الأحد 3 آب (أغسطس) 2014

قضية فلسطين إلى الواجهة من جديد

الأحد 3 آب (أغسطس) 2014 par ياسر الزعاترة

من يتابع ردود الأفعال العالمية؛ شعبيا ورسميا على ما يجري في قطاع غزة لا يمكن إلا أن يدرك أن قضية فلسطين قد عادت إلى واجهة الأحداث من جديد، هي التي عاشت في الهامش طوال الأعوام الأربعة الماضية، أولا بسبب ربيع العرب وثوراته التي أشغلت الأمة، وثانيا بسبب المسار البائس الذي اختطته القيادة الفلسطينية منذ أعوام وجعل من القضية مجرد نزاع هامشي يُحل في الأطر التفاوضية كأنما هو نزاع حدودي بين دولتين، وهو وضع لم يتوقعه نتنياهو حتى في أسوأ كوابيسه، وهو يقرأ نتائج عدوانه على قطاع غزة، هو الذي كان يعيش أبهى عصوره على الإطلاق، إن كان بما يجري في المنطقة ويصب في صالحه، بخاصة ما يجري في سوريا التي استنزفت الجميع (النظام وحلفاؤه هم السبب بطبيعة الحال)، أم بوجود قائد فلسطيني لم تعرف القضية له مثيلا في مستوى تنازلاته ورفضه للمقاومة التي لا يوجع الأعداء شيئا سواها.
ما يبدو هو أن هذه الأجواء الاستثنائية جميعا قد أغرت نتنياهو باستعجال قطف الثمار؛ فأراد أن يركّع حماس كحركة متمردة، ومعها قوى المقاومة الأخرى، وقطاع غزة كإقليم متمرد يراكم أسباب القوة على حدود كيانه (أعني نتنياهو)، ثم يدمج بعد ذلك الساحة الفلسطينية (ضفة وقطاع) في مسار التفاوض العبثي الذي لن يعطي الشعب أكثر من دولة في حدود الجدار على حوالي 10 في المئة من مساحة فلسطين التاريخية، لكن النتائج لم تأت كما توقع، وربما معه أنظمة العرب التي تؤيده، وإن كان برنامجها مختلفا، ويتمثل في شطب ربيع العرب، وضرب الإسلام السياسي.
ما ينبغي قوله ابتداءً هو أن الصمود البطولي الذي سجلته المقاومة هو الذي أفشل المخطط قبل أي شيء آخر، فشعوب العالم تتعاطف مع الضحايا دون شك، لكنها تتعاطف أكثر بكثير مع المقاومة والبطولة والصمود.
اليوم، يتابع الكيان الصهيوني وقادته ما يجري في طول العالم وعرضه، ويرون بأم أعينهم كيف تسقط دعايتهم في الوحل، وكل ما يقومون به من أجل إظهار أنفسهم بمظهر المعتدى عليه يبوء بالفشل، وها هي فلسطين تستعيد بهاءها في طول المنطقة وعرضها، وها هي جماهير الأمة التي اختلفت (نسبيا) في محطات كثيرة خلال الربيع العربي تُجمع على دعم غزة في نضالها البطولي ضد الاحتلال.
هذا المشهد العربي والدولي يتحول كابوسا بالنسبة لنتنياهو والمجتمع الإسرائيلي المنقسم بدوره على العدوان على غزة، والمنقسم أيضا حول آلية التعامل مع القضية برمتها. وحتى لو قيل إن الدول الكبرى لا زالت تردد الكلام البائس إياه عن حق “الكيان” في الدفاع عن نفسه، فإن أحدا لا يمكنه تجاهل بعض الانقسام في الأوساط السياسية الغربية حول ما يجري بشكل عام.
بل إن تيارا عربيا لم يلبث هو الآخر أن دخل مأزقا أكبر بكثير من مأزقه بمطاردة ربيع العرب.لا شك أن تحولات الموقف العربي تمنح الكيان فرصة غير مسبوقة، لكن ذلك كله سيجدد ربيع العرب من جهة أخرى، ما يعني أننا إزاء مكسب آني رغم أهميته واستثنائيته في تاريخ الصراع.
هكذا كانت نتيجة هذه المواجهة فضيحة للكيان، ولا شك أن الفضل كل الفضل في ذلك هو للرجال الذين وصلوا الليل بالنهار من أجل بناء ما يمكنهم من قوة، ثم كانوا في الميدان كأحسن ما يكون الأبطال في مواجهة عدوهم، فلقنوه من الدروس ما لن ينساه أبدا، وزرعوا في وعي الأمة ملحمة بطولة وكرامة ستبقى ماثلة في ضمير الأجيال كما كثير من الملاحم البطولية في تاريخنا المجيد.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 86 / 2182721

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

22 من الزوار الآن

2182721 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 24


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40