السبت 26 حزيران (يونيو) 2010
عباس متنصلاً من تفويض الوفد : لا استطيع إغضاب مصر

كواليس اجتماعات وفد منيب المصري ولقائه بعباس

تقرير هام وخطير يكشف بالحقائق خفايا وأسرار تعثر المصالحة الفلسطينية
السبت 26 حزيران (يونيو) 2010

كشف مصدر فلسطيني مطّلع عن حقيقة ما جرى خلال الأسابيع الماضية بشأن ملف المصالحة بين حركة المقاومة الاسلامية «حماس» و«فتح - دايتون»، وأسباب تصاعد أجواء التفاؤل بقرب تحقيقها، ثم تراجع ذلك وصولاً إلى حالة من التشاؤم والإحباط.

وأشار المصادر الذي شارك في اجتماعات لجنة المصالحة التي شكلها رئيس سلطة رام الله المنتهية ولايته محمود عباس بموجب «قرار رئاسي»، إلى أن الأمور كانت في طريقها إلى الانفراج والاقتراب من اتفاق ينهي حالة الانقسام، لولا اصطدام الجهود بعقبة الرفض المصري وبتراجع عباس عن تفويضه لهذه اللجنة.

فبعد أيام من مجزرة أسطول الحرية توالت وبشكل مفاجئ جهود وأفكار جديدة للمصالحة الوطنية بين حركة المقاومة الاسلامية «حماس» و«فتح - دايتون»، وتتابعت تصريحات قيادة سلطة رام الله باتجاه المصالحة بشكل أثار ريبة معظم المحللين والمراقبين.

اللافت في الأمر كان ما حدث بتاريخ 5/6/2010، عندما صدر قرار من رئيس سلطة رام الله محمود عباس قبل زيارته المعلنة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بتشكيل وفد مكون من أعضاء اللجنة التنفيذية وممثلي بعض الفصائل وشخصيات وطنية، تكون مهمتها بحسب نص القرار «العمل على تذليل العقبات والعوائق التي تحول دون توقيع وتطبيق الوثيقة المصرية المتعلقة بالمصالحة الوطنية».

وحسب نص القرار أيضاً، فإن الوفد الذي يرأسه رجل الأعمال منيب المصري يضم ستة عشر عضواً بينهم اربعة من قيادات «فتح - دايتون» (جبريل الرجوب، عزام الأحمد، غسان الشكعة، محمد اشتية)، إضافة إلى عدد من أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وعدد آخر من الشخصيات المستقلة، بحيث يقوم الوفد بمهامه الموضحة في القرار خلال أسبوعين من تاريخه.

بتاريخ 10/6/2010، عقد وفد المصالحة اجتماعه الأول في رام الله بحضور تسعة من اعضاء الوفد، وغياب الآخرين من بينهم الممثلين عن حركة «فتح - دايتون» لأعذار مختلفة.

وفي هذا الاجتماع - بحسب نص محضره - اتفق المشاركون على بنود مهمة، من أبرزها تحديد مهمة اللجنة بعبارات واضحة، وهي التوصل إلى «تفاهمات فلسطينية فلسطينية يتم التوقيع عليها إما قبل التوقيع على الورقة المصرية أو بالتزامن معها».

اتفق المشاركون على التقدم باقتراح لعقد اجتماع مع عباس لعرض ما توصل له الوفد .

وبعد هذا الاجتماع بيومين (12\6\2010)، استضاف رجل الأعمال الفلسطيني منيب المصري الاجتماع الثاني للوفد في منزله؛ حيث حضر أعضاء من «فتح - دايتون» الاجتماع، بينما غاب عزام الأحمد وجبريل الرجوب، وتم فيه التأكيد على ما اتفق عليه في الاجتماع الأول.

وفي الاجتماع شدّد الأعضاء على ضرورة تمثيل حركة «حماس» بعضوين على الأقل في لجنة المصالحة أسوة بحركة «فتح - دايتون» وجاء في محضر الاجتماع ما نصّه «بحث الاجتماع فكرة ضم عضوين أو أكثر للوفد من حركة حماس حتى يحدث توازن لأن حركة فتح ممثلة».

وفي اليوم التالي، التأم الوفد مجدداً، وبحضور عزام الأحمد، الذي أبدى معارضة شديدة لما تم التوافق عليه في الاجتماعين الأول والثاني، وهو موقف رفضه جميع أعضاء الوفد بمن فيهم أعضاء «فتح - دايتون»، ما أدى إلى تراجعه ورضوخه للإجماع.

وفي هذا الاجتماع - يضيف المصدر - تم الاتفاق على التوجه لرئيس سلطة رام الله وإطلاعه على ما توصلت إليه اللجنة حول مهامها، والحصول على موافقته الواضحة على ذلك قبل التوجه إلى قيادة «حماس» في دمشق وغزة، وتم صياغة كتاب بموقف اللجنة يسلم لعباس.

