ليس بعض السياسيين الفلسطينيين من جنس الملائكة، بعضهم دارت حوله شبهات فساد، والبعض منهم لديه من الأموال بحيث يستحق أن يوجّه إليه السؤال الأخلاقي .. من أين لك هذا أيها الثوري الذي بدأت من الخندق لكي تنتهي إلى الفندق ببدلة سموكن وربطة عنق من حرير أبيض وأزرق.
ليس بعض السياسيين الفلسطينيين مصنوعين من الهواء بحيث لا نراهم ولا نعاين سلوكهم ونشاطهم البارع في تسوية الدم بالرماد بوجوه لامعة وقلوب مطمئنة باردة كالرخام.
ليس بعض السياسيين الفلسطينيين معصومين من المساءلة والمراقبة والمعاقبة في شبه دولة وشبه مقاطعة نفخوا فيها الكثير من الهواء السياسي فتضخمت وتضخمت معها ثقافة هؤلاء الذين يديرون رؤوسهم وظهورهم للتاريخ وللجغرافيا معاً.
ألا يستحق هؤلاء شيئاً من عبق الربيع؟ .. أم أن الخريف الفلسطيني هو فصل الفصول في أرض يتم التخلي تماماً عن ذاكرتها المضيئة بشلالات من الدم والدموع؟
أيها الفلسطينيون .. أين ربيعكم يتساءل كاتب عربي قبل أيام بلسان حال هادئ يجعل وجه الفلسطيني يتصبب عرقاً وهو يرى بلاده وقضيته وشعبه وتاريخه وحتى ذاكرته بلا أي معنى وسط مجموعة من المتنازعين على دولة ولو على ظهر حمار كما كان يقول ياسر عرفات .. وليس على وطن.
إذا كان الربيع العربي قد اشتعل بزهور حمراء في عدد من الأماكن بسبب الفساد، فإن الفلسطيني هو الآخر لديه على الأقل بعض الفساد.
إذا كان الربيع العربي يرفع شعار الرحيل، فإن بعض السياسيين الفلسطينيين يستحقون الرحيل أكثر ممن رحل.
إذا كان الربيع العربي ينادي بسقوط أنظمة، فإن النظام البارد المتخاذل الذي أقامه بعض الفلسطينيين يستحق السقوط المدوّي قبل أي نظام آخر سقط.
إذا كان الربيع العربي زج ببعض رموز النظم السياسية المتآكلة إلى قفص الاتهام والمحاكمة، فإن بعض السياسيين الفلسطينيين هم أول من يستحق القفص والاتهام والحكم.
مقالة .. تتكرر فيها مفردة «بعض» إلى درجة إرهاقها من التكرار، ولكن تلك هي الحقيقة، فهناك سياسيون ونخب فلسطينية شريفة توضع على الرأس وفي بؤبؤ العين لأنها لم تفرّط لا بالأرض ولا بالإنسان، لكنها أقلية مغلوبة على أمرها في محيط خريفي أسوأ من الاحتلال والحصار والنار.
أيها الفلسطينيون اخرجوا من خريفكم والتحقوا بشعاع الربيع.