من متابعة تذكر ولا نتيجة تعلم لا عند عباس ولا عند «حماس»، بينما تبقى المسائل المتعلقة بهم الحصول على صور تذكارية مع الأوروبيين والأمريكان الزائرين لزورق غزة، قيد الدرس والملاحقة والتذكير، ويا سبحان الله. يوم 2تشرين الثاني القادم عام 2010 هل ستنطلق البيانات والندوات والفلاشات يمنة ويسرة ضد هذا القرار في الزورق والطائرة؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 71 / 2182960

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

7 من الزوار الآن

2182960 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 7


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40