كما يشير المصدر إلى ان اجتماع اللجنة الثالث شهد استعراضاً لاتصال جرى مع حركة «حماس» في دمشق والتي رحبت بزيارة الوفد .

لقاء رئيس وفد المصالحة مع عباس

أجواء التفاؤل التي سادت أجواء اجتماعات اللجنة، سرعان ما تبددت عند عودة رئيس سلطة رام الله من جولته التي شملت واشنطن والقاهرة، ليسمع منيب المصري حديثاً غير الذي اتفق مع عباس عليه، وهو ما يتضح من خلال المقارنة بين القرار الرئاسي، ومحضر اجتماع منيب المصري مع عباس.

ففي تاريخ 18/6/2010 التقى عباس بمنيب المصري، وخرج المصري من الاجتماع معتبراً موقف عباس الأخير انقلاباً على التفويض الذي حصلت عليه اللجنة.

حيث جاء في محضر اجتماع المصري مع عباس الذي أعده مكتب رئيس سلطة رام الله ما نصّه «يذهب السيد منيب المصري لوحده أو مع عدد قليل من أعضاء اللجنة إلى دمشق للقاء خالد مشعل».

محاولة إنهاء عمل اللجنة وسحب كل صلاحياتها من قبل أبو مازن لم تقف عند حد التدخل في تشكيلة الوفد إلى دمشق، حيث وافق عباس لمنيب المصري أن يقوم لوحده أو مع عدد قليل من أعضاء الوفد - ليس من بينهم أي عضو في «فتح - دايتون» - بزيارة إلى دمشق للقاء رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية «حماس» خالد مشعل.

بل امتدت محاولات إفشال وإنهاء عمل اللجنة من قبل عباس لتحديد الموضوع الذي سيطرح مع مشعل، وورد في المحضر الرسمي الصادر عن مكتب عباس «الموضوع الوحيد الذي يطرح (خلال لقاء الوفد مع مشعل) هو المطالبة أولاً بالتوقيع على الورقة المصرية، وبعد ذلك تبحث كل الملاحظات الأخرى». وهو ما ترك حالة من الصدمة لدى المصري واعضاء وفد المصالحة.

ولم يكتف عباس بكل هذه العراقيل التي وضعها في وجه المصالحة من خلال إفراغ عمل اللجنة من مضمونها، بل وضع اشتراطات سياسية على الحكومة الفلسطينية التي ستتشكل بعد إتمام المصالحة، في خطوة يرى فيها المراقبون إشارة سلبية تهدف إلى إنهاء عمل اللجنة؛ حيث جاء في المحضر ما نصّه «تشكيل حكومة فلسطينية من شخصيات وطنية مستقلة يتفق على أعضائها، وتكون هذه الحكومة ملتزمة ببرنامج الرئيس وأنه من يتولى العمل السياسي والمفاوضات».

لقاء وفد لجنة المصالحة برئاسة منيب المصري مع محمود عباس يوم السبت 19/6/2010 مساءاً كان مفاجئاً لأعضاء اللجنة، وأكد المصدر أن أعضاء اللجنة خاضوا نقاشاً عقيماً وبلا جدوى مع أبي مازن حيث رفض عباس أي فكرة غير أن توقع «حماس» على الورقة المصرية، وحصر مهمة الوفد بإقناع «حماس» والضغط عليها لتوقيع الورقة المصرية، أولاً وقبل كل شيء، وعندما ناقشه بعضهم بأن القرار الذي صدر عنه يشير بوضوح أن مهمة الوفد (تذليل العقبات والعوائق التي تحول دون توقيع وتطبيق الوثيقة المصرية) بدأ عباس محاولة التحذلق والتشاطر على الوفد في تفسيره لمعنى (تذليل العقبات).. وأنها حسب قناعته تعني فقط الضغط على «حماس» لتوقيع الورقة.. وهو ما أغضب الحضور الذين اعتبروه استهتاراً بعقولهم!!.

وقد أصر وفد المصالحة أن ذلك لا يحل المشكلة وأن المطلوب هو معالجة تحفظات «حماس» على الورقة المصرية من خلال تخريجة مناسبة وهي عمل تفاهمات فلسطينية فلسطينية تقدم تفسيراً مقبولاً لهذه التحفظات.

وقد تصدى عدد من الحاضرين للرد على عباس ومنطقه ومنهم السيد حنا ناصر وهاني المصري وقيس عبد الكريم وعبد الرحيم ملوح، بينما لم يسمح عباس لفدوى البرغوثي عضو الوفد - زوجة المناضل مروان البرغوثي - من أن تدلي برأيها..وبعد هذا الاجتماع العاصف والمفاجئ، كان هناك استياءاً بالغاً لدى معظم أعضاء الوفد من تراجع عباس عن مواقفه، واستهتاره بعقولهم، وإعادته للأمور للمربع الأول، وتفريغه لدور ومهمة الوفد من مضمونها.. حيث قرر هؤلاء إنهاء عمل اللجنة المكلفة من أبي مازن، وأنهم سيعملون كمستقلين على إنجاز تفاهمات فلسطينية فلسطينية، ويحاولوا عرضها على كل من «فتح - دايتون» و«حماس»، واعتبروا أنه في الوقت الراهن وفي ضوء موقف عباس، فلا جدوى من زيارة دمشق أو غزة.

العقدة المصرية

التغير الذي طرأ على موقف عباس حول مهمة الوفد، جاء بعد عودته من القاهرة، التي خرج رأس دبلوماسيتها أحمد أبو الغيط بتاريخ 19/6/2010، أي بعد يوم من اجتماع عباس بمنيب المصري، ليعلن رفض أي تعديل على الورقة المصرية، ويزيد على ذلك بالقول : «الموقف المصري مثلما كان دائماً، يجب توقيع الوثيقة من جانب الجهة المعنية حماس كما وقعتها فتح .. لا استعداد لدينا للسماح بأي تعديلات لهذه الوثيقة مهما كان شكل هذا التعديل، سواء تعديل مباشر بتغيير الصياغات أو حتى إضافات عليها في صورة ملحق»، وهو ما يتطابق مع موقف رئيس سلطة رام الله.

وفي اليوم ذاته، وفي اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير برئاسة عباس، والذي خصص الجزء الأكبر منه لموضوع المصالحة، فاجأ عباس الحضور - ومنهم من هو عضو في وفد المصالحة - بالقول إنه طرح على مصر ما أوكله إلى الوفد من مهمات، لكن الرد المصري كان حاسماً بالرفض القاطع وأن المطلوب أولاً هو توقيع الورقة، خاتماً بالقول : «لا أستطيع ان أغضب مصر».

جهود عمرو موسى

بالتوازي مع مساعي وفد المصالحة المكلف من عباس، كان الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى يسمع مقترحاً من رئيس الحكومة الفلسطينية في غزة إسماعيل هنية في ذات الاتجاه، مضمونه أن يجري التفاهم الفلسطيني الفلسطيني حول القضايا الخلافية ويتم توقيع الفصائل على هذه التفاهمات بمباركة مصرية (وعربية إن أمكن) وبعد ذلك يتم توقيع الورقة المصرية، حيث تصبح الورقة المصرية والتفاهمات الفلسطينية هي مرجعية عملية المصالحة الفلسطينية، وقد اعتبر موسى فكرة التفاهمات الفلسطينية مخرجاً لعقدة المصالحة وقد أرسل مقترحاً منه يرتكز على هذه الفكرة إلى دول عربية.

الملفت هنا، هو موافقة الرئيس المصري حسني مبارك على مقترح عمرو موسى حسب ما ذكره عباس في اجتماع تنفيذية المنظمة، وفقاً لمحضر الاجتماع : «حسني مبارك وافق على رسالة عمرو موسى، وكذلك انا وافقت»، وهو ما يتعارض مع تصريحات ابو الغيط والتي قال فيها : «نرى أن هناك الكثير من التقارير الخاطئة التي نشرت عن عملية المصالحة وهي لا تعكس الموقف المصري».

بعد هذه المعلومات، أصبح واضحاً انه وخلال أسابيع قليلة، تم إجهاض جهود المصالحة سواء جهود الوفد الذي شكّل بقرار من رئيس سطلة رام الله محمود عباس، وعاد وتنصل منه بعد زيارته للقاهرة وواشنطن، وجهود عمرو موسى بناء على مقترحات إسماعيل هنية، وتنصلت منها القاهرة، وتبعها عباس، رغم تأكيده أن مبارك نفسه قد وافق عليها.

ملحق الوثائق

- وثيقة القرار الصادر عن رئاسة سلطة رام الله بتشكيل وفد المصالحة ومنحه صلاحية تذليل العقبات التي تحول دون توقيع الورقة المصرية.

- محضر اجتماع منيب المصري بعباس والذي تراجع فيه الأخير عن موقفه من صلاحيات وفد المصالحة.

* الوثائق مرفقة بملف (PDF).


titre documents joints

ملحق الوثائق

26 حزيران (يونيو) 2010
info document : PDF
217 كيلوبايت

- وثيقة القرار الصادر عن رئاسة سلطة رام الله بتشكيل وفد المصالحة ومنحه صلاحية تذليل العقبات التي تحول دون توقيع الورقة المصرية.

- محضر اجتماع منيب المصري بعباس والذي تراجع فيه الأخير عن موقفه من صلاحيات وفد المصالحة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2182225

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع متابعات  متابعة نشاط الموقع في الأخبار  متابعة نشاط الموقع أخبار فلسطينية   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

26 من الزوار الآن

2182225 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40