لم يدم إعلان الدوحة بين محمود عباس وخالد مشعل أكثر من ساعات معدودات حتى بدأ الخلاف يطل برأسه بين حركتي فتح وحماس. كما أن اجتماع القاهرة يوم الـ23 من فبراير 2012 لم يخرج بنتيجة إيجابية بشأن خطوات إجرائية لتحقيق المصالحة. فما لبثت الحركتان أن انخرطتا في سباق تحميل المسؤولية كل للطرف الآخر. ولم ينجح الفريقان في الاتفاق على تشكيل الحكومة المتفق عليها. واستمر الوضع على ما هو عليه من عدم اتفاق على تحقيق المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية الركيزة الأساس للقوة العربية والفلسطينية.
أسباب عدم الاتفاق كثيرة؛ منها على سبيل المثال قضية المعتقلين من النشطاء لدى الطرفين في رام الله والقطاع. كما أن استمرار التعاون الأمني والاقتصادي بين السلطة الفلسطينية والعدو المحتل يشكل عائقا أكيدا أمام أي اتفاق. إلى ذلك فإن العدو يحاول إيجاد الوسائل التي تكفل الإبقاء على حال الشلل والانقسام ـ من ذلك أن المحتلين رفضوا إجراء أي انتخابات تشريعية أو للمجلس الوطني الفلسطيني في القدس المحتلة على أساس أن الكيان الصهيوني يعتبر القدس العاصمة الأبدية الموحدة للكيان الاحتلالي.
كما أن السلطة لا تزال تراهن على المفاوضات بينها وبين المحتلين بدفع أميركي وبالرعاية الدولية للرباعية الخاضعة لإملاءات الإدارة الأميركية. علاوة على أن حماس وبقية الحركات الفلسطينية تطالب السلطة بوقف أي تعاون أمني مع الاحتلال، وكذلك وقف التعامل الاقتصادي معه.
عليه فإن المعيقات كثيرة وتجعل المصالحة تترنح بدلا من استعادة قوتها وقوة دفعها، حيث إن المصلحة الفلسطينية العليا تتطلب أن تكون المصالحة على أسس واضحة منها الاتفاق على برنامج سياسي للمرحلة المقبلة يرتكز على رفض أوسلو ونتائج أوسلو بدلا من التعامل معها ومع نتائجها. وتقف قضية المعتقلين السياسيين في المقام الأول من الخلافات، حيث تطالب حماس بالتخلي عن سياسة الاعتقالات السياسية، بينما تقوم أجهزة رام الله باستمرار في شن حملات اعتقالات في صفوف ناشطي حركتي حماس والجهاد وغيرهم من نشطاء المقاومة بحجة مخالفة القانون الناتج أساسا عن الالتزام بما تتضمنه اتفاقية أوسلو من اشتراطات على الطرفين الفلسطيني والصهيوني. لكن الطرف الصهيوني لا يلتزم بأي من هذه الاشتراطات في حين تلتزم رام الله بما عليها بموجب الاتفاقية، ومن ذلك التعاون الأمني واعتقال كل من يحمل السلاح أو يحرض على مقاومة الاحتلال
المصالحة تترنح وهذه حقيقة مؤلمة تؤكد الخضوع لما تراه الإدارة الأميركية ولما يريده الكيان الصهيوني. والمصلحة الفلسطينية العليا تتطلب التزاما بالثوابت الوطنية والسعي إلى الوحدة الوطنية عبر إنفاذ المصالحة تحت أي ظرف مهما كانت الضغوط الخارجية شديدة.