بإمكاننا أن ننزع اسم باراك أوباما وأن نضع بدلاً منه جورج بوش بعد كلمتي الرئيس الأمريكي، ونحن نستمع لتصريحات الرئيس الحالي بعد لقاء نتنياهو . الأسطوانة ذاتها والمواقف ثابتة في تبنيها شبه المطلق لمواقف "إسرائيل"، وكما جرت العادة تصدر تصريحات من البيت الأبيض توحي خداعاً بما يشبه الضغط السياسي، قبل لقاء أي مسؤول "إسرائيلي"، وسرعان ما تتبخّر قبل اللقاء، ما أن يلمس الجانب الأمريكي عدم اكتراث من محدثه "الإسرائيلي" ويسمع منه ما معناه "لقد دفناه معاً" .
أوباما كرر الكلام عن حل الدولتين باعتباره ما زال ممكناً، ولم يقل كيف وما هو دور أمريكا في تحويل هذا "الممكن" إلى واقع، طالما أن عمر الفكرة المطروحة يوازي عمر الرئيس الأمريكي نفسه . لم يحد أوباما عن نهج سالفيه في الإشادة برئيس الوزراء "الإسرائيلي" والثناء على نهجه في المفاوضات مع الفلسطينيين، ولم يفته كذلك تكرار دعوة الطرفين لاتخاذ قرارات صعبة للتوصل إلى "اتفاقية سلام"، مع أن الترجمة الوحيدة لكلمة "الطرفين" هي ممارسة الضغوط على الجانب الفلسطيني .
أوباما بدا منسجماً مع مواقفه الانتخابية واللاحقة وهو يجدد التزام الولايات المتحدة بالحفاظ على أمن واستقرار "إسرائيل" واستمرار تفوّقها على أسلحة الدمار الشامل التي يخزّنها أطفال المخيمات الفلسطينية في ألعابهم، وهو لم يكذب ولم يجامل حين ذكّره بنيامين نتنياهو بعدم وجود دولة صديقة للولايات المتحدة مثل "إسرائيل" .
نتنياهو لم يخيّب ظن حليفه الأمريكي به، وهو بعد أن أعطى أوامره لجيشه بتصعيد العدوان عبر القصف على غزة والاغتيالات في الضفة، والتدنيس في المسجد الأقصى، أعاد إلى مسامع مضيفه معزوفة الاعتراف الفلسطيني ب "إسرائيل كوطن قومي للشعب اليهودي"، وغمز من قناة الإعلام الذي تحدث، كما كل مرة عن ضغوط أمريكية محتملة، ورد بالقول إن ما أسماه "الشعب الإسرائيلي" يتوقع منه أن يكون قوياً ويواجه الضغوطات . ولذلك فهو يعتبر أن مطالبته للفلسطينيين بالرضوخ لمطالبه مقابل "لاشيء" بمنزلة "عرض سخي" وعلى الجانب الفلسطيني أن يأخذه على محمل الجد . ما يمكن أن نعتبر أن نتنياهو "أفحمنا" به هو قوله بأريحية الواثق بنجاح كيانه به، وهو أن الشرق الأوسط مكان معقد وفيه مشكلات كثيرة، وأن المكان الآمن الوحيد فيه هو "اسرائيل" .
من الطبيعي جداً أن يقول نتنياهو وغيره من المسؤولين ووسائل الإعلام والمحللين في الكيان هذا الكلام، فالبنادق استدارت لتتوجه من يد العربي إلى صدر العربي، ومن زناد المسلم إلى رأس المسلم، ليصبح الكيان المغتصب للأرض العربية والمقدسات الإسلامية والمسيحية، خارج دائرة الصراع، بل ولدى بعض المنظّرين الفلسطينيين والعرب في دائرة الأصدقاء، بحيث يشاركون في ندواته ومؤتمراته ونشاطات جامعاته التي يقاطعها كثير من الأكاديميين البريطانيين، في مفارقة مخجلة ومقرفة .
طالما أن فلسطين أصبحت صداعاً ووجع رأس، بنظر بعض الإعلاميين العرب من أنصار "إملأ فمه ذهباً"، فإن من المنطقي أن يتبجّح نتنياهو بهذه المواقف إلى أن يأتي الوقت الذي يكتشف فيه، هو والواقعون في غرامه من المأجورين، أنهم نظروا إلى النصف الفارغ من الكأس .
الأربعاء 5 آذار (مارس) 2014
نتنياهو والحليف الأمريكي
الأربعاء 5 آذار (مارس) 2014
par
أمجد عرار
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
20 /
2487024
ar الإعلام المركزي أرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.19 + AHUNTSIC
286 من الزوار الآن
2487024 مشتركو الموقف شكرا