الثلاثاء 16 تشرين الأول (أكتوبر) 2012

الفلسطينيون في لبنان والتضييقات على المهن الصحافية

الثلاثاء 16 تشرين الأول (أكتوبر) 2012

واجهت إحدى المؤسسات الإعلامية مشكلة في توظيف عدد من الشباب الفلسطينيين المتخصصين بقضايا الصحافة والإعلام، باعتبار أن القانون اللبناني لا يسمح بذلك، الأمر الذي أدى إلى إلحاق أذى كبير على مستوى حقوق العمل، بعد أن اضطر القائمون عليه قبول عملهم، لكن دون تسجيل في الدوائر المختصة، خصوصاً أن هناك حاجة لمتابعة الشؤون الفلسطينية في فلسطين المحتلة ولبنان وباقي الشتات، وقد ورد في قانون المطبوعات الصادر في 14/9/1962 وتعديلاته حتى 30/6/1977، في المادة العاشرة، اشتراط أن يكون من اتخذ الصحافة مهنة ومورد رزق لبنانياً، والمادة 22 تشترط في البند (أ) أن يكون لبنانياً، قد أكمل الحادية والعشرين من عمره... وبذلك لا يمكن للفلسطيني في لبنان أن يعتبر قانونياً صحافياً.

أما نقابة المحررين، فقد نصت المادة 90 من قانونها الداخلي على منع الانتساب لغير اللبناني إلى النقابة، وأضافت أنه "يجوز للأجنبي أن يمارس التحرير دون الانتساب للنقابة، وله الحق بالبطاقة الصحفية كمحرر صحفي، شرط أن يكون مأذوناً بالإقامة في لبنان وبالعمل فيه، وأن تكون قاعدة المعاملة بالمثل مطبقة بين بلده ولبنان، وبذلك يستحيل على الفلسطيني المسجل في لبنان ذلك.

وقد أحيل أكثر من فلسطيني إلى المحكمة بتهم جنائية، تتعلق بالمسؤولية عن وجود مؤسسات إعلامية غير مرخصة، كما حصل منذ عدة سنوات في أحد مخيمات صور، وعلى الرغم من أن الدولة اللبنانية تتيح بشكل واسع الحدود حرية الإعلام، إلا أنه عملياً هناك الكثير من التضييقات الممارسة على الفلسطينيين، فقد كرس تاريخ الصحافة في لبنان مساراً حراً في إصدار المطبوعات، وتوسعاً في الترخيص للبث الإذاعي والتلفزيوني، كما شكّل الإنتاج المسرحي والسينمائي مجالات استثمار لا تتنافس فيها الدولة مع القطاع الخاص، بل تطلق يده بحرية، وقد شارك صحافيون فلسطينيون في هذه النهضة الإعلامية في لبنان، خصوصاً في مراحل الستينيات والثمانينات، حيث لمعت عدة أسماء فلسطينية، كما نشر الفلسطينيون وطبعوا وبثوا إعلامهم من لبنان بمنابر وصيغ متعددة.

كما أن مهنة الإعلام والصحافة نظمت قانونياً في لبنان، وأقيمت النقابات لأصحاب الصحف والعاملين المحررين في مجالات الاتصال والإعلام، وتوفرت لهم ضمانات دستورية وقانونية ومؤسساتية لحماية حريتهم، ومنع أي تجاوز حكومي على حقوقهم، وكان لنضالات الصحافيين الأثر الهام في وقوع هذه التطورات التي أدت مرات لإصدار عفو من المشرع، أو لتعديلات في القوانين ألغت ممارسة صلاحية التوقيف الاحتياطي للصحافي، التي كان ينص عليها القانون اللبناني وفقاً للمادة 28 من المرسوم.

كما فتحت الصحف أبوابها في الخمسينيات للعديد من الصحافيين والمحررين الفلسطينيين ممن يحمل الجنسية اللبنانية، وأصله من فلسطين، فهو لبناني قانونياً، وينطبق عليه القانون اللبناني كاملاً، والفلسطيني من لبنان الذي كان يمارس بموجب عقد عمل غير مسجل رسمياً، لذا لم يتمتع بما يناله زميله الصحافي اللبناني في المؤسسة ذاتها، أما الآخر فهو الفلسطيني القادم من خارج لبنان وعمل في الصحافة، ويحمل جنسية البلد القادم منه كمصر والأردن أو إحدى الدول الأوروبية، وهذا ينطبق عليه ما ينطبق على غيره من الصحافيين العرب والأجانب، أي على أساس مبدأ المعاملة بالمثل.

في مرحلة لاحقة (الفترة ما بين 1970-1982) تركزت في بيروت دوائر الإعلام للمنظمات الفلسطينية التي لم تكتفِ بتشغيل وتدريب وتخريج إعلاميين كثيرين من اللاجئين، بل ساهم أيضاً اللبنانيون، بقسط وافر في العمل ضمن هذه الإطارات، لكن في الفترة التي تلت 1982، غاب الصحافي الفلسطيني عن الصحافة اللبنانية لفترة قليلة، لكن عاد تدريجياً، خصوصاً مع انطلاق الانتفاضة الأولى 1987، وتنوعت المساهمات الفلسطينية، لكنها في الصيغة القانونية بقيت في إطار تطبيق القوانين اللبنانية التي أعادت الأمور إلى المرحلة الأولى من الحرمان، ورغم وفرة المواد الإعلامية عن فلسطين ومن إعلاميين فلسطينيين، فإن غالبيتهم من خارج لبنان.

اليوم يلجأ عدد من الفصائل إلى إصدار نشرات صحافية خاصة، تعبّر عن توجهات تلك الفصائل والأحزاب، وتعبّر عن الهموم والمشاكل التي يعيشها المجتمع الفلسطيني في لبنان، داخل المخيمات وقضايا البنية التحتية من كهرباء وماء وطرق، بالإضافة إلى المشاكل الاجتماعية والفقر والبطالة والتسرب المدرسي والخلافات مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، واللجان الشعبية، وخارج المخيمات ومشاكل التملّك والتنقل.. إضافة إلى القضايا الصحية، ومشاكل الأوراق الثبوتية، ويحتوي بعض هذه المطبوعات على مقالات سياسية واجتماعية دولية وإقليمية، كما تفرد جزءاً من صفحاتها للنشاطات الخاصة بالمناسبات الوطنية كذكرى النكبة، ويوم الأرض ذكرى وعد بلفور.. وغير ذلك.

تتذرع الدولة اللبنانية بالخوف من التوطين لحرمان الفلسطينيين من حقوقهم في لبنان، لكن، ألا تشكّل الصحافة إحدى وسائل المقاومة السلمية للضغط باتجاه إنهاء الاحتلال وتحقيق العودة؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 133 / 2182830

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع ريبورتاج   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2182830 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 34


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40