الضفة المحتلة ومعها العاصمة المقدّسة تغلي كالبركان، وهي تهيء المسرح هناك لتطور تاريخي لا بد قادم ربما خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة على أبعد تقدير، وأهم سمات هذا الغليان أنه بات أفقياً وليس فقط عمودياً، وفي عدة مواقع في الأرض المحتلة، لا سيما وأن الأيام الأخيرة شهدت بوضوح الاشتباكات المسلحة العنيفة في جنين ونابلس ورام الله وطولكرم.
لم تعد كتيبة جنين كتيبة يتيمة في الأرض المحتلة، بل أعلنت المقاومة نسخها في نابلس وفي طولكرم وفي رام الله بتوقيعاتها على عملياتها الأخيرة وبشكل واضح، دون أن يكون للجملة الأمنية الصهيونية والسلطوية معاً أي قدرة ليس فقط لمنع ذلك وحصاره، بل حتى لتوقعه والتنبؤ به في الحراك المستمر حتى الساعة، وبتنسيق عالٍ بين أذرع المقاومة المختلفة.
عادت كتائب شهداء الأقصى مجدداً تطلّ من جديد في الضفة المحتلة، بعد أن وصل مقاتلوها إلى قناعة أكيدة أن المسارات السلطوية هي مسارات مأزومة لم تنتج للفلسطيني غير إطلاق يد الاستيطان وتأمين المستوطين الذين فتكوت بالأرض والمقدسات والممتلكات، وأن الديباجة إياها وفزّاعات« المنسق الصهيوني» التي يلقنها لحسن الشيخ ومن حوله بخصوص خطر حماس ومؤامرات المقاومة المفتعلة ضد« فتح» ليست إلا أحابيل شيطانية لا رصيد لها من الحقيقة.
والأهم بالنسبة إلى الكادر الفتحاوي، هو مسلسل الخسارات المتتالية شعبيا وانتخابيا، ومسلسل التراشقات والتنابذات المتتالية داخلياً من قبل مجموعات كان كل اهتمامها ولا زال منصباً على اقتناص وراثة عباس في مواقع السلطة والمنظمة و«فتح» حال قرار انتهاء أو انهاء صلاحيته، حتى وهو لا زال يختار شركات أولاده للحظة الاخيرة للفوز بمناقصات وترسيات وتلزيمات السلطة التي نهبوها ولا زالوا ينهبون.
المقاومة المسلحة عائدة لشوارع وحارات وأزقة ومخيمات الضفة وقراها، وستجد هذه المرة تجديد الاحتضان الشعبي لها، بل ومواجهة كل من سيحاول أن يخمدها لصالح العدو كما فعلوها مرة بعد العام 2000 واغتيال القائد أبو عمار، لكن هذه المرة لن يفلحوا أبدا، وفعلا الغضب الساطع آتٍ